ارتبطت الهجرة تاريخياً مع وجود الإنسان، وقد أرخ بعض العلماء لهجرات بشرية منذ ما يزيد على مليون سنة حيث خرج الإنسان من موطنه الأول في أفريقيا وعبر إلى الجزيرة العربية، ومنها انتشر في قارات العالم كلها. أما الهجرات في التاريخ المعروف، فأشهرها هجرة القبائل السامية، وهجرة القبائل الهندو/أوروبية، وهجرة الحثيين والفرس، وهجرة الإغريق والجرمان والسلت والسلاف، وهجرة الأنجلوسكسون.
وقد ترافق ظهور الإسلام وانتشاره مع ظاهرتي الهجرة واللجوء، ففي العام الخامس للبعثة 615 م كانت الهجرتان الأولى والثانية للمسلمين نحو الحبشة، وفي العام الثالث عشر للبعثة 622 م هاجر المسلمون من مكة إلى يثرب، وكانت هذه الهجرة منطلقاً لإنشاء الدولة الإسلامية.
وفي العصر الحديث هاجر المسلمون باتجاه أمريكا وأوروبا الغربية، وتشكلت الجاليات الإسلامية في المهجر، وكان لهذه الهجرات أسباب كثيرة ونتائج مهمة، إن في بنية المجتمعات المستضيفة، أو على أبناء الجاليات المهاجرة، وعلى مجتمعاتهم الأم.
والمسلمون المهاجرون في أوروبا اليوم، مطالبون بالاندماج في المجتمعات المضيفة، أسوة بغيرهم من المهاجرين، ورغم اشتراكهم مع المهاجرين المنحدرين من إثنيات وثقافات أخرى، في العديد من المشكلات، بدءاً من اللغة والعادات والأنظمة والقوانين وانتهاءً بالعمل والدراسة، فإنهم يواجهون إضافة إلى ذلك مشكلات خاصة بهم، تتعلق بالأسئلة والمفاهيم الدينية، التي تتبدى لهم في السياقات كلها، في أطر العلاقات مع غير المسلمين وحدودها، وفي أنواع العمل وأشكاله وظروفه، وفي قضايا الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وحضانة ونفقات وإرث، وفي قضايا المرأة كلها، وهي أسئلة ضاغطة ومُحدِّدَة وموجِّهة وحاكمة ومتجددة ومستمرة، فما معنى الدين، وما المقصود بالاندماج في مسار حياة المهاجرين المسلمين في أوروبا؟