من المقرر أن تصدر المحكمة الاتحادية العليا في العراق قرارها بشأن الطعن المقدم إليها بخصوص إجراءات الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد.
الجميع ينتظر اليوم قراراً حاسماً بين جلسة برلمانية قد تمضي بقرار من المحكمة الاتحادية، أو يتم إبطالها بما يعيد الأمور إلى المربع الأول. وفي الوقت نفسه؛ فإن الأربعاء قد يكون حاسماً لجهة صدور موقف نهائي من قبل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر فيما إذا كان نجح قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني في تليين موقفه من قوى الإطار التنسيقي” الممثل للقوى الشيعية الأخرى، ربما باستثناء زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، أو مضي الصدر في مشروع الأغلبية.
التسريبات تشير إلى أن الصدر، التقى قاآني أكثر من مرة خلال اليومين الماضيين، إلا أنه لم يصدر عنه ما يؤكد أن مساعي الجنرال قد أفلحت في إقناعه بالتخلي عن فكرة الأغلبية الوطنية أم لا.
وفي الوقت الذي تشير فيه التسريبات إلى “انشقاقات” داخل “الإطار التنسيقي” فلا تزال قوى الإطار تتحدث عن تماسكها بما يفيد بأن الصدر قد تنازل ولو نسبياً؛ بينما الصدريون القليلو الكلام في العادة، يشيرون إلى أن لا تغيير في منهج الصدر.
وتبعاً لما حدث خلال الفترة الماضية؛ فإنه في الوقت الذي بلع فيه العرب السنة طعم الأغلبية قبل أن تنضج، ما لم يكن للمحكمة الاتحادية اليوم رأي آخر، هيمنت الخلافات بين الكرد على منصب رئيس الجمهورية؛ الأمر الذي أدى إلى تأجيل انضمامهم موحدين أم فرادى مع أي من خيارات الشيعة (أغلبية صدرية مؤجلة حتى الآن بانتظار مفاوضات الجنرال قاآني، أو توافقية مع بيت شيعي بجناحيه الإطار و التيار”.
توحيد البيت الشيعي بضغط إيراني، وبقائه منقسماً بالكامل أو نصف منقسم (في حال استُبعد المالكي)، فإن الخيارات سوف تضيق تماماً أمام الكرد والعرب السنة. فالشيعة الموحدون بتأثير إيراني سوف تبقى رؤيتهم للسنة أنهم شركاء لا يعتمد عليهم ما دام لم يقفوا على التل في الصراع الشيعي – الشيعي. أما الكرد الذين كانوا بيضة القبان أيام كانوا موحدين في السنين الماضية؛ فإن النظرة إليهم، لا سيما بارزاني، سوف تحددها طريقة تعاملهم مع القوى الشيعية، علماً بأن هادي العامري، زعيم «تحالف الفتح»، الذي أجرى أمس مباحثات مع الزعيم الكردي في أربيل، سعى إلى «تحييده» عن الخلاف الشيعي – الشيعي.
كان الخلاف داخل البيت الشيعي ليس على منصب رئيس الوزراء رغم أنه في النهاية مرشح الكتلة الكبرى، بقدر ما هو على شكل الحكومة المقبلة هل هي توافقية مثلما يريدها “الإطار” أم أغلبية مثلما يريدها “التيار” فإنه يبقى خلافاً حول من يريد إبقاء هذا البيت موحداً حتى مع اختلاف مناهج المنتمين إليه، ومن يريد مغادرة البيوت المكوناتية باتجاه الانطلاق نحو الفضاء الوطني.
ولعل السؤال الذي يبقى مطروحاً: هل يبقى الصدر صامداً؛ أم إنه سيستجيب لجزء من الضغوط الإيرانية؟ في هذا السياق؛ يرى الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي» في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة قاآني إلى بغداد تمثل، بما لا يقبل الشك، إشارة واضحة إلى فشل الحوارات الشيعية لإنقاذ البيت السياسي الشيعي»، مبيناً أن «انخراط إيران بشكل رسمي في عملية تشكيل الحكومة العراقية يعني بلا شك أن القرار الشيعي في الأقل لا يزال بيد طهران و(فيلق القدس) الإيراني». وأضاف أن «الهدف الآخر من هذه الزيارة هو إيقاف التصدع الذي من الممكن أن يحدث داخل (الإطار التنسيقي) نفسه».
أسماء متداولة..
في خضم المشاورات الجارية، كشف النائب عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني العراقي ماجد شنكالي، عن 3 أسماء مرشحة لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة. ونقلت وسائل إعلام عراقية عن “شنكالي” إشارته إلى أن جزءاً من “الاطار” سيشترك بها.
شنكالي قال إن “جزءاً من الإطار التنسيقي بقيادة هادي العامري رئيس كتلة الفتح، سيشترك بتشكيل الحكومة حسب التسريبات السياسية، وان لقاء العامري بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر كان إيجابيا”، مضيفا أن “هناك عدة شخصيات مرشحة لمنصب رئيس الوزراء منها مصطفى الكاظمي ومحمد علاوي وعادل مهودر”.
وأوضح شنكالي أنه “بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية فإنه حظوظ هوشيار زيباري كبيرة جدا بالحصول على الاغلبية داخل مجلس النواب في حال لم يحصل توافق على المنصب بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني”.
الإطار التنسيقي حاول الدفع بكل من حيدر العبادي أو محمد توفيق علاوي كمرشحي تسوية، أمام قائمة مصغرة لدى الصدر تضم مصطفى الكاظمي مع شخصيات صدرية، في محاولة لإقناع الصدر، بتكوين “حكومة تسوية”، في حال تعثر الدخول بكتلة شيعية موحدة تضم جميع الأطراف، وهذا المقترح يحظى بدعم أطراف إيرانية محددة.
إلا أن وسائل إعلام مقربة من التيار الصدري افادت أن رئيس ائتلاف “النصر” حيدر العبادي بات خارج حسابات الكتل السياسية كمرشح لمنصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة، مشيرة إلى أن “المرشحين لمنصب رئيس مجلس الوزراء لا يتعدى عددهم أصابع اليد”، من دون ذكر اسمائهم.
وأضافت أن “الصدر هو صاحب القرار الأول والأخير في إختيار الشخصية التي يراها مناسبة لتولي رئاسة الحكومة المقبلة وفق منظور الاغلبية الوطنية”، في إشارة على ما يبدو لرفض الصدر ترشيح العبادي لمنصب رئيس الحكومة الاتحادية الجديدة.
وحيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء الأسبق للعراق، وأحد قيادات الإطار التنسيقي الذي يضم قوى سياسية شيعية مناهضة لنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العام الماضي، إلا أن القوى الكردية لاسيما الديمقراطي الكردستاني بزعامة “مسعود بارزاني” الحليف مع الصدر في هذه الآونة، لديه فيتو على العبادي لإخلاله بوعود قطعها لبارزاني خلال رئاسته للوزراء.
العامري قائد تحالف الفتح حاول خلال اجتماعاته في اربيل طرح اسم حيدر العبادي مرشح تسوية لرئاسة الحكومة، إلا أن ذلك قوبل برفض الزعيم مسعود بارزاني.
واحتدم الخلاف بين القطبين الشيعيين المتمثلين بالتيار الصدري الحائز على أعلى الأصوات في الانتخابات التي جرت في العاشر من شهر كانون الأول/أكتوبر من العام الماضي، وبين الإطار التنسيقي الذي يضم كتلا عبرت عن رفضها لنتائج الانتخابات تساندها فصائل مسلحة منها ميليشيات العصائب، وكتائب حزب الله العراقي، وحركة النجباء، وجميعها موالي لإيران.
ويصر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية تقصي شخصيات من الإطار التنسيقي أدت دوراً فاعلاً في العملية السياسية طيلة الأعوام السابقة، وهذا ما يرفضه قادة الإطار الذين يطالبون بتشكيل حكومة توافق كما كان معمولا به منذ سقوط نظام صدام حسين.