هيئة التحرير
”الجمهورية الثالثة”، مفهوم جديد على الساحة السياسية التونسية يضيفه الحقوقي والسياسي التونسي المستقل، “سمير عبد الله” خلال تناوله للتطورات في تونس والدعوات لتغيير النظام السياسي بالانتقال من النظام شبه البرلماني إلى النظام الرئاسي، مشيراً إلى وجود تغيّر في موازين القوى حالياً، لفائدة إصلاحات سياسيّة جذريّة في البلاد، تقود إلى تلك الخطوة.
وتأتي تصريحات “عبد الله” بالتزامن مع إعلان اتحاد الشغل التونسي دعمه لإجراء استفتاء شعبي على تغيير النظام الحالي، الذي تم إقراره في البلاد عام 2014، بعد الثورة التونسية، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق، “زين العابدين بن علي”.
ويقوم النظام شبه برلماني على توزيع الصلاحيات التنفيذية على مؤسسات الحكم الثلاث، رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة، الأمر الذي تعتبره المعارضة تشتيت للحكم وضياع للمسؤولية.
بين الشرعية والمشروعية..
تحولات المزاج السياسي في تونسي حيال النظام البرلماني والميل أكثر نحو عودة النظام الرئاسي، يرى فيه “عبد الله” في تغريدةٍ له على صفحته في موقع فيسبوك، يمس بشكل مباشر مشروع حركة النهضة الإسلامية في تونس، لافتاً إلى أن الحركة والتيارات الدائرة في فلكها هي الجهات السياسية الوحيدة، التي لا تزال متمسكة بالنظام الحالي، في إشارة إلى مصلحتها ببقاء الأوضاع كما هي.
ومنذ سقوط النظام السابق، كانت حركة النهضة أكبر المستفيدين من النظام البرلماني، كونه منحها الفرصة للمشاركة وقيادة كافة الائتلافات الحكومية المشكلة، بالإضافة إلى سيطرتها على مقعد رئيس البرلمان، وسط عجز مرشحيها عن الوصول إلى كرسي الرئاسة، ما تسبب بعلاقات متوترة بينها وبين رئيسي الجمهورية، الراحل “الباجي قايد السبسي” والحالي، “قيس سعيد”.
ارتباط مصالح حركة النهضة، ببقاء النظام البرلماني، يفسره “عبد الله” بأن البرلمان يساعد الحركة على الاستمرار في حكم تونس من خلال 300 ألف صوت يحصل عليها من بين 8 ملايين ناخب، وهو ما تعتبره الطبقة السياسية التونسية “مهزلة” تتنافى مع الشرعية والمشروعية في الحكم، على حد وصفه، لافتاً إلى أن مؤسسة الرئاسة في الوقت الحالي، تمثل المؤسّسة الوحيدة في البلاد، التي تجمع بين الشرعيّة والمشروعيّة، وأن رئيس الجمهورية “قيس سعيد” دعى أكثر من مرّة الى تغيير النظام السياسي والاحتكام للشعب في تغييره.
وكانت حركة النهضة قد حلت في المركز الأول في الانتخابات النيابية الماضية، بأغلبية ضئيلة جداً حصلت خلالها على 54 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغة 217، وسط انخفاض معدلات المشاركة، والتي وصلت إلى 41.3 في المئة من إجمالي الناخبين، في حين فشل مرشحها لمنصب الرئاسة “عبد الفتاح مورو” من العبور إلى الجولة الثانية من الانتخابات.
عجز الحكومة وكلمة الشعب
من أبرز المؤيدين لمسألة الانتقال إلى النظام الرئاسي، رئيس حركة مشروع تونس، “محسن مرزوق”، الذي يربط فكرة تغيير النظام السياسي بما قاد إليه النظام البرلماني من حالة الفشل الحكومي، بسبب الخلافات السياسية بين مكونات الحكومة، وتحديداً بالنسبة للحكومة الحالية، برئاسة “إلياس الفخفاخ”، التي وصفها بأنها أسوء حكومة مرت على البلاد منذ 2011.
وتضم الحكومة الحالية وزراء من عدة تيارات سياسية بينها حركة النهضة الإسلامية، التي تسيطر على معظم الحقائب والتيار الديمقراطي وتحيا تونس وحركة الشعب وكتلة الإصلاح الوطني عن حزب البديل ونداء تونس، وهي أحزاب تختلف في التوجهات بين العلماني والديني والقومي.
مع تصاعد الصدامات في المجتمع السياسي التونسي عقب الانتخابات، يحمل “مرزوق” الأزمة السياسية في البلاد للنظام البرلماني، الذي يصفه “بالنظام المتعفن”، مشدداً على ضرورة أن يكون التغيير السياسي عبر مؤتمر وطني للحوار، وأنه لا مستقبل لتونس في ظل الوضع الراهن.
ضرورات التغيير السياسي، يكشف عنها بدور الأمين العام لاتحاد الشغل، “نور الدين الطبوبي” ، من خلال الإشارة إلى أن تونس تعيش حالياً على وقع أزمة سياسية حقيقية، معتبراً أن الحكم على نجاح النظام الحالي سيكون للشعب التونسي، عبر إجراء استفتاء يوضح ميول الشعب وأي أنظمة الحكم السياسية، التي يريدها.
الحديث عن دور الشعب في الانتقال إلى النظام الرئاسي في تونس، تناول النائب السابق في البرلمان، “فاطمة المسدي”، التي ترى أن الشعب التونسي فقد الثقة في النظام الحالي، وأن الطبقة السياسية تحمل الوضع القائم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد من فساد وتهريب وتعيينات مشبوهة وتقاسم الغنائم، بحسب وجهة نظرها.
وكان رئيس حركة النهضة “راشد الغنوشي” قد أعرب في وقت سابق، أن حركته لا تنظر إلى مسألة تغيير النظام الحاكم كأولوية سياسية، في حين يرى سياسيون تونسين أن الحركة سترفض الخوض في مسألة التغيير كونه سيقود إلى نقل كامل الصلاحيات التنفيذية إلى مؤسسة الرئاسة.
المنصف المرزوقي
وانضم رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي إلى قائمة الداعين لتغيير النظام السياسي، إذ أكد في تدوينة على حسابه على فيسبوك في سبتمبر 2018 أن “هذا النظام المزدوج الذي يوزّع السلطة التنفيذية بين شخصين وإن يحمي حقا من الاستبداد فهو محمّل بهشاشة لم يقدّر خطورتها إلا بممارسة السلطة”، وأوضح أنه في ظلّ هذا النظام لا بدّ من توافق بين رأسي السلطة التنفيذية وإلا فإنه صراع لا ينتهي والضحية الدولة ومصالح الشعب”