لا يكاد ينتهي السوريون المقيمون في العاصمة التركية إسطنبول من مشكلة، حتى يقعوا بغيرها، فالمدينة الكبيرة على اتساع جغرافيتها، باتت ضيقة على من اعتبرهم أردوغان منذ سنوات “المهاجرين” وبأن تركيا هم “الأنصار”، إلا أنه وعلى ما يبدو لم يعد الأنصار يطيقون العيش مع المهاجرين.
السوريون المقيمون في إسطنبول، ما لبثوا وأن شعروا بقليل من الأمان عقب الهجمة الشرسة، التي شنتها الحكومة التركية على المخالفين السورين، ورحلت عددا كبيرا منهم، حتى ظهرت اليوم مشكلة جديدة، وهي اختفاء بياناتهم الرسمية من قيود الدولة التركية، أي أن إقاماتهم المسماة “كملك” لا وجود لها في السجلات الرسمية للحكومة.
الصحفي “أحمد طلب الناصر”، المقيم في إسطنبول، ويعمل بها منذ ما يقارب 6 سنوات، اكتشف أن معلومات الحماية المؤقتة خاصته أو ما يعرف بـ “الكملك”، اختفت من سجلات الحكومة التركية.
حيث قال أحمد: “لقد ذهبت إلى النفوس، وقابلت الموظف المختص هناك، ثم طلبت منه ورقة رسمية، فأخذ مني الكملك للتأكد من البيانات، ونظر إلى وكأنه يعرف من خلال نظرات عيونه ثم أخبرني… أنت من بين الناس الذين سحبت قيودهم كاملة من السجلات”. يضيف أحمد: “لو طلب مني أن أعود فيما بعد من أجل تسيير أموري… لا مانع لدي، إلا أن الموظف لم يقتنع بهذا الأمر”.
المشكلة هنا ليست فقط متعلقة بـ أحمد، لأن ألاف السورين المتواجدين في العاصمة التركية إسطنبول أصبحوا الآن من دون أي سجلات حكومية رسمية.
تبرير الحكومة بهذا الشأن
الحكومة التركية، بدورها عللت الأمر إلى وجود خلل في المنظومة الرقمية المخزن داخلها كافة السجلات.
أما الصحفي السوري “أيمن مكية” والمقيم في إسطنبول، يعلق على المشكلة التي تواجه السوريين، خلال حديثه مع قناة الحرة الأمريكية بالقول: “الأخبار المتداولة في موضوع اختفاء أسماء السوريين من السجلات الرسمية في إسطنبول، فإن هنالك بين 80إلى 100 ألف سوري تم إيقاف قيودهم.
ويتابع: “منذ حوالي الشهرين، شنت الشرطة التركية، حملة قوية على منازل السوريين للتأكد من شحة إقامتهم وتطابقها مع قيود إسطنبول، والتأكد من عناوينهم في العاصمة التركية.
تصريحات مسؤولين أتراك
تأكيدات رسمية على لسان مسؤولين أتراك، بأن الكثير من السورين تم ترحيلهم من إسطنبول، بالأخص عقب الحملة الكبيرة التي قامت بها وزارة الداخلية التركية، بالاشتراك مع بلدية إسطنبول ضد السوريين المخالفين، مما أثار غضب واستياء السوريين، الذين وصفوا الأمر بأنه كارثي ويدمر حياتهم في المدينة التي أحبوها وأقاموا بها منذ عدة سنوات، منوهين إلى أنه ليس بالأمر السهل عليهم أن تهدم لهم الحكومة ما بنوه منذ سنوات بهكذا قرار جائر.
تعليقات السوريين المقيمين في العاصمة التركية
تقول سيدة سورية مقيمة في إسطنبول: “إن هذا القرار سيدمر حياتنا، أبنائي في المدارس، وإن قامت الحكومة بترحيل زوجي فسنبقى بلا معيل”.
في ظل هذه الأزمة التي عصفت بالسوريين في إسطنبول، بات حزب العدالة والتنمية في مرمى النار، حيث يواجه اتهامات بتغير سياسته تجاه السوريين، بعد أن نصب نفسه نصير للسورين خلال الأزمة.
ونقلا عن قناة الحرة الأمريكية، فقد قال الصحفي التركي “كنعان كايلار”: ” إن سياسة الحزب الحاكم لم تتغير نهائيا، إلا أنها قامت باتخاذ بعض الإجراءات الضرورية، في سبيل الحفاظ على التوازن داخل المدينة، لا سيما بعد ازدياد عدد اللاجئين السوريين هناك”.
الحملة الأمنية أواخر العام الماضي
يذكر أن السلطات التركية كانت قد اعتقلت أكثر من مئة مهاجر غير شرعي في العام الماضي، إلا أن هذا الأمر لم يردع الكثير من السوريين الذين يتمسكون بالبقاء في العاصمة التركية، على الرغم من التضيق ومخاطر البقاء هناك، والتي تصل إلى الترحيل، حيث يعزي هؤلاء الأمر إلى انعدام فرص العمل في باقي المدن التركية على اختلافها.
وكان مساعد المدير العام لدائرة الهجرة والجوزات في تركيا “غوغتشاه أوك” قد صرح في أواخر شهر نوفمبر من العام الماضي بالقول: “لا صحة للشائعات التي تدور حول عدم تجديد الإقامات للأجانب سواء من العرب أو السوريين أو الجنسيات الأخرى”.
وأضاف “أوك” في تصريح لـ “وكالة أنباء تركيا”: “فيما يخص الإقامات السياحية بالنسبة للسوريين فسوف يتم تجديد الإقامات للذين قدموا عن طريق جواز السفر من بلد ثالث وبطريقة شرعية، وذلك وفق القوانين التركية الخاصة بهذا الشأن”.
واستكمل موضحاً: “أما السوريون الذين يعيشون تحت الحماية المؤقتة فهم محميون وفق القوانين والمعاهدات الدولية المنصوص عليها في القانون 6458 الخاص بالحماية المؤقتة
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.