مرصد مينا – هيئة التحرير
“إيران لا شأن لها في سوريا”، تلك هي النظرة، التي يفسر من خلالها وزير الدفاع الإسرائيلي، “نفتالي بينيت”، أسباب الغارات الجوية الإسرائيلية المتلاحقة ضد الأهداف العسكرية الإيرانية في سوريا، وذلك عقب الغارات الأخيرة قبل أيام، التي طالت الميليشيات المدعومة من إيران، وأسفرت عن مقتل 14 مسلحاً، بحسب مصادر حقوقية سورية.
سلاح الجو الإسرئيلي كان قد تبنى خلال السنوات الماضية، معظم الغارات، التي استهدفت الميليشيات الإيرانية، بما فيها حزب الله.
تناول القضية السورية وسبل حلحلتها، لا يمكن أن يمر من وجهة النظر الإسرائيلية إلا من خلال رحيل كافة الميليشيات الإيرانية عن الأراضي السورية، تلك الميليشيات، التي تمثل العقدة الرئيسية بالنسبة لتل أبيب، وهو ما يشير له “بينيت”، من خلالتأكيده على أن إسرائيل مصرة على رحيل إيران تماماً من سوريا، مشدداً على أن الغارات لن تتوقف قبل أن يتحقق ما تطالب به إسرائيل.
وتقدر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، حجم الميليشيات المقاتلة في سوريا بأكثر من 70 ألف شخص، يضاف إليهم نحو عشرة آلاف مسلح من ميليشيات حزب الله، ينتشرون على الحدود مع العراق وفي أرياف دمشق وحمص والقنيطرة.
على الرغم من أن إيران لم تبادر بأي استهداف يذكر ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية طيلة السنوات التسع الماضية، إلا أن ذلك لا يعني أن إسرائيل تنظر بعين الطمأنينة لذلك الوجود، إذ يعتبر الإسرائيليون، وفي مقدمتهم وزير الدفاع، أن المخطط الإيراني يكمن بالسيطرة على كامل الحدود الشمالية لإسرائيل، بهدف تهديد تل أبيب والقدس وحيفا، وترسيخ وجود دائم لها في سوريا، وأنه ميليشياتها لا ترتبط فقط بالحرب الدائرة هناك.
إصرار إسرائيل على خروج إيران من سوريا، لا يبتعد كثيرا، إسرائيليا، عن ملف المفاوضات مع حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، وفي هذا السياق أشارت القناة 12 التلفزيونية إلى أن الحكومة الإسرائيلية باتت مستعدة لتحمل مخاطر القادمة من غزة، مقابل منح الأولوية للجبهة الشمالية والخطر الإيراني القادم من سوريا.
وسبق لوسائل إعلام إسرائيلية أن أكدت تخفيف التشدد الأسرائيلي بمسألة نزع سلاح حماس خلال المفاوضات الجارية بين الطرفين.
لا استقرار بوجود إيران
حروب إسرائيل مع ميليشيات حزب الله اللبنانية، المدعومة من إيران، وتجربة تل أبيب مع حدود مستقرة في لبنان تسيطر عليها إيران، قد تكون بدورها واحدة من أهم أسباب إصرار إسرائيل على عدم السماح باستقرار الأوضاع في سوريا طالما أن القواعد الإيرانية موجود، وهنا يرى الكاتب البريطاني، “بين جودا”، أن المصلحة الإسرائيلية تقضي باستمرار الفوضى في سوريا، بدلاً من أن تستقر وإيران ماتزال موجودة على أراضيها، على اعتبار أن استمرار القتال سيمنح الحدود الإسرائيلية المزيد من الأمان.
وسبق لسفير إسرائيل في الولايات المتحدة عام 2015، “رون ديرمر” أن أكد في تصريحات له بأن إنهاء الوجود الإيراني في سوريا يمثل أهمية إستراتيجية لإسرائيل، خاصة مع امتداد محور طهران إلى كل من دمشق وبيروت وبغداد.
جدية إسرائيل في إخراج إيران من سوريا، يرتبط بقدرتها على إدارة العديد من الخيوط ضمن الشبكة السورية، من خلال الحلفاء الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وهو ما يمنحها من وجهة نظر خبير السياسات الآنية، “لاري هاناور” الضوء الأخضر لاستهداف إمدادات السلاح القادمة إلى حزب الله والميليشيات في سوريا، لافتاً إلى أن المصلحة الأولى لإسرائيل في القضية السورية؛ تكمن في عدم السماح لإيران بالاستقرار في سوريا وإنشاء قوات تابعة لها في منطقة الجنوب السوري، عبر تشييد بنية تحتية أو قواعد لعملياتها على طول الحدود مع إسرائيل.
وكانت منظمات حقوقية سورية، قد كشفت خلال أعوام الماضية عن مساعي إيرانية لنشر المذهب الشيعي في جنوب وشرق سوريا بشكل خاص، ضمن حملات منظمة أدت إلى تحول 7500 شخص إلى المذهب الشيعي بنهاية عام 2019.
سوريا التي لا تقبل القسمة
مشروع خروج إيران من سوريا، لا يقتصر على العمل العسكري من جهة إسرائيل، بقدر العمل على ضرب المصالح السياسية والاقتصادية بين حليفي “الأسد”، موسكو وطهران، وهو ما قد يفسر القبول الإسرائيلي بالتدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا عام 2015، وما يتقاطع مع وجهة نظر الكاتب الإسرائيلي، “تسفي برئيل”، الذي أشار إلى وجود مصالح متقاطعة بين كل من روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل في الملف السوري.
وكان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” قد أجرى سلسلة زيارات إلى تل أبيب، التقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، قبيل الدخول العسكري المباشر في سوريا.
بيعداً عن المصالح المباشرة للروس في طرد إيران على اعتبار أن موسكو ترفض اقتسام كعكتها مع أحد، يرى “برئيل”، أن روسيا تريد رفع العقوبات عن سوريا والشروع في إعادة الإعمارووقف العمليات العسكرية على التراب السوري، وهي الأمور التي تتم بتفاهمات مع كل من إسرائيل، التي تشترط رحيل القوات الإيرانية، ومن خلفها الولايات المتحدة، التي تشترط عملية سياسية حقيقية في سوريا، قد تؤدي لرحيل “الأسد”، قبل مناقشة تلك الملفات مع الروس.