يدفع الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، قدماً عملية الانتقال السياسي للبلاد بعزم، لكن نهجه يثير شكوكًا متزايدة في الغرب، وبين السوريين الليبراليين، وداخل المجتمعات العرقية والدينية الأقلوية. فمنذ أن تولى هذا الزعيم الجهادي السابق السلطة على رأس تحالف من الميليشيات الإسلامية، تزايدت الشكوك حول الاتجاه السياسي المستقبلي لسوريا.
تدور الأسئلة الأكثر إلحاحًا حول ما إذا كانت البلاد ستتحول إلى نظام إسلامي محافظ تحت قيادته، حيث يمكن أن تتعرض الحريات المدنية والمبادئ الديمقراطية للتقييد. ويخشى المنتقدون أن تكون حقوق الإنسان الأساسية، وخصوصًا المساواة بين الجنسين وحقوق الأقليات الدينية، في خطر. كما أن الوضع السياسي والاجتماعي للمسيحيين والأكراد والعلويين يثير القلق: هل سيصبحون مواطنين من الدرجة الثانية في سوريا الجديدة؟
يواجه العلويون، الطائفة الدينية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد، مستقبلاً غير مؤكد. فعلى مدى عقود، شغلوا مناصب رئيسية في الحكومة والجيش، مما يجعلهم أهدافًا محتملة للانتقام. وعلى الرغم من أن الشرع قد صرح مرارًا بأن جميع المواطنين سيعاملون بالمساواة في سوريا بعد الأسد، إلا أن هذه المخاوف لا تزال قائمة.
يعود السبب الرئيسي في حالة عدم اليقين المستمرة إلى موقف الشرع المراوغ بشأن القضايا الحاسمة المتعلقة بالنظام السياسي المستقبلي للبلاد. فهو يتجنب اتخاذ موقف واضح بشأن العلمانية، رغم أن القوى الليبرالية والأقليات ترى أن الدولة العلمانية ضرورية لاستقرار سوريا واحتوائها لجميع مكوناتها، بينما تدعو الفصائل الإسلامية داخل تحالفه إلى التمسك بشكل أكبر بالشريعة الإسلامية. هذا الغموض يعزز المخاوف من أن حكومته قد تعزز في نهاية المطاف نفوذ القوى المتطرفة وتقود البلاد نحو نظام إسلامي استبدادي.
على الرغم من المناشدات الدولية لاعتماد نهج شفاف وشامل، لا تزال استراتيجية الشرع غامضة. يراقب المجتمع الدولي التحول الجاري في البلاد بقلق متزايد، بينما تتعالى الأصوات داخل سوريا مطالبةً بالتزام واضح بحقوق الإنسان والتعددية والهياكل الديمقراطية. ولا يزال الشكل النهائي للنظام الجديد غير مؤكد، ولكن الإشارات حتى الآن تثير الريبة لدى الكثيرين.
ينطبق الأمر نفسه على الإعلان الدستوري الذي وقّعه الشرع مؤخرًا، والذي يحدد الإطار الذي ستُحكم به سوريا خلال السنوات الخمس القادمة، وهي الفترة الانتقالية التي ستسبق تبني دستور دائم وإجراء انتخابات وطنية. وقد صرّح الشرع بنفسه بأن هذا الإعلان يمثل بداية فصل جديد في تاريخ سوريا، إلا أن الإعلان لم يبدد شكوك المتشككين، بل ترك مجالًا واسعًا للتأويل.
من ناحية، ينص الإعلان على ضمان حرية التعبير وحرية الصحافة وحقوق المرأة، وحماية “الشؤون الشخصية” للأقليات الدينية. وتضمن الدولة حرية الدين، ولكن مع تقييدها بالأديان الإبراهيمية فقط—مما يعني، على الأقل نظريًا، استبعاد بعض الأقليات مثل اليزيديين. علاوة على ذلك، ينص الإعلان على أن “النظام العام” يجب ألا يتعرض للاضطراب، وهو بند يفتح الباب أمام سيطرة الدولة وفرض القيود. وبالمثل، فإن المادة التي تنص على “حماية كرامة المرأة ودورها في الأسرة والمجتمع” يمكن استخدامها كذريعة للحد من حقوق المرأة.
كما تم تعزيز دور الإسلام بشكل غير مباشر. فكما هو الحال في الدستور السابق، يجب أن يكون الرئيس مسلمًا، لكن في الصياغة الجديدة، تم تعريف الشريعة الإسلامية صراحةً بأنها “المصدر الرئيسي للتشريع”، بدلاً من كونها “أحد المصادر الأساسية” كما كان سابقًا.
يشير الدبلوماسيون الغربيون والسوريون الليبراليون أيضًا إلى الدور القوي الذي مُنح للرئيس خلال الفترة الانتقالية. فقد وصفه البعض بأنه “شكل من أشكال الملكية الرئاسية”. وعلى الرغم من أن الفصل بين السلطات منصوص عليه رسميًا، فإن الهيئة التشريعية، أي مجلس الشعب، لن تُنتخب، بل سيتم تعيين ثلث أعضائه من قبل الرئيس، بينما سيتم اختيار البقية من قبل لجنة يشرف عليها مجلس، يتم تعيين أعضائه أيضًا من قبل رئيس الدولة.
وعلى الرغم من أن الإعلان ينص على أن القضاء سيكون مستقلاً، فإن الرئيس سيعين القضاة. وقد علّق أحد الدبلوماسيين قائلاً: “يمكن للشرع استخدام هذه الآلية لتعيين الموالين له في جميع المناصب القيادية، مما يخلق شبكة من الولاءات الشخصية”. ويخشى منتقدو الشرع في سوريا بالفعل من أنه يعمل على بناء “دولة عميقة”، تؤسس لشبكات تضمن سيطرته طويلة الأمد على السلطة.
كما أن أحد مصادر القلق الأخرى هو الحق الدستوري في إعلان حالة الطوارئ. وعلى الرغم من أن العملية تخضع للوائح—حيث تُحدد مدتها بثلاثة أشهر فقط، ولا يمكن تمديدها إلا مرة واحدة بموافقة مجلس الشعب—فإن التاريخ الحديث للعالم العربي مليء بسوابق استخدمت فيها صلاحيات الطوارئ كأداة دائمة للحفاظ على الحكم الاستبدادي.
وقد أثارت هذه التطورات حالة من الاضطراب بين منتقدي الشرع في سوريا. وقد جاءت المعارضة العلنية بشكل خاص من الأكراد في شمال شرق البلاد. فقد صرّح مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، قائلاً: “نرفض رفضًا قاطعًا أي محاولة لإعادة بناء دكتاتورية تحت ستار مرحلة انتقالية”. وقد رفض المجلس مشروع الدستور تمامًا وطالب بإعادة صياغته.
يرجع استياء الأكراد إلى أن الاسم الرسمي للبلاد لا يزال “الجمهورية العربية السورية”، وإلى أن اللغة العربية تظل اللغة الرسمية الوحيدة. ويرى الأكراد أن المشروع الدستوري لا يعكس تنوع سوريا. ومن المتوقع أن يعالج الرئيس السوري المؤقت هذه المطالب على الأقل من الناحية الشكلية عند تقديمه لحكومته الجديدة.
في الوقت الحالي، يدير البلاد دائرة ضيقة من المقربين من الشرع. وهو بحاجة ماسة إلى دعم أوسع لتخفيف المعاناة الاقتصادية للسكان، وهو عامل يمكن أن يقوض سلطته أيضًا.
ومع ذلك، فإن التقارير الأخيرة الواردة من سوريا لم تؤد إلا إلى تعميق الشكوك الغربية، خاصة بعد الأنباء عن مجازر راح ضحيتها مئات المدنيين العلويين على يد ميليشيات تعمل تحت راية القيادة في دمشق. وقد زادت هذه الأحداث المخاوف الجدية بشأن مسار الانتقال السياسي، وألقت بمزيد من الشكوك حول الطبيعة الحقيقية لحكم الشرع.