نعم، استقالة حكومة “عادل عبد المهدي” في العراق، ولكن التصعيد والوعيد بحق المتظاهرين من قبل الميليشيات، قد تفاقم خلال الفترة التي تلت الاستقالة، لتزداد دوامة العنف ووتيرة القتل في البلاد، والتي وصلت إلى حد الاستهداف المباشر للناشطين، الذين كان آخرهم “فاهم الطائي”، الذي قتل أمس أمام منزله في مدينة كربلاء برصاص ملثمين.
حالات الوعيد بمزيد من القتل والتنكيل، خرجت من الظلمة إلى العلن مع تصريحات زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق العراقية المدعومة من إيران “قيس الخزعلي”، والتي صرح خلالها بأن أعداد القتلى خلال تظاهرات يوم غد – الثلاثاء، ستكون الأعلى، في إشارة إلى ما تبيته الميليشيا للمتظاهرين، وفي محاولة لمنع خروج الاحتجاجات بأعداد كبيرة.
وربط”الخزعلي” تهديداته للمتظاهرين، بما وصفه بـ “الحدث الخبيث”، زاعماً أن الميليشيات التابعة له تمتلك معلومات عن ما قال إنه “مخطط لعمليات تخريب” في العاصمة بغداد.
إجراءات حكومية وتحجيم صلاحيات الحشد الشعبي
بالتزامن مع تهديدات الميليشيات، وتصاعد أعمال القتل بحق المتظاهرين، يبدو أن الحكومة العراقية قد تلقت على محمل الجد الرسائل من المجتمع الدولي، حيال ضرورة وقف عمليات القتل، والتي كان آخرها العقوبات الأمريكية، التي طالت أربع شخصيات نافذة في الميليشيات، حيث تداولت وسائل إعلامية محلية أنباءً عن صدور قرار يمنع عناصر الميليشيا المذكورة من التواجد داخل العاصمة بغداد، اعتباراً من غد – الثلاثاء.
إلى جانب ذلك، صرح المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء الركن “عبد الكريم خلف”، بأن قرارات جديدة صدرت عن القائد العام للجيش، بمنع الحشد الشعبي من التدخل في القضايا الأمنية، وأن كافة العمليات التي تمنح لعناصر الميليشيات باتت محصورة بالقائد العام بشكل مباشر.
اللافت في القرار الحكومي العراقي، ووفقاً لمحللين سياسيين، أنه لم يقتصر على ميلشيات الحشد بشكل خاص، كما أفادت مصادر في وزارة الدفاع العراقية، وإنما شمل تحركات باقي عناصر الميليشيات الأخرى وحصر أي تحركٍ بموافقة مسبقة.
تصعيد شعبي وإغلاق طرق
على المستوى الشعبي، ألقت حادثة اغتيال الناشط “فاهم الطائي” بظلالها على المظاهرات التي شهدتها مدينة كربلاء اليوم – الاثنين، حيث أغلقت قوات الأمن جميع مداخل المدينة، ومنعت الدخول إليها، باستثناء من يملكون إثباتات رسمية بأنهم مقيمون فيها، وذلك على خلفية الخشية من تصاعد التوتر هناك.
من جهته، كشف قائد شرطة كربلاء أن الأجهزة الامنية رفعت حالة التأهب بين صفوفها إلى حالة الإنذار (ج)، تزامناً مع تشييع جثمان “الطائي”، في جنازة سرعان ما تحولت إلى مظاهرة مطالبة بمحاسبة الجناة.
إلى جانب ذلك، أشار نشطاء الحراك المدني العراقي في العاصمة بغداد إلى وجود أطرافٍ تحاول تبرير القتل والقمع بحق المتظاهرين، محذرين في الوقت نفسه من محاولات الحكومة الالتفاف على مطالب الحراك الشعبي.
دعوات وتظاهرات إلكترونية
التفاعل مع حالة الغليان في العراق لم يقتصر على الشوارع والساحات، وإنما امتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر عدد كبير من الناشطين والمعلقين عن غضبهم ممّا آلت إليه الأوضاع في العراق، بسبب تعنت الحكومة والميليشيات، محملين في الوقت ذاته إيران مسؤولية ما يحدث.
الناشط “علاوي العراق” كتب في تغريدة على موقع تويتر: “هم حنا لو كعدنا ببيوتنا وطقنا الظيم والعوز والفقر، حنا هيج ننصر الحسين؟، هم لو تطلع إيران برا، كلش زين، وكلش نرتاح، يابا ما ردنا نظام صدام حسين على مود نعيش، مو على مود نرظي إيران وزلمها”.
كما كتب الصحافي العراقي “شاهو القرةداغي”، تعليقاً على تصريحات “الخزعلي”: “إما أنه يعلم الغيب أو هو جاهز للقتل والتخريب عن طريق ميليشياته الاجرامية، يجب أن يكون هناك تدخل دولي ضد الميليشيات في ظل العجز الحكومي في العراق عن معاقبتهم”.
إلى جانب ذلك، نشر الصحافي الأحوازي “محمد مجيد الأحوازي” صورة لقائد فرقة القدس في الحرس الثوري الإيراني “قاسم سليمان”، وأرفقه بتغريدة كتب فيها: “هذا العراق العظيم يا سليماني، لن تفلح أنت ومليشياتك الإرهابية مهما قتلت ومهما خطفت ومهما طعنت ومهما كذبت، لطالما راية الله اكبر ترفرف بيد أبناء العراق الأحرار”.
كما كان وسم “العراق ينتفض” قد اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في العراق والشرق والأوسط، والمنطقة العربية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.