حذرت جهات تركية، من مساعٍ لدى حزب العدالة والتنمية الحاكم، لبناء شرطته الخاصة، الموازية للشرطة الرسمية في البلاد، عبر مشروع قانون ينظم عمل الحراس الليليين، المعروفين محلياً باسم “بيكتشي”، وهو المشروع الذي صادفت عليه لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان التركي، بانتظار موافقة الجمعية العامة للبرلمان التركي لكي يدخل حيز التنفيذ.
من جهته، اعتبر عضو جمعية المحامين في أنقرة، “مراد يلماز”، أن عودة “بيكتشي” إلى الظهور مجدداً في تركيا بصلاحيات واسعة جداً، شبيهة بصلاحيات رجال الأمن، يعني شيء واحد فقط، هو أن حزب العدالة والتنمية الحاكم، بدأ يحاول إنشاء “جيشه الخاص”.
إلى جانب ذلك، هاجمت أحزاب المعارضة التركية، مقترح الحزب الحاكم، حيث أشار عضو حزب الشعب الجمهوري المعارض، “علي أوزنتونتش” إلى أن مشروع القانون أعطى للمنتسبين لحرس الأسواق الذين لا يحملون شهادات علمية، صلاحيات واسعة يمكن إساءة استخدامها بسهولة، مطالباً بوجود ضوابط من أجل شروط الحد الأدنى، لقبول المنتسبين إلى الحراس الليليين، وعلى رأسها أن يحمل شهادة الثانوية العامة كحد أدنى.
كما اتهم “أوزنتونتش”، مقترح حزب الرئيس التركي، بتأسيس شرطة موازية، لا سيما وأن بعض الصلاحيات الممنوحة للحراس الليليين أشبه بصلاحيات الشرطة العادية، على حد قوله، ووفقاً لمشروع القرار، فإن الحراس الليليين سيعملون لمدة 40 ساعة أسبوعيا، على أن تتكون من رجال ونساء، بعضهم عمل في السابق كعناصر أمن، ويبلغ عديدهم قرابة 21 ألف شخص، وفق تقرير لموقع المونيتور الإلكتروني.
وكان جهاز الحراس الليليين قد ألغي في تركيا عام 2008، وكانت مهامهم ترتبط فقط بحفظ الأمن والنظام والتجول في الأسواق من خلال دوريات بعد غروب الشمس وحتى ساعات الصباح الأولى، إلا أن القانون الجديد، يوسع من صلاحياتهم، والتي باتت تشمل: طلب بطاقة الهوية من المارة، واتخاذ إجراءات تمارسها الشرطة عادة، مثل استخدام السلاح والتدخل المباشر في حال حدوث جريمة.
ومؤخراً، تساءلت صحف أمريكية عن مدى استعداد تركيا لمرحلة ما بعد الرئيس التركي الحالي “رجب طيب أردوغان“، والذي بات يواجه حالياً منافسة قوية من حلفاء الأمس، لا سيما رئيس الوزراء السابق “أحمد داوود أوغلو” ونائبه السابق “علي باباجان”، اللذين كان لهما دور محوري ٌّ في رسم طريقه نحو السلطة طيلة 20 عاماً ماضية.
صحيفة واشنطن بوست، وفي مقال نشرته للباحث بمركز المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “أسلي أيدينتاسباس”، أشارت إلى المكانة الكبيرة التي يتمتع بها المنافس الجديد على السلطة “داوود أوغلو” في الأوساط المحافظة، التي تمثل البيئة الحاضنة لحكومة العدالة والتنمية، في إشارة إلى ما يمكن أن يحدث من انقسام داخل تلك البيئة خلال الانتخابات المقبلة، والتي ينوي “أوغلو” دخولها.
وجاء في المقال: “ويعد التحدي الذي يواجهه أردوغان كثيراً في زيادة التوازن لصالح قوى المعارضة التي تطالب بإنهاء الكابوس الاستبدادي في تركيا، خاصة وأن أوغلو، دعا في خطاب شديد اللهجة، إلى العودة إلى حكم القانون وإنهاء القمع واستعادة الضوابط والتوازنات البرلمانية”.
كما نوه المقال إلى تصريحات “أوغلو” التي قال فيها: “التدابير القمعية وغير القانونية تغلق قدرة العقل التركي، وأولئك الذين يفتقرون لحس العدالة لا يجب أن يشاركوا في صنع مستقبل أمتنا”.
إلى جانب ذلك، استشهد المقال بالقوة الدبلوماسية التي يتمتع بها “داوود أوغلو”، والتي خلفت له علاقات جيدة على المستوى الخارجي، مذكراً أنه خلال فترة عضويته بحزب العدالة والتنمية، لعب داود أوغلو دوراً مؤثراً كوزير الخارجية، ثم تولى منصب رئيس الوزراء في نهاية المطاف.
ووصف المقال “أوغلو” بأنه مدافع عن إعادة إحياء القوة التركية، وصياغة سياسة “لا مشاكل مع الجيران”، منوهاً أن عهده في رئاسة الحكومة ساعد على الدخول في فترة من الإصلاحات محلياً، بالإضافة إلى إحراز تقدم في ملف عضوية الاتحاد الأوروبي وإقامة علاقات إقليمية ودية خلال العقد الأول لحزب العدالة والتنمية في السلطة، خلافاً “لأردوغان”، الذي اختار سياسة التصعيد تجاه الأوروبيين.