هيئة التحرير
بعد اعتقال قوات أمن النظام السوري 15 ضابطاً موالياً لرجل الأعمال، “رامي مخلوف”، يكشف مصدر من داخل النظام أن اعتماد “مخلوف” من قبل “بشار الأسد” كذراع اقتصادية له في البلاد، قد انتهى وأن سوريا على موعد مع إمبراطور اقتصادي جديد، غالباً سيكون اسمه “مهند الدباغ”.
وكانت مصادر حقوقية سورية، قد أعلنت خلال الساعات الماضية، عن اعتقال الأمن 15 ضابطاً في الجيش، بتهمة ولاءهم “لمخلوف”، دون أن تحدد رتبهم والمناصب التي يشغلونها.
القصة من بدايتها.. شريك غير مرغوب فيه
على الرغم من أن الخلافات ظهرت إلى العلن قبل أشهر قليلة، إلا أن المصدر يؤكد لمرصد مينا، أنها بدأت فعلياً منذ عام 2014، مع بداية دخول “الدباغ”، ابن خالة زوجة رئيس النظام، إلى خط البطاقات التموينية الذكية، لافتاً إلى أن “مخلوف” شعر بامتعاض من وجود شريك له في قطاعات حيوية، بعد أن اعتاد طيلة 14 عاماً من حكم ابن عمته، على أن يعمل الجميع في ظله وتحت رايته.
وكانت سوريا قد شهدت صيف العام الماضي، فضيحة فساد مدوية في ملف البطاقات الذكية، اتهم “مخلوف” بإدارتها ونشر تفاصيلها، ما أدى إلى سحب الملف من “الدباغ” وفتح جبهة حرب فعلية بين “مخلوف” وزوجة رئيس النظام، “أسماء الأخرس”.
في السياق ذاته، يكشف المصدر، أن دخول “الدباغ” إلى خط الاقتصاد واقتطاعه لحصة كبيرة من الصفقات، خلق بداية تمرد لدى “مخلوف”، الذي بدأ يرى أنه لم يعد مطالباً بتسديد كامل نفقات تمويل الميليشيات المسلحة الموالية للنظام، وأن الشركاء الجدد باتوا أيضاً مطالبين بدفع تلك الأموال على اعتبار أنهم أصبحوا من جامعي أموال سوريا، مؤكداً أن “مخلوف” رفض دفع مبالغ طلبها “الأسد” لتمويل العمليات العسكرية، بذريعة عدم توفر السيولة.
وسبق “لمخلوف” أن هاجم في فيديو له، من وصفهم بأثرياء الحرب، الذين رفضوا المشاركة في دعم الاقتصاد السوري، وأنهم من خلال علاقاتهم بالدائرة الضيقة للنظام، في إشارة إلى “أسماء الأخرس”، يريدون تصفيته والسيطرة على أمواله وشركاته، على رأسها عملاق الاتصالات السورية، سيرياتل.
إلى جانب ذلك، يشدد المصدر على أن الحرب الإعلامية، التي بدأت مع تناول وسائل الإعلام لخبر امتلاك “مخلوف” لعقارات تقدر بـ 40 مليار دولار في ورسيا، ومن ثم تسريب صور للحياة المترفة لأبنائه في دبي، وصولاً إلى الفيديوهات على السوشال ميديا، كانت بمثابة فقدان الأمل من إمكانية حل الخلافات ووصول العلاقة بين الطرفين إلى طريق مسدودة تماماً، على الأقل من جهة “مخلوف”، لافتاً إلى أن وفاة والدة رأس النظام، “أنيسة مخلوف” ساهم أيضاً في تأجيج الصراع، على اعتبار أن الأخيرة، كانت هي الداعم الأكبر “لرامي مخلوف” وبغيابها زادت سلطة زوجة رأس النظام، “أسماء الأخرس”.
تمهيد للوريث الجديد.. وموالون في الجيش
أهم تفاصيل المشهد السوري وتحولاته، يشرحها المصدر بأن “الأخرس” بدأت ترى أن الطريق يجب أن يعبد بشكلٍ مبكر أمام نجلها “حافظ” لعملية توريث جديدة، وأن وجود الحرس القديم الخاص بوالده قد يشكل خطراً على تلك العملية، مضيفاً: “بشار الأسد لا يملك مصطفى طلاس آخر حتى يدعم توريث ابنه، وحالة النظام الحالية من الداخل مختلفة عن الخارج مع وجود قوى أخرى داخل هياكله، كمخلوف وماهر الأسد وغيرهم من الذين قد ينقلبوا على عملية التوريث، خاصة وأن أسماء الأسد لا تمتلك شعبية في أوساط العلويين، ما دفعها إلى العمل على تشكيل لوبيها الخاص الداعم لها والمرتبط بقوتها”.
كما يؤكد المصدر أن “مخلوف” استشعر بالخطر في وقتٍ مبكر، وسعى لتشكيل شريحة من الضباط الموالين له داخل الجيش لمواجهة أي طارئ قد يحصل في الأيام القادمة، مشيراً إلى أن رجل الأعمال ومن خلال جمعية البستان، التي كانت تتولى إعانة أسر قتلى ومصابي النظام، تمكن من التقرب أكثر من ضباط الجيش وكسب ولاءات العديد منهم، وهو ما يبدو أن النظام انتبه له مؤخراً، على حد قول المصدر.
وكانت مصادر حقوقية سورية، قد أشارت إلى أن الضباط المعتقلين قد هددوا صراحةً بحرق الأرض في حال تعرض “مخلوف” لأي أذى، في حين أكد “مخلوف” في فيديوهاته المتتالية أن حملة الاعتقالات الأمنية بحق أنصاره وموظفيه لم تتوقف منذ ستة أشهر.
كما سبق للنظام السوري أن أصدر قراراً الصيف الماضي، بوضع جمعية البستان تحت الإشراف المباشر لرأس النظام، ومنع “مخلوف” من مواصلة إدارتها.
انهيار الإمبراطورية القديمة وتقلص الكعكعة
الأزمة الجديدة بين “مخلوف” و”الأسد”، هي بداية لانهيار الامبراطورية القديمة، التي تأسست مع وصول “بشار الأسد” إلى السلطة عام 2000، والتأسيس لامبراطورية جديدة، حيث يعتبر المصدر أن النظام السوري يعاني من محاولات لأطراف متعدد داخل العائلة، للسيطرة على مساحة أوسع من السلطة في ظل ما تعيشه البلاد حالياً من إعادة هيكلة بعد الحرب وإعادة توازن للقوى فيها.
وكانت وسائل إعلام سورية معارضة، قد تحدثت خلال الفترة الماضية، عن وجود خلافات على السلطة، بين رأس النظام من جهة وشقيقه، “ماهر” من جهة أخرى، والذي أصدر “الأسد” خلال الأشهر الماضية، قراراً بنقله من قيادة الفرقة الرابعة إلى قيادة الأركان.
كما يؤكد المصدر الخاص، أن “مخلوف” هو أول ضحايا نزاعات السلطة على اعتبار أنه اليد الممسكة بالاقتصاد والقوة المالية، مؤكداً أنه بعد الانتهاء من ملف “مخلوف” وثروته، سيكون هناك ضحية جديدة من صقور النظام لتلك الخلافات.
من جهتها، تعلق المعارضة السورية، “بسمة قضماني”، على الخلافات والحرب بين “مخلوف والأسد” بربطها بتقلص الكعكة، التي يتمتع بها النظام من خلال سلب ثروات البلد، وحين تقلصت المبالغ أصبح الصراع بين أعضاء العائلة الحاكمة على المال لا غيره، على حد قولها.
وكان “مخلوف” قد هدد في وقتٍ سابق بتبعات خطيرة على الاقتصاد لن يستطيع النظام تحملها، في حال استمرت الحملة المستهدفة لشركاته وأمواله.