تصريح جديد من الرئيس التركي، “رجب طيب أردوغان”، حول إمكانية تعديل الدستور، يفتح الباب أمام جدال واسع حول مدى حصانة الدستور التركي، ومدى تفعيل مواده في الحياة السياسية التركية، خاصةً وأنه يمنع “أردوغان” من الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة عام 2023.
يشار إلى أن المادة 101 من الدستور الحالي، يمنح الرئيس ولايتين دستوريتين متتالتين، ما يعني أنه يمنع “أدروغان” من الحصول على ولاية ثالثة دون تعديل الدستور، على اعتبار أنه ترشح عامي 2014 وعام 2018.
يذكر أن الرئيس التركي صرح بأنه مؤيد لصياغة دستور جديد، مضيفاً: “من الواضح أنه في صلب مشاكل تركيا دساتير صاغها انقلابيون منذ التسعينيات، ربما آن الأوان لتفتح تركيا النقاش حول دستور جديد”.
معارك محسومة سلفاً
يشير المحلل السياسي، “أسامة عبد المجيد” إلى أن السنوات الست الماضية، أشارت إلى مدى ضعف الدستور التركي، لا سيما في ظل التعديلات التي غيرت النظام في البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، تزامناً مع انتقال “أردوغان” من رئاسة الحكومة إلى رئاسة الجمهورية، لافتاً إلى أن الظروف النيابية والسياسية الحالية تزيد من قدرة الحزب الحاكم على إجراء التعديلات المطلوبة لتمكين “أردوغان” من الترشح، خاصة في ظل تحالفه مع الحركة القومية اليمنية.
وكان “أردوغان” قد أكد خلال جلسة الحكومة الأخيرة، قد أكد إمكانية اتخاذ تدابير في اتجاه التعديل في حال توصل الحزب الحاكم إلى اتفاق مع حليفه حزب الحركة القومية.
كما يعتبر “عبد المجيد” أنه في حال التوجه إلى تعديل الدستور أو تغييره بشكلٍ كلي، فإن معركة الرئيس التركي مع الدستور محسومة سلفاً لصالح الرئيس، خاصةً وأنه تمكن خلال السنوات الماضية من إقصاء كافة معارضيه في الحزب والدولة والجيش، لا سيما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016، مشيراً إلى أن “أردوغان” يملك حالياً تأييد شبه كامل داخل حزب العدالة والتنمية.
من جهته، يرى وزير العدل التركي، “عبد الحميد غُل”، تصريحات “أردوغان” حول دستور جديد للبلاد، بأنها بشرى سارّة لتركيا، مرحباً بتلك التصريحات، في تغريدة له على حسابه في موقع تويتر.
كما يضيف “غل”: “تركيز رئيسنا على الدستور الجديد هو بُشرى لنا جميعًا، ووضع دستور جديد مدني ديمقراطي، هو أحد الأهداف الرئيسية للإصلاح القانوني الذي نطمح إليه، واصفاً الدستور الجديد بأنه سيكون بمثلبة الإرث القيم الذي سنتركه للأجيال القادمة.
تعليقاً على تصريحات الوزير التركي، يرى الخبير بالشؤون التركية، “سيد أحمد فرغلي”، أن تلك التصريحات تشير إلى تمهيد الحزب الحاكم والحكومة لطرح فكرة الدستور الجديد، مرجحاً أن تتم تلك الخطوة خلال الأشهر القليلة القادمة، خصوصاً وأن قيادة الحزب تفكر في تقديم موعد الانتخابات.
لا مزيد من الوقت وورقة الازمات
ضمن سياق الطموح لولاية رئاسية جديدة، يلفت “فرغلي” إلى أن الحزب الحاكم في تركيا وضع خطة مؤلفة من قسمين، الأول تغيير الدستور القائمة، وفتح مدة ولاية الرئيس الدستورية، أما الثانية، فهي تقديم موعد الانتخابات، مشيراً إلى أن الخطوة الأخيرة، مردها إلى الأوضاع الداخلية السيئة، التي تمر بها البلاد.
ويوضح “فرغلي”: “مع تعمق الازمات الاقتصادية والمعيشية واستمرار تدهور الليرة وارتفاع نسبة الفقراء والعاطلين عن العمل، يسعى أردوغان إلى تقديم موعد الانتخابات، بسبب القلق من تراجع شعبيته وشعبية الحزب، التي قد تتلاشى خلال العامين القادمين، خاصة مع عجز الحكومة حتى اليوم عن وضع حلول لأي من مشاكل البلاد”، مشيراً إلى أن خسارة الحزب الحاكم للانتخابات البلدية في اسطنبول وتراجع عد مقاعده في البرلمان خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، فجر قلق من عدم قدرة “أردوغان” على حشد الأصوات اللازمة سواء لتغيير الدستور أو للفوز بولاية جديدة.
يشار إلى أن رئيس مركز أوراسيا لاستطلاعات الرأي، كشف عن تراجع شعبية الحزب الحاكم وفقا لاستطلاعات أجرتها 7 شركات أبحاث خلال الفترة من أيلول الماضي وحتى تشرين الثاني الماضي، مشيراً إلى أن متوسط نتائج تلك الاستطلاعات كشفت أن التصويت لصالح العدالة والتنمية التركي، قد تراجع بمعدل 4 نقاط، كما انخفض التصويت لصالح حزب الحركة القومية ليحصل على نسبة أقل من نسبة العتبة الانتخابية التي تقدر بـ10 بالمئة.
وكانت الليرة التركية، فقدت نحو ثلث قيمتها مقابل الدولار الأميركي منذ بداية العام الماضي، فيما كشفت مصادر اقتصادية أن الخسائر الاقتصادية خلال العامين الماضيين وصلت إلى نحو 140 مليار دولار.