كان من خصوصيات النصائح الأمريكية للقيادة الإسرائيلية الحالية ورئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” تأجيل القيام بأي خطوات مستعجلة تضم أراضٍ أو تغير من حساسية المشهد الهش حاليّاً بانتظار الاستقرار السياسي الإسرائيلي بعيد الانتخابات المنتظرة شهر مارس / آذار المقبل.
وتراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي ” نتنياهو ” عن خططه التي أعقبت إعلان صفقة القرن، بضم مستوطنات في الضفة الغربية وابتلاع غور الأردن، بعد نصائح أمريكية عليّا أطلقها مستشار ترامب وصهره، جاريد كوشنر. لتشير مواقع صحفية غربية عن وجود ضغوط من نوع مختلف على نتنياهو تقوم بها السلطات العسكرية الإسرائيلية لمنع قيامه بقرارات متسرعة.
وذكر موقع ميديابارت الفرنسي، في تقرير تناقلته وسائل الإعلام، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يخشى من انفجار الغضب في فلسطين المحتلة وبالتحديد في الضفة الغربية بشكل يقود لنشوء دولة واحدة تضم الإسرائيليين والفلسطينيين، مما ينفي عنها صفتي الديمقراطية واليهودية، وفقاً للجيش والتقرير.
وبعد أن قرر نتنياهو مناقشة موضوع الضم في اجتماع مجلس الوزراء، انبرى مساعده قبل أيام لينفي قيام أي اجتماع، بشكل يخيب آمال اليمين الإسرائيلي الذي تحمس لقرارات الضم الجديدة التي اعتزم نتنياهو القيام بها (مما يوضح ويؤكد البعد الخاص المتعلق بالانتخابات ومستقبل نتنياهو السياسي في قراراته تلك).
وتساءل الموقع عن أسباب التراجع الإسرائيلي، الذي ربطه بصدام أمريكي داخلي بين السفير في إسرائيل ” ديفيد فريدمان” المؤيد بشدة لقرار الضم والمستشار وصهر ترامب ” كوشنر ” الرافض للضم حاليّاً انتظارًا للاستقرار السياسي.
وخلال اجتماع انتخابي يوم الثلاثاء الماضي، قرر ” نتنياهو ” أنه لن يطلب من الحكومة الموافقة على ضم غور الأردن قبل الانتخابات البرلمانية، حيث اختلفت الرؤى والتفسيرات لهذا التراجع الذي ربطه الموقع الفرنسي باعتراض كل من قائد القوات المسلحة ورئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيليين لمثل هذه الخطوة.
وعلل الموقع أنه لا يمكن لأي كان أن يتصور أن هذين القائدين تحفظا على هذا الأمر من باب التعاطف مع قضية الفلسطينيين، بل إن لديهما حججا متعددة دبلوماسية وإستراتيجية وحتى مصيرية.
ويبدو أن القيادات الأمنية الإسرائيلية تخشى من تأثير القرار حالياً على موقف الأردن المرتبط بعملية سلام مع إسرائيل، وذي التداخل العميق مع الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، فالخبراء الاستراتيجيون الإسرائيليون يرون أن هذا البلد رغم ما يعانيه من صعوبات ومشاكل يبقى دعامة الاستقرار في منطقة مملوءة بالتوترات.
ويضاف خطر توحد الجبهات إلى الحسابات الإسرائيلية، دون اهمال الرؤية الأردنية، فاندلاع حرب من الشمال في الجبهة السورية اللبنانية يضاف لها اشتعال محتمل في الداخل ومناطق التماس مع إسرائيل والفلسطينيين، قد يتسبب بتشتت قوى وجهود الجيش الإسرائيل.. وهذا ما أشارت له كثير من الدراسات الخاصة.
ويبقى في عمق المسألة، أصوات عسكرية إسرائيلية تعارض أي ضم حالي أو مستقبلي، تخوفًا من نشوء دولة واحدة تفقد وتفشل الخطط الإسرائيلية، حيث سبق وأعلن الجنرال يادلين – مدير الاستخبارات الداخلية السابق ومدير معهد دراسات الأمن القومي – عن ذلك الأسبوع الماضي قائلا “الضم أمر خطير، يمكن أن يعرقل مسار أي اتفاق سياسي محتمل، وبالتالي إمكانية الانفصال في المستقبل بين إسرائيل وملايين الفلسطينيين الذين يعيشون بالضفة الغربية، مما سيؤدي في النهاية إلى كابوس الدولة الواحدة التي لا يمكن أن تكون يهودية وديمقراطية في آن، وسوف ينهار في ظلها الحلم الصهيوني”.
من جهتهم، يعتقد ويؤمن العشرات من الضباط الكبار السابقين والمتقاعدين في مختلف أجهزة الدولة، أن “حل الدولتين مع الفلسطينيين، كجزء من اتفاق أمني إقليمي، أمر ضروري، سواء بالنسبة لأمن إسرائيل أو مستقبلها كوطن قومي وديمقراطي للشعب اليهودي”.