التاسع من نيسان العام 2003، ربما كان اليوم، الذي اعتقد فيه العراقيون أن القمع والمعتقلات والاغتيالات والاختفاء القسري باتت مجرد ذكرى من تاريخ بلادهم، انتهت بسقوط نظام “صدام حسين”، وأن البلاد دخلت طوراً جديداً لا مكان فيه للسجانين، لتكون الصدمة الكبرى لديهم بما أعلنت عنه صحف أمريكية، بأن البلاد اليوم وبعد كل تلك السنوات، تعيش وضعاً أكثر خطورة من ما كان عليه الوضع أيام النظام السابق.
عوامل الأزمة الحالية، ووفقاً لصحيفة نيوروك تايمز، خلقتها عدة ظروف على رأسها عجز المسؤولين العراقيين الحاليين عن التعامل مع ما تمر به البلاد، الأمر الذي قاد إلى توتر الأمور بسرعة، وزيادة وتيرة القتل والدماء المسالة في الشوارع العراقية.
إلى جانب ذلك، ربطت الصحيفة تدهور الأوضاع بفقدان البرلمان العراقي لدوره الحقيقي في البلاد، معتبرةً أن فقدان ذلك الدور حال دون دراسته للإصلاحات والتعديلات المطلوبة، بشكلٍ جدي.
إضافةً لما قالته الصحيفة، أشار محللون سياسيون إلى أن المشكلة الحقيقية في العراق تكمن في أنه تخلص من حكم النظام السابق، بالانتقال إلى وصاية إيران، التي تحكمها منظومة معقدة من المؤسسات الأمنية والدينية الراديكالية، التي لا تقل إجراماً عن مثيلاتها في بقية الدول الدكتاتورية على مستوى العالم.
واعتبر المحللون في حديثهم لمرصد “مينا”، بأن العراق فعلياً ومع وصول رئيس الحكومة العراقية الأسبق “إبراهيم الجعفري” إلى السلطة بات بمثابة محافظة إيرانية، تدار من طهران وقم، عبر مجموعة من رجال الدين، في استنساخ مباشر وتبعية حقيقية لنظام الملالي، على حد وصفهم.
وقالت المصادر: “كافة الشخصيات السياسية المؤثرة في العراق وصاحبة القرار مرتبطة بإيران، كونها نمت وترعرعت في كنف الولي الفقيه خلال سنوات حكم صدام حسين، ويمكننا القول بمنتهى الصراحة أن طيلة السنوات السابقة كانت حكومات العراق تشكل بقرار إيراني في طهران، وتتبع للحرس الثوري والمرشد الأعلى الإيرانيين”.
ولفت المحللون إلى أن ما تغير في العراق منذ 2003 وحتى اليوم، هو الجهة التي كانت تمارس القتل، والذرائع المتخذة لحكم العراق بالحديد والنار، مشيرين إلى أن انتشار الميليشيات المدعومة من إيران ونفوذها الواسع؛ زاد من مصائب العراق، وعمق من حالة الشلل الحكومي والإصلاحي فيه.
تزامناَ مع ما ذكرته الصحيفة، والمحللون السياسيون، ظهر بيان من المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، الذي أكدت فيه ممارستها لكافة الضغوط على الحكومة العراقية للحد من جرائم اغتيال وخطف النشطاء المدنيين، التي شهدت ارتفاعاً خلال الأسبوعين الماضيين.
كما أشارت المفوضية إلى أنها تعول على القضاء العراقي، لمحاسبة مرتكبيجرائم الاغتيال والتصفية بحق ناشطي الحراك السلمي وكافة الانتهاكات الأخرى، التي من شأنها تكميم الأفواه والحد من حرية التعبير عن الرأي.
ولا تزال الساحة العراقية تشهد تصاعداً في التوتر الأمني، لا سيما بعد اشتداد وتيرة المظاهرات في المدن العراقية، جراء اغتيال الناشطين، والتي كان آخرها في مدينة ذي قار، التي أقدم فيها المتظاهرون على إحراق مؤسسات أمنية ومقار حزبية، موالية إيران، بعد مظاهرات غاضبة، على إثر اغتيال أحد ناشطي الحراك في المدينة من قبل مسلحين مجهولين.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.