يبدو أن سير الأمور في العراق ورفض التدخلات الإيرانية بدأ يسير بمنحى تصاعدي، لينتقل ذلك الرفض من المستوى الشعبي إلى المستوى السياسي، لا سيما بعد استنكار رئيس الحكومة الأسبق “إياد علاوي” كم التدخلات الإيرانية في البلاد.
الحزب العراقي المكون من شخصيات شيعية محسوبة على التيار العلماني، أعلن رفضه للوصاية الإيرانية مستنكرا التصريحات الاخيرة لرئيس الاركان الايراني “محمد باقري”، والذي اتهم خلالها المتظاهرين العراقيين بالارتباط بجهات أجنبية ترغب في تنصيب حكومة جديد مؤلفة من العملاء، الأمر الذي اعتبره الحزب العراقي افتراءات تعكس التدخل السافر للنظام الإيراني في الشأن الداخلي للعراق.
ويترجم مراقبون الانتفاضة التي تشهدها المدن الشيعية العراقية ضد إيران وتدخلاتها مرده الى “الدور الذي لعبه نظام الملالي في العراق”، وصورة الوصاية التي فرضها على العراقيين، وهو ما يجيب على التساؤلات حول سبب تركيز المتظاهرين على مهاجمة المصالح الإيرانية في البلاد.
لهجة حزب “علاوي” والذي شغل منصب أول رئيس حكومة في العراق بعد إسقاط نظام “صدام حسين”؛ تصاعدت أيضاً ضد الوجود الميليشوي الإيراني في العراق، عبر التأكيد أن الأراضي العراقية لن تكون ساحة لتصفية الحسابات، داعياً جميع الدول، بما فيها ايران الى احترام سيادة العراق وشعبه بكل شرائحه وفصائله.
عداء تاريخي وإقصاءات
أبرز ما تتسم به العلاقة بين المنبر العراقي والنفوذ الإيراني في العراق هو العداء التاريخي، عكس حقيقة الدور الإيراني الداعم للتيارات المتشددة في العراق، وتفسيخ العلاقات الاجتماعية بين مكونات الشعب العراقي، وهو ما تجلى عبر دعم ايران ورجالاتها لرئيس الوزراء العراقي السابق ذو الخلفية الدينية “نوري المالكي” مقابل “إياد علاوي” في انتخابات العام 2007، والتي تناقلت خلالها وسائل إعلامية تصريحات خرج بها “المالكي” وأثارت الجدل في العراق، والتي قال فيها: “لا نريد رئيس وزراء جاء بأصوات السنة.
إلى جانب ذلك، ظهر الدور الإيراني الحقيقي في تهميش التيار العلماني في البلاد، عبر دعمها الانقلاب السياسي الذي نفذه رئيس الحكومة الأسبق المقرب من إيران وفيلق بدر “إبراهيم الجعفري”، الذي أطاح بحكومة “علاوي” ليتولى منصب رئيس الحكومة خلفاً له، لتشهد فترة حكمه اندلاع الحرب الطائفية في البلاد، وتنامي التغلغل الإيراني في العراق عبر الميليشيات التي تصاعد نفوذها وامتلكت قواعد عسكرية كاملة بدعمٍ مباشر من حكومة “الجعفري” آنذاك.
تيارات متشددة
من جهة أخرى، اعتبر مراقبون ان سيطرت التيارات الدينية المتشددة الموالية لإيران، والتي سعت لإقصاء التيارات العلمانية التي كان المنبر العراقي أحد أركانها، قد مثلت نقطة تحول كبيرة في تاريخ البلاد، بهدف إغراقها في مستنقع التبعية لإيراني، مشيرين الى أن 99 في المئة من رجال الدين والساسة الذين سيطروا على المشهد العراقي كانوا من إنتاج مؤسسات الولي الفقيه، ومتشربين لأفكاره.
كما لفت المحللون إلى أن حالة الإقصاء التي مارستها إيران ضد التيارات العلمانية ذات البعد القومي، كانت واحدة من أكبر الجرائم التي ارتكبتها بحق العراق، مضيفين: “التأسيس للنظام الطائفي هو العامل الأساسي الذي أوصل العراق إلى الحالة التي يعيشها اليوم، وقسمته على أسس طائفية، هو النظام ذاته الذي مكن إيران من خطف السياسة العراقية عبر شخصيات عراقية ارتدت العمائم والعباءات الإيرانية، ولولا إقصاء التيارات العلمانية من المشهد السياسي بشكل كامل لما تمكنت إيران من فرض ميليشياتها التي تقاتل باسم الطائفية، ولما تمكنت من تشكيل الحكومات العراقية في قم وطهران.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.