أعلنت حركة النهضة التونسية التابعة لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين، أنها تواصل اتصالاتها للأسبوع الثالث على التوالي، مع الكيانات والكتل االسياسية الفائزة بالانتخابات البرلمانية، بهدف تشكيل الحكومة وإقناع تلك الكتل بالدخول في إئتلاف حكومي بقيادة الحركة، التي لا تخولها أغلبيتها البرلمانية الضئيلة من تشكيل حكومة من طيف واحد.
ويأتي ذلك، في وقتٍ تستعد فيه الحركة، لعقد ما وصفته باللقاء الإعلامي، في وقت لاحق من اليوم الجمعة؛ لعرض تصورها وبرنامجها الانتخابي للكتل التي لا يزال قياديو الحركة يأملون في إقناعهم بالانضمام إلى الإئتلاف الحكومي.
تقارير صحافية تونسية من جهتها، كشفت أن الفترة الماضية لم تشهد أي تقدمٍ في ملف تشكيل الحكومة، رغم كل محاولات حركة النهضة الاتصال مع التيارات السياسية منذ اللحظة الاولى لإعلان نتائج الإنتخابات، مشيرةً إلى وجود رفض عام بين الكتل السياسية ذات التأثير داخل البرلمان؛ للتحالف مع الحركة، خاصة مع تصاعد الجدل حول قضية الجهاز السري التابع لها والمتهم حتى اللحظة بتنفيذ عمليات تصفية واغتيال لشخصيات سياسية، إلى جانب ملفات الفساد التي شابت عمل الحكومات السابقة التي شكلتها الحركة.
محللون سياسيون، أشاروا في تصريحات إعلامية، إلى أن ثقل ملف حركة النهضة على الساحة التونسية، وتوجهاتها، وأجنداتها الغامضة بالنسبة للشارع، تجعل من التحالف معها أو مشاركتها في أي إئتلافٍ حكوميٍ بمثابة انتحارٍ سياسيٍ عملي.
خاصة في حال ثبتت الاتهامات الموجهة للتنظيم وأفراده، لافتين إلى أن المرحلة السياسية التي تشهدها البلاد لا تحتمل وقوع أي حزب سياسي في موقع الشبهة، لا سيما وأن تونس تعبر مخاض ولادة جمهورية حقيقية مختلفة عن كل المراحل التي سبقتها، وأن الأحزاب سيكون رصيدها هو الشارع والمواطن التونسي بعيداً عن أي تبعيات أو زعامات أو أجندات، على حد قولهم.
إلى جانب ذلك، لفت المحللون إلى أن الشارع العربي عموماً، قد خاض تجربة حكم الأحزاب الدينية، وتحديداً تجربة الإخوان المسلمين أو ما يعرف بـ “الإسلام السياسي”، التي أثبتت فشلها في كافة الدول، مضيفين: “كثير من الأحزاب السياسية في تونس تعرف أن مفهوم جماعة الإخوان المسلمين في الحكم يقوم على محاولة السيطرة على كافة مفاصله، من رئاسة حكومة وبرلمان وجمهورية، وحتى رئاسة البلديات؟
وبالتالي هي تدرك تماماً أن مشاركتها في إئتلاف حكومي مع حركة النهضة يعني أنها ستكون مجرد واجهة أو مشاركة غير حقيقية من خلال سيطرة الحركة على كامل الوزارات السيادية وذات القرار في البلاد”.
أما عن إمكانية قيام حكومة إخوانية بقيادة حركة النهضة في تونس، أوضح مراقبون للشأن التونسي، أن مثل هذه الحكومة إن ولدت فإنها ستكون غير قابلة للحياة طويلا، مشيرين إلى أن الحركة في حال نجحت باللعب على أوتار الدين، لجذب الأحزاب الدينية الأخرى أو بعض الشخصيات المستقلة، فإنها لن تتمتع بالأغلبية المريحة التي تمكنها من ضمان تجاوز العقبات التي ستظهر في طريقها لاحقاً، والتي قد تهدد بجلسات سحب للثقة، على حد قول المحللين.
وأردف المحللون: “القضية لن تنتهي بتشكيل الحكومة وإنما في قدرتها على الاستمرار، ممارسات حركة النهضة ومحاولات استئثارها الواضح بالحكم ستعرضها للكثير من الصدمات في البرلمان وطرح جلسات صقة جديدة، خاصة وأن أكبر الكتل الفائزة والأحزاب اليسارية والعلمانية ستكون في معسكر المعارضة”، مشيرين إلى أن خيار إجراء الانتخابات المبكرة سيقى مطروحاً حتى وإن تم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.