تستخدم كل من إيران وأمريكا الأراضي العراقية رهاناً لرد أي اعتداء يتم التوعد فيه انطلاقاً منها، إذ يعمد القادة الإيرانيون إلى إطلاق التهديدات ضد المصالح الأمريكية الموجودة داخل الأراضي العراقية، كما ترد الولايات المتحدة الأمريكية على إطلاق تلك التهديدات بالمثل، فهل هذا يعني أن العراق ستكون أرض المواجهة بين القوتين؟
تهديد متبادل
حذرت الولايات المتحدة الأميركية اليوم السبت، إيران من رد “حاسم” إذا تعرضت قواتها في العراق لأي أذى، بعد سلسلة من الهجمات الصاروخية على قواعد عسكرية.
وقالت الولايات المتحدة الأمريكية عبر بيان رسمي صادر من وزارة الخارجية، ونشرته سفارتها في بغداد: “نغتنم هذه الفرصة لتذكير قادة إيران بأن أي هجمات من جانبهم، أو من قبل وكلائهم مهما كانت هويتهم، تلحق الأذى بالأميركيين أو حلفائنا أو بمصالحنا، سوف يتم الرد عليها من خلال استجابة أميركية حاسمة”.
وشدد البيان الأمريكي على أنه: ” يجب على إيران أن تحترم سيادة جيرانها وأن تتوقف فورا عن تقديم المساعدات والدعم لأطراف ثالثة في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة”.
كما أوضحت الخارجية الأمريكية في بيانها:” بأنه قد قام عملاء إيران مؤخرا بعدة هجمات ضد قواعد تتواجد فيها قوات الأمن العراقية جنبا إلى جنب مع أفراد من القوات الأميركية والتحالف الدولي”.
وفي أيلول الماضي، هدد السفير الإيراني في بغداد “إيرج مسجدي”، بقصف القوات الأمريكية المتواجدة في العراق، حال تعرضت إيران لأي هجوم من قبل الولايات المتحدة، ذلك أثناء مقابلة تلفزيونية مع مسجدي، قال فيها: “سنقصف الأمريكان في العراق أو في أي مكان آخر إذا استهدفت إيران”.
كما وشدد السفير الإيراني في العراق أثناء حديثه على أن ” إيران وفي حال تعرضها لاعتداء عسكري من الولايات المتحدة، سترد بقوة وستقصف التواجد الأمريكي في العراق أو في أي مكان آخر”، مؤكدا أنهم “يعرفون جيدا بأن إيران لا تمزح أبداً”.
هل العراق ميدان المواجهة بين الدولتين؟
تعرضت “بلد” القاعدة الجوية العراقية القريبة من العاصمة “بغداد” ثلاث مرات لصقف بصواريخ كاتيوشا، في أقل من أسبوع، عثر في أحدها على منصة إطلاق الصواريخ دون معرفة الفاعل.
وصواريخ كاتيوشا، روسية الصنع، تستخدم لإحراز الخوف لدى الخصوم، إضافة لإحداث أضرار مادية طفيفة لكنها تقتل بحال وقف كائن حي بطريقها، تستخدمها المجموعات القتالية غير النظامية، كما تستخدمها الجيوش النظامية في حرب الشوارع، وحروب الاستنزاف، تتميز بسهولة الحركة والتنقل، وسرعة الإطلاق، ما يعيق تحديد مكان القصف والجهة الفاعلة.
وقاعدة بلد الجوية، هي أكبر القواعد العراقية الجوية، فيها بعثة عسكرية أمريكية، ومدربون ودبلوماسيون أجانب.
ويرى خبراء أن أصابع الاتهام تتجه وفق كل هذه المعطيات، إلى فصائل في مليشيا الحشد الشعبي، موالية وبقوة لإيران، وتعمل على تحقيق أهدافها في العراق.
“جنيف عبده” في مقال له على موقع مجلة “فورين بوليسي” إن العراق بات ساحة المعركة بين الولايات المتحدة وإيران.
ورداً على انتهاك القادة الإيرانيين ومنهم الرئيس “روحاني” للسيادة العراقية بشكل متكرر، حتى إنهم يتواجدون اليوم في بغداد من أجل رسم خطة سياسية جديدة للبلاد، واختيار رئيس وزراء جديد للعراق، ومتهمون باغتيال ناشطين عراقيين، وإصابة واختطاف آخرين، ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية الإعلان باحتفاظ بقاعدة عسكرية لها في العراق “لمراقبة إيران”، الأمر الذي استشعر خطره العراقيون، وأعلن الرئيس العراقي حينها “برهم صالح”، أنه يجب على أمريكا ألا تورط العراق في القتال بينها وبين أي طرف آخر.
لكن العراق بالنسبة للإيرانين، أكثر من مجرد خزان بشري لمجموعاته ومليشياته الطائفية، وأكبر من ميدان حرب، إنه المتنفس الوحيد لها، بعد العقوبات الاقتصادية الأمريكية عليه، وانقطاع حبل الود بشكل كامل مع الدول الأوربية التي كانت راعية للاتفاق النووي الموقع عام 2015م، لذا فإنها ستعمل بكل جهدها على الحفاظ على قوتها ونفوذها هناك.
لا تريد أمريكا خسارة طهران وبغداد، ولا أي منهما، فلكل منهما دوره في سياسية أمريكا اتجاه الشرق الأوسط، لكنها وبكل تأكيد تعمل وستعمل بجد أكثر على حرق كل المليشيات التي تتقوى بها إيران، ما يعمل على كسر الأجنحة الإيرانية، وإحكام القبضة الاقتصادية عليها، ومن هنا تبدأ عملية التطويع الأمريكي لإيران.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.