أكد المحتجون العراقيون، عبر لوحات رفعوها خلال المظاهرات، أنهم مستعدين للبقاء في الشارع حتى 40 عاماً، في سبيل تحقيق مطالبهم، مجددين الدعوة لاسقاط الحكومة، ورفع الوصاية الإيرانية عن بلدهم.
يأتي ذلك فيما يستعد العراقيون للمشاركة في تظاهرات اليوم الجمعة التي أطلقوا عليها اسم “جمعة الصمود”، وذلك رداً على ما وصفوه التعامل الأمني العنيف ضد المتظاهرين والذي أدى حتى الآن إلى مقتل 300 متظاهر.
في غضون ذلك، أفادت مصادر عراقية محلية، بأن المتظاهرين بدأوا إضراباً عاماً في مدبينة النجف؛ المقدسة عند أبناء الطائفة الشيعية؛ معتبرةً أن دخول المناطق ذات الدلالة الدينية على خط المظاهرات يشير إلى أنها تمثل انتفاضة حقيقية على الوجود الإيراني الذي طالما استغل تلك المناطق والرموز الدينية لتثبيت وصايته على العراق والعراقيين، خلال السنوات التي تبعت سقوط نظام الرئيس السابق “صدام حسين”.
كما أشارت المصادر إلى أن المظاهرات التي شهدتها العاصمة بغداد أمس الخميس، أسفرت عن مقتل 4 متظاهرين على الأقل في بغداد، في وقت من المتوقع أن تشهد ساحات العاصمة مظاهرات كبيرة تلبية لدعوات الناشطين.
واعتبرت المصادر أن كل ما يشهده العراق حالياً هو نتيجة منطقية لستة عشر عاما من الفقر والجوع والمرض، مضيفةً: “ما هو غير منطقي أن تكون تلك الظواهر موجود في بلد يملك مخزون نفطي هائل يمكن أن يجعله من أثرى دول العالم”.
وكان العديد من المحتجين العراقيين في العاصمة بغداد بالإضافة إلى المحافظات الجنوبية قد طالبوا بمعرفة جهات إنفاق النفط العراقي، بسبب سوء الأوضاع المعيشة، وانتشار الفقر، وعدم توفر وظائف العمل، خاصة ضمن هذا القطاع، رغم أن العراق يمتلك الكثير من حقول النفط، ما أثار غضب الشباب الذين يشكلون القطاع الأكبر من المتظاهرين في شوارع مدن العراق، حسبما نقلت وكالة “أسوشييتد برس” الأميركية.
وخاصة إن عائدات النفط في العراق تشكل تصل إلى 85 و90 في المائة؛ كما أن حجم المساهمة المالية لقطاع النفط في الميزانية الفيدرالية للعام الحالي يشكل نسبة تقارب 79 مليار دولار، في وقت يتم تقييم حجم الصادرات المتوقعة في البلاد بنحو 3.88 مليون برميل يومياً بسعر 56 دولاراً.
تصريحات دينية
بعد أن أعلن المرجع الشيعي العراقي “علي السيستاني” تأييده لمطالب المتظاهرين العراقيين، عاد اليوم ليجدد ذلك، مطالباً سلطات بلاده تحقيق مطالب الجماهير الغاضبة، وقال في خطبة الجمعة: إن “الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ستشكل انعطافة كبيرة، وأن العراق بعد الاحتجاجات “لن يكون كما كان قبلها”.
وأضاف “السيستاني” في خطبة الجمعة التي ألقاها في مدينة كربلاء ممثله “أحمد الصافي”: “إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة، فإنهم واهمون”، وتابع ممثل السيستاني قائلاً: “لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك”.
واعتبر السيستاني أن “المواطنين لم يخرجوا إلى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة، ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من تضحيات جسيمة، إلا لأنهم لم يجدوا غيرها طريقا للخلاص من الفساد”.
كما دعا إلى الإسراع في إقرار “قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية، ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية”، ونوه رجل الدين الشيعي إلى أنه رغم مرور مدة زمنية على انطلاق الاحتجاجات، إلا أن شيئا من مطالب المحتجين لم يتحقق، فيما اعتبر أن ذلك “يثير الشكوك في مدى قدرة أو جدية القوى السياسية الحاكمة في تنفيذ مطالب المتظاهرين حتى في حدودها الدنيا”.
كذلك رفض المرجع الشيعي التدخل الخارجي بالعراق، مؤكدا أن “معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، والعراقيون هم من يتحملون أعباءها الثقيلة”، ورأى السيستاني أن “التدخلات الخارجية المتقابلة تنذر بمخاطر كبيرة، بتحويل البلد إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية وإقليمية، يكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب”.
اعتقالات
من جهة ثانية أكد ناشطون عراقيون، اعتقال السلطات العراقية، كل ناشط يدعو للخروج بتظاهرات ضد الحكومة في المحافظات الغربية ذات التوجه الديني السني، وتحدثوا عن اعتقال عدد من الناشطين الذين ساندوا المظاهرات والذين لم يكشف عن مصيرهم حتى الآن.
وقالوا إن هناك أحزابا سنية الى جانب الميليشيات أيضاً في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، حذرت الأهالي من الخروج بتظاهرات.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات في العراق الشهر الماضي، سقط في أرجاء البلاد أكثر من 325 قتيلا ونحو 15 ألف جريح، استنادا إلى أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان، ومصادر طبية عراقية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.