كشف نشطاء إيرانيون أن النظام لا يزال يعتقل أفراد من عوائل معارضين له، على الرغم من إعدام بعضهم والقضاء بسجن بعضهم الآخر، مشيرين إلى أن أفراد عوائل أولائك المعتقلين، ليسهم أي أنشطة سياسية.
ولفت الناشطون في حديثهم مع مرصد مينا، إلى أن ثقافة العقاب الجماعي بدأت بالازدياد بشكلٍ ملحوظ بعد انتفاضة تشرين الثاني 2019، والتحذيرات من انتفاضة جديدة بسبب حالة الانهيار الاقتصادي وتعمق الأزمة المعيشية، خلال الأشهر الماضية.
يشار إلى أن مستويات الفقر والجوع والتشرد في إيران قد تصاعدت خلال عام 2020، لا سيما في ظل انتشار باء كورونا المستجد، حيث أعلن مركز المعلومات التابع لبلدية طهران أن إجمالي عدد المشردين في طهران خلال العام الحالي وصل إلى 700 ألف، مقابل 490 ألف مشرد مسجل في العام 2019.
في غضون ذلك، كشف الناشط الإيراني، “موسوي”، اسم مستعار لأسباب أمنية، لمرصد مينا، عن وجود مئات المعتقلين داخل السجون الإيرانية، لا علاقة لهم بالأنشطة السياسية ولا بالمظاهرات، وان وجودهم في السجن بسبب القرابة العائلية مع بعض الناشطين، بينهم نساء مع أطفالهن.
كما بين “موسوي” أن عائلة المصارع “نويد أفكاري”، الذي أعدم منذ أشهر، ليست العائلة الوحيدة، التي لا تزال سلطات النظام تعتقلها، مذكراَ بالمعتقلة “مريم كلارن”، التي اعتقل الأمن الإيراني أيضاً والدتها “ناهيد تقوي”، في سجن إيفين، لافتاً إلى أنه حرمها أيضاً من تلقي العلاج ووضعها في زنزانة إنفرادية.
يذكر أن والدي المصارع “أفكاري” قد أكدا في وقتٍ سابق، استمرار اعتقال شقيقيه وتعرضهما للتعذيب بشكل مستمر، معربين عن قلقهما على حياة ولديهما، لا سيما في ظل انقطاع أخبارهما منذ أسابيع.
في السياق ذاته، أشار المحل السياسي “رسول رضائي” إلى أن سياسة الاعتقال الجماعي أو ما يمكن تسميته بالاعتقال العائلي، هو جزء من جملة إجراءات يتبعها النظام الإيراني لدرع الشعب عن الخروج في مظاهرات جديدة، موضحاً: “من بين تلك الإجراءات يبرز الإعدام العلني في الشوارع بحق المعتقلين، كما حصل مع الشاب مهرداد سبهري، في تشرين الأول الماضي”.
وكانت الشرطة الإيرانية قد اعتقلت “سبهري” في وقتٍ سابق، وعمدت إلى ربطه بعمود في الشارع ورشت رذاذ الفلفل على عينيه وبدأت بضربه حتى الموت، على مرأى من المارة، في واحدة من أكثر عمليات الإعدام وحشية.
كما بين “رضائي” أن حالة التوتر الداخلي سواء داخل النظام أو على المستوى الشعبي زادت من حالة التوحش لدى الأمن الإيراني المتمثل بقوات “باسيج”، كإجراء استباقي لأي حالة انتفاضة شعبية في البلاد.
يذكر أن منظمة حقوق الإنسان في إيران قد وثقت مالا يقل عن 280 عقوبة إعدام أصدرها القضاء الإيراني خلال عام 2019، بحق ناشطين ومعارضين.
من جهته، رجح المعارض الإيراني، “ميلاد هدايتي” أن يتجه النظام إلى المزيد من الاعتقالات والتفنن في وحشية تنفيذ الإعدامات والعقوبات، موضحاً: “أزمة النظام لا ترتبط فقط بالوضع المعيشي والغضب الشعبي، وإنما تمتد أيضاً إلى مخاوف من استغلال بعض قيادات النظام، لا سيما العسكرية منها، لأي انتفاضة لتنفيذ انقلاب على السلطة، خاصة وأن تراجع صحة المرشد وميله إلى توريث ابنه مجتبى، أشعل صراعاً داخلياً على السلطة بين عدة تيارات”.
إلى جانب ذلك، أكد “هدايتي”، أن النظام وعلى عكس ما يظهره من تماسك وارتباط وصلابة، فهو يعيش حالة تفكك داخلي، مع تصاعد قوة العكسر المتمثلة بالحرس الثوري، وحالة النقمة لدى رجال الدين على تراجع دورهم في الحياة السياسية، وطمع بعض المسؤولين بخلافة المرشد، إلى جانب تباين الآراء حول التعامل مع العقوبات الدولية.
يشار إلى أن مصادر إيرانية قد كشفت، السبت، عن تراجع كبير في صحة المرشد “علي خامنئي”، ونقل معظم صلاحياته لنجله “مجتبى”، فيما بدى أنه عملية توريث للسلطة، خاصةً وأن “مجتبى” يسيطر بشكل كبير على مفاصل أجهزة الاستخبارات الإيرانية.
أمام كل تلك الظروف، رأى “هدايتي” أن النظام يسعى لعدم تأزيم الأمور من خلال انتفاضة شعبية جديدة، وأنه سيسعى لتوجيه ضربات استباقية عبر أساليب الترهيب، مشدداً على أن إيران تمر بمرحلة مفصلية وحساسة، عنوانها الأبرز “من سيخلف المرشد”.