كشفت إحدى الوثائق المسربة حديثا من وزارة المالية العراقية، كمية الفساد المنتشرة بين منتسبي الحشد الشعبي أنفسهم، حيث يسعى أصحاب القوة النفوذ منهم إلى سرقة المرتبات الشهرية لمن هم أقل رتبة، أو العناصر المجندين في صفوف المليشيا التي تتلقى دعمها الأساسي من حكومة الملالي في طهران.
وتوضح الوثيقة المسربة، والتي تعود لعام 2018، نسبة السرقة التي يتعرض لها مرتب كل مجند، فكانت وزارة المالية العراقية تصرف ما قيمته 750 ألف دينار عراقي أي ما يعادل تقريبا 600 دولار أميركي لكل منتسب من ميليشيات الحشد، إلا أن المنتسبين لم يتسلموا من المبلغ سوى 400 دولار فقط.
ووفقا لما جاء في الوثيقة أن وزارة المالية عندما شعرت بالتلاعب بمرتبات المجندين بعثت برسالة إلى القيادات في هيئة الحشد الشعبي للاستفسار عن سبب اقتطاع رواتب الأعضاء، وعن مصير تلك الأموال الضائعة.
وبحسب ما كتب في الوثيقة:” يرجى موافاتنا بإجابة سريعة عن أسباب فروقات الرواتب الموزعة على عناصر اللواء 11 واللواء 26 حشد شعبي، إذ أن الوزارة صرفت رواتب للعناصر المنتمين إلى هيئتكم وفق راتب مقطوع قدره (750 ألف دينار عراقي) شهريا، بينما ما تم تسليمه إلى عناصر اللواءين المذكورين هو (525 ألف دينار)”.
واللافت للانتباه أن عناصر من الحشد الشعبي اغتالوا قبل عام في 2018، المدير المالي لميليشيات الحشد الشعبي، قاسم الزبيدي، داخل مكتبه، يأتي هذا بعد أن أطلع رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، على حجم السرقات التي تطال مرتبات عناصر الميليشيات من قبل قياداتهم.
تأسيس الحشد الشعبي
يبلغ عدد قوات الحشد الشعبي حوالى 130 ألف مقاتل، يشكلون 45 فصيلًا، وتضم قوات الحشد الشعبي عدة فصائل مسلحة من بينها فصائل سنية وأخرى مسيحية، وتأسس الحشد في 13 يونيو/حزيران 2014 بفتوى من المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني إثر انهيار الجيش العراقي في الموصل.
ويضم الحشد حوالى 30 ألف مقاتل سني، أما بقية تشكيلاته فتسهم فيها فصائل متعددة منها منظمة بدر بنحو 24 ألف مقاتل، بينما تساهم قوات كتائب حزب الله العراقي بأكثر من 8 آلاف مقاتل، ويبلغ عدد جنود “سرايا السلام” نحو 6 آلاف جندي، بينما تساهم “عصائب أهل الحق” بـ 10 آلاف مقاتل، بحسب إحصائيات لوسائل إعلامية.
في حين تشير دراسات أخرى قدمها الجزيرة أن مكونات الحشد هي شيعية بالكامل، باستثناء فصيل “بابليون” المسيحي الذي يقاتل في صفوفه، في وقت تنفي قيادات سنية وجود أي فصائل أو مقاتلين سنة بصفوف الحشد، بل تشكيلات “الحشد العشائري” من أبناء العشائر السنية التي شاركت في معارك بمحافظات ومناطق سنية ضد تنظيم الدولة.
تبعية الحشد لحكومة طهران
ولم تخفِ تصريحات مسؤولين عراقيين دور إيران في تشكيل العديد من فصائله، حيث يرتبط اسم بعض الفصائل بدور قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني في تشكيل وتدريب وتسليح فصائل عدة بالحشد، كما أطلق العديد من قيادات فصائل الحشد تصريحات أعلنوا فيها ولاءهم لإيران، ومرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي.
وقبل أشهر سربت أيضا إحدى الوثائق التي يعود عمرها إلى عام 2014، حصل عليها موقع “إنترسيبت” الأميركي ونشرتها صحيفة “نيويورك تايمز”، توثق حجم التدخل والتغلغل الإيراني داخل نظام الحكم العراقي وصناع القرار فيها، وخاصة أن طهران سعت عبر جواسيسها إلى اختيار قادة البلاد، وتجنيد عملائها داخل السلطات العراقية.
كما توضح أن العديد من المسؤولين والسياسيين والأمنيين والعسكريين وكبار القادة في العراق أقاموا علاقات سرية وثيقة مع النظام الإيراني، ومن أبرزهم رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وقد وُصفت الوثائق علاقته مع طهران “بالوثيقة”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.