يحصي حزب العدالة والتنمية الجزائري المعارض وجود 1100 متابعة قضائية متنوعة تبدا بشكاوي بسيطة وتصل الى قضايا فساد، بحق رؤساء بلديات من إجمالي 1541 رئيس بلدية او كما يسمى في الجزائر”ميرا” يزاولون مهامهم. ويستقوي عدد كبير من رؤساء البلديات في الجزائر بالحزب الذي ينتمون له، خاصة المدعومين من الموالاة، وكذلك أصحاب المال الفاسد والنافذين في العرش (القبيلة) الذي ينحدرون منه.
رؤساء بلديات ملاحقون قانونيا
ومن بين الرؤساء الدي يواجهون قضايا فساد، هو رئيس بلدية حامة بوزيان بولاية قسنطينة، الواقعة شرقي العاصمة، اذ وجد نفسه متابعا في قضايا فساد وبالرغم من ذلك استمر في منصبه حتى انتهاء عهدته، بتاريخ (23 نوفمبر 2012)، وبحلول عام 2017 أراد الترشح مجددا لرئاسة نفس البلدية، ولكن الإدارة منعته بحكم ملفات الفساد المسجلة ضده، فقدم طعنا أمام المحكمة العليا قُبل من حيث الشكل عام 2019، وجرى التحقيق مجددا معه، وبالمقابل تم انتخاب شقيقه عبد الرزاق فيلالي رئيسا لنفس البلدية في مايو 2017.
وحسب الملف القضائي لفيلالي الموجود اليوم على طاولة المحكمة العليا، يتابع المعني بتهمة السرقة وإبرام صفقات مخالفة للقانون وإهدار المال العام ومنح سكنات البناء الريفي لمكتب صفقات مقابل رشاوى، ورغم ذلك استمر المعني في إدارة منصبه إلى غاية استكمال عهدته.
كما اصدر والي ولاية سوق أهراس مؤخرا، قرارات تقضي بتوقيف رئيس المجلس الشعبي لبلدية امداوروش عن ممارسة مهامه الانتخابية، بالإضافة إلى عضو بنفس المجلس كانت تشغل منصب رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية بالبلدية.
كما تم توقيف رئيسي بلديتي الخضارة ونائبين عن المجلس البلدي بسبب ملاحقتهم قضائيا في شبهات فساد تتعلق بتبديد المال العام. كما شمل التوقيف رئيس بلدية الزعرورية المتهم أيضا في قضايا فساد جرت ما لا يقل عن 6 اشخاص الى أروقة المحاكم.
وقد أفادت مصادر متطابقة بأن السلطات العليا للبلاد قد أمرت بفتح تحقيقات موسعة مع رؤساء البلديات حول قضايا الفساد، تتعلق بتبديد المال العام و إبرام صفقات مشبوهة و إرتكاب خروقات قانونية و غيرها من القضايا التي يعاقب عليها القانون، و أضافت ذات المصادر بأنه سيتم محاكمة كل من ثبت تورطه في هذه القضايا.
جزء من فساد المنظومة
وحول هذا الموضوع، يقول المحلل السياسي، إسماعيل معراف، إن “الفساد في البلديات والمجالس المحلية المنتخبة هو جزء من فساد منظومة الحكم في الجزائر، وهو نتاج غياب العدالة والعقاب”.
ويضيف أن “السلطة و الأحزاب التي تختار مرشحيها في القوائم الانتخابية، تتحمل مسؤولية الفساد المستشري، لكن بدرجات”. وحسب رايه فان السلطة هي من تتحمل الجزء الأكبر في ذلك، لأنها تملك آليات الرقابة والمكافحة والوصاية، والحقيقة أن هذا الوضع نتج بسبب غياب ميكانيزمات لتسيير البلديات من الناحية القانونية والإدارية والسياسية.
من جانبه، يؤكد رئيس التنسيقية الوطنية لموظفي البلديات، التابعة للنقابة الجزائرية لموظفي الإدارة العمومية، سمير قديفة، أن “غياب المؤهلات العلمية والمهنية والخبرة الضرورية في مترشحين للرئاسة من الأسباب التي أدت إلى انتشار الفساد في المجالس البلدية المنتخبة”.
ويرى قديفة أن قانون الصفقات العمومية، الذي يعمل وفقه رؤساء البلديات، “يحتوي على ثغرات قانونية”. وأوضح في هذا الخصوص: “نحن ندعو إلى تولي الأمين العام للبلدية مسؤولية هذه الصفقات للتقليل من حجم التجاوزات، كما ندعو إلى خلق آليات للتحكم في إعلان المناقصات والمزايدات، التي يجب أن تكون خاضعة لرقابة الوصاية”.
25 رئيس بلدية في السجن
وأوقفت السلطات 25 رئيس بلدية رهن السجن المؤقت خلال العام الجاري فيما أدين 150 آخرون، وفقا لما أوضحه المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا إبراهيم بهلولي. ويخضع هؤلاء للقانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته والذي يعاقب في المادة 25 من الباب الرابع بـ”الحبس من سنتين الى عشر سنوات وغرامة مالية من 200 ألف دينار (1562 دولارا أميركيا ) إلى مليون دينار (7814 دولارا) لكل موظف عمومي طلب أو قبل بشكل مباشر أو غير مباشر مزية غير مستحقة سواء لنفسه أو لصالح شخص آخر لأداء الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية”، بالإضافة إلى المادة 26 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه: “يعاقب بالحبس من سنتين الى 10 سنوات وبغرامة مالية من 200 ألف دينار إلى مليون دينار كل موظف عمومي يقوم بإبرام عقد أو يؤشر أو يراجع عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحقا مخالفا للأحكام التشريعية والتنظيمية بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة”.
وتتلقى مديرية متابعة المنتخبين المحليين على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية بصفة دورية تقارير شاملة حول المنتخبين منذ ترشحهم وحتى استلامهم مهامهم وممارستها، بحسب إفادة مدير التنمية المحلية بالوزارة يوسف رومان، والذي أضاف انه يتم تدوين كل ما يخص تسييرهم للمجالس بما فيها الأخطاء المرتكبة، وفي حال ثبت تورطهم في الفساد، تقوم مصالح الداخلية بفتح تحقيق، وتراقب قرارات العدالة التي تتصرف على أساسها،” ويرد المتحدث على وجود 1100 رئيس بلدية متابعين في قضايا الفساد، بأن العدالة مستقلة في الجزائر، وبمجرد صدور الأحكام النهائية ضد رؤساء البلديات يتم إنهاء مهامهم، ولا يمكن القيام بأي خطوة ضدهم قبل ثبوت إدانتهم. مؤكدا أن رئيس البلدية تظل صلاحياته مبهمة وتابع: “تقدمت بطلب رسمي لوزير الداخلية بعد استفتاء تعديل الدستور في الفاتح من نوفمبر الجاري، من أجل التعجيل في إصدار مشروع قانون الجماعات المحلية”، مقترحا إجراء تدريب لرؤساء البلديات مباشرة بعد استلامهم المهام واختيار أمناء عامين مارسوا المهام الإدارية وعلى دراية بشؤون البلدية وتعيين مستشار قانوني محلف ينبه الرئيس بقانونية الصفقات المبرمة.