تأتي العقوبات الأمريكية ضد رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي المدعوم من إيران، “فالح الفياض”، في الوقت، الذي تراهن فيه فيه إيران والميليشيات العراقية على نهاية زمن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، لطي صفحة الضغط العالي والتهديدات المباشرة، ما طرح عدة إشارات استفهام حول طبيعة العلاقة بين طهران والإدارة الأمريكية القادمة.
يشار إلى ان إيران قد عاشت خلال الأسابيع الماضية، تهديدات بشن ضربات عسكرية جوية ضد منشآتها النووي خلال الأيام الأخيرة من حكم الرئيس الأمريكي “ترامب”، ما دفعها إلى زيادة التحصينات في محيط تلك المنشآت، بحسب ما أظهرته صور أقمار اصطناعية، مؤخراً.
منهجية لا تحكمها الإدارات
الرسالة الأهم من العقوبات الأخيرة، وبحسب ما يراه الباحث في شؤون الشرق الأسط، “عامر النجيفي”، أن تعامل الولايات المتحدة مع الملف الإيراني تحكمه منهجية مرتبطة بضرورات الأمن القومي الأمريكي وليس بالإدراة الحاكمة وتوجهاتها السياسية سواء ديمقراطية أو جمهورية، خاصةً مع التهديدات المباشرة للمصالح الأمريكية في العراق.
يشار إلى أن السفارة الأمريكية وعدة قواعد للتحالف الدولي قد تعرضت لهجمات صاروخية متتالية خلال الأعوام الماضية، والتي تتهم الولايات المتحدة، الميليشيات العراقية بالمسؤولية عنها.
في السياق ذاته، يعتبر “النجيفي” أن أي تبدل في السياسة الأمريكية حيال التعامل مع ملفات إيران، لن ينعكس بالضرورة على تعاملها مع الميليشيات في العراق، حتى وإن عادت واشنطن إلى الاتفاق النووي ورفعت عقوباتها عن طهران، مشدداً أن الحد من نفوذ الميليشيات في العراق بات ضرورة أمريكية أمنية.
كما يشير “النجيفي” إلى أن إدارة “بايدن” لن تكون أقل صرامة من سابقتها في ملف ميليشيات العراق، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة من المتوقع أن تواصل دعم حكومة “مصطفى الكاظمي” في مواجهة السلاح المنفلت.
بعيداً عن العسكرة قريباً من الضغط العالي
قدوم “بايدن” وفقاً لما تكشفه مصادر عراقية مطلعة، سيقلل من الضربات العسكرية ضد مواقع الميليشيات، ولكنه في ذات الوقت سيزيد من السياسي والاقتصادي على تلك الميليشيات لا سيما من خلال الدعم المالي واللوجستي، لافتةً إلى أن الإدارة الجديدة في واشنطن لن تتخل عن سياسة سابقتها في دعم الدولة العراقية.
كما تشدد المصادر أن الحكومة العراقية تلقت مؤشرات من الإدارة الأمريكية الجديدة من خلال قنوات التواصل الخاصة، أن موقفها من العراق ثابت باتجاه الحد من سلاح الميليشيات ومواجهة المخاطر الأمنية، مرجحةً ان تشهد الأشهر القادمة المزيد من العقوبات على شخصيات مرتبطة بالميليشيات، لا سيما قبل الانتخابات النيابية، الصيف المقبل.
يشار إلى أن وزارة الداخلية العراقية، أكدت قبل أيام مصادرة الآلاف من الأسلحة المتفلتة في مناطق مختلفة من البلاد، في حين اعتبرت وزارة الخارجية العراقية، أن السلاح المنفلت مدان ومرفوض من كل القوى العراقية.
تعليقاً على حديث المصادر، يلفت المحلل السياسي، “عدنان الكبيسي”، إلى أن كل ما ستشهده السياسة الأمركية خلال حكم “بايدن” هو تعديل في آلية التعاطي مع الميليشيات والحد من نفوذها، مشدداً على أن واشنطن ستسمر في الضغط على الميليشيات، لا سيما وأن ملف الميليشيات يدار من قبل المخابرات والأجهزة الأمنية الأمريكية ومستشارية الأمن القومي.
خطوات حكومية
الحديث عن مشكلات الميليشيات في العراق، لا ترتبط فقط بالضغوط القادمة من خارج الحدود، وإنما تمتد أيضاً إلى الجهود الحكومية العراقية للحد من سلاحها وقوتها العسكرية، بحسب ما يقوله “الكبيسي”، لافتاً إلى أن الأشهر، التي تسبق الانتخابات النيابية العراقية ستشهد ارتفاع وتيرة حملات الأمن العراقي لمصادرة الأسلحة والحد من انتشارها.
كما يشدد “الكبيسي” على أن استمرار حكومة “الكاظمي” في سياستها ضد الميليشيات مرتبط بحصولها على تأكيدات باستمرار الدعم الأمريكي لها، مشيراً إلى أن استعادة الدولة العراقية للقرار الوطني وفرض هيبتها، تمثل مصلحة دولية وإقليمية.
وكانت الحكومة العراقية، قد أكدت عزمها على الاستمرار عملياتها لأمنية لحصر السلاح المتفلت وحماية البعثات الأجنبية، خاصة عقب الهجمات الصاروخية التي استهدفت محيط السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، قبل أسابيع.