بعد أقل من 24 ساعة على مطالبة حمدين صباحي المرشح السابق في انتخابات الرئاسة المصرية، سلطات بلاده بتدمير سد النهضة الأثيوبي. أعلنت أديس أبابا، اليوم الأربعاء، الانتهاء من بناء 80% من السد.
وفي جلسة منتدى تشاوري نظمته وزارة الخارجية الإثيوبية ومجلس تنسيق المساهمة الشعبية لدعم سد النهضة، قال وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي إن أعمال البناء في السد تسير وفق الخطة الموضوعة وبصورة جيدة وتجاوزت الـ80%.، مقدما توضيحا لأحدث المستجدات حول مفاوضات سد النهضة وموقف بلاده المتمسكة بما أسماه “حقها” في الاستفادة العادلة من مياه النيل وبناء السد دون الإضرار بدول المصب.
المنتدى التشاوري الأحزاب السياسية الإثيوبية والخبراء ومسؤولون حكوميون وناقش المسائل القانونية والإجراءات التفاوضية التي تتبعها إثيوبيا في المفاوضات المتعثرة مع دولتي المصب مصر والسودان، وكان وزير الري والمياه الإثيوبي، قال في يناير الماضي إن نسبة البناء في سد النهضة بلغت 79٪ .
بين خيار الحرب.. وخيار السد العالي
المرشح السابق حمدين صباحي والذي لا يملك صفة رسمية الآن، كتب على صفحته على فيسبوك: “دقت ساعة الحقيقة، وليس أمام مصر، الآن الآن وليس غدا، إلا الدفاع الشرعي عن النفس بتدمير السد الأثيوبي وإلغاء الملء الثاني إلى غير رجعة”، مضيفا “ولو لم نفعل، لا قدر الله، فإننا نستسلم لأعمق هزيمة في تاريخ مصر منذ بدأت مصر التاريخ، هزيمة نكراء لا نخسر فيها المياه وحدها بل السيادة والاستقلال والحياة”
صباحي رأى أن “لا حل وسطا، إما تدمير السد أو تدمير مصر، فليتحمل كل مصري مسؤوليته ويتهيأ للدفاع عن مصر العظيمة بكل ما يملك، ولنتعلم من أبطال فلسطين الفارق بين شرف المقاومة ومهانة الاستسلام، وختم بالدعاء اللهم هيئ لمصر أمر رشد يمكنها من القيام بواجبها ويحفظها، ويعزها ويقيها سوء المنقلب قبل فوات الأوان”.
أما رسميا فقد طمأن سامح شكري، وزير الخارجية، المصريين بشأن عملية الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبية، قائلًا إن مصر لديها رصيد من الأمان المتوفر في خزان السد العالي.
وأضاف وزير الخارجية في لقاء مع الإعلامي نشأت الديهي من العاصمة الفرنسية باريس: “لدينا ثقة أن الملء الثاني للسد لن يكون مؤثرًا على المصالح المصرية”، موضحا أن مصر “تستطيع التعامل مع الملء الثاني لسد النهضة من خلال الإجراءات المحكمة في إدرة مواردنا المائية”
الوزير المصري قال: “التحركات الدولية تظهر مدى أهمية القضية وتتيح إطلاع رئيس الاتحاد الأفريقي على وجهة النظر المصرية، التي تتسم بالمرونة والاعتدال والرغبة في الخروج من الأزمة من خلال التوصل إلى اتفاق”، مشيرا إلى أن “المبعوث الأمريكي لديه خبرة بحكم توليه العديد من المناصب والتي تؤهله للتفاعل سريعا مع قضية سد النهضة”
يشار أن وزارة الخارجية الأميركية أصدرت قبل أيام بياناً حول نتائج زيارة مبعوثها الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، إلى مصر والسودان وإثيوبيا، وتفاصيل المحادثات التي أجراها حول السد.
وقالت الخارجية الأميركية إن فيلتمان ناقش مع قادة مصر والسودان وإثيوبيا المخاوف حيال سد النهضة، وسلامته والتوفيق بين احتياجات إثيوبيا التنموية ومصالح مصر والسودان، مؤكداً التزامه بالعمل مع الشركاء الدوليين لإيجاد حل وتقديم الدعم السياسي والفني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة للمفاوضات.
يذكر أن مجلس الانتخابات الإثيوبي كان أعلن السبت الماضي تأجيل الانتخابات التي كان من المُقرر عقدها في 5 يونيو المقبل لأسباب لوجستية، في خطوة اعتبرها مراقبون أن لها علاقة بالتطورات في إقليم تيغراي والملء الثاني لسد النهضة.
أقرأ أيضاً
ورغم البيان الأميركي الحاد حول تأثير عدم الوصول لاتفاق حول السد على استقرار المنطقة، ما زالت التصريحات الإثيوبية تتكرر وتتحدى وتعلن استعداد أديس أبابا للملء الثاني لسد النهضة في يوليو القادم.
وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام أشار في تصريحات تلفزيونية إلى أن القاهرة ترحب بالوساطات الأميركية والأفريقية حول السد، إلا أنها لن تتنازل عن اتفاق جاد يتوافق مع الأمن المائي المصري. لافتا إلى أن إثيوبيا تتمسك بالملء الثاني تهديد خطير وجسيم لمصالح مصر ويهدد بشكل واضح وصريح أمنها القومي، وهو ما لم ولن تقبل به القاهرة.
الوزير السابق “علام” توقع في تصريحاته التي ناقضتها تصريحات تالية لوزير الخارجية سامح شكري، توقع ألا تنجرف إثيوبيا نحو الملء الثاني لعلمها أنه لا يمكن دولياً أو قانونياً تمريره دون موافقة وتنسيق مع مصر والسودان، معتبراً أن البيان الأميركي حذر من تداعيات ذلك، وأن قرار تأجيل الانتخابات الإثيوبية يرجع -وفق تصوره الشخصي – لأمور لها علاقة بالسد وعدم إمكانية تنفيذ الملء الثاني، وهو ما يهز ثقة المواطن الإثيوبي في الحكومة الحالية ويؤثر على شعبية رئيس الوزراء آبي أحمد وقد يؤدي لهزيمته في الانتخابات.
كما شدد علام على أن مصر لن تقبل أن يتم فرض الملء الثاني عليها ولن تسمح بأن يصبح السد أمراً واقعاً يهدد مصالحها المائية دون اتفاق قانوني يلزم الطرف الإثيوبي بالتنسيق حول قواعد الملء والتشغيل، وتحديداً خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد.
الصين تدخل على الخط
الصين من جهتها دخلت على خط الأزمة مؤكدة صداقتها مع دول مصر والسودان وأثيوبيا، مشيرة في الوقت نفسه إلى ما أسمته أهمية السد لأثيوبيا.
بكين جددت دعمها للمفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي لحل القضايا المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي، وقال نائب رئيس البعثة في سفارة الصين لدى إثيوبيا، شيه تيان، لوكالة الأنباء الإثيوبية: “نحن أصدقاء لإثيوبيا، كما أننا أصدقاء لمصر والسودان. لذلك، نعتقد أننا ندرك أهمية السد وقد لاحظنا أهمية هذا السد لتنمية إثيوبيا”.
وأضاف أن بلاده تدعم دائمًا المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي لحل القضايا الأفريقية من قبل الآليات الأفريقية، للتوصل إلى حل دائم للنزاع بشأن سد النهضة، مشددا على أن المفاوضات برعاية أفريقية هي الطريق الصحيح لإيجاد حل للأزمة.
يشار أن أثيوبيا بدأت تشييد سد النهضة على النيل الأزرق في العام 2011، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
وفشلت حتى اليوم كل جولات المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل لاتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد، وكان أبرزها تلك التي عقدت برعاية أمريكية، دون توقيع اتفاق بين الدول الثلاث، حيث رفضت إثيوبيا توقيع الاتفاق الذي توصلت إليه المفاوضات.
كما فشل الاتحاد الأفريقي على مدى ثلاث دورات، برئاسة كل من مصر وجنوب أفريقيا والكونغو على التوالي، في دفع الدول الثلاث لإبرام اتفاق.