تعتمد الكويت بشكل شبه كلّي على عوائد النفط في تأمين ميزانياتها ونفقاتها الحكومية في ظل اقتصاد ريعي يستند إلى بيع الطاقة وتصديرها لتحقيق الأرباح.. ومع انهيار أسواق النفط التاريخي وهبوطها لمستويات غير مسبوقة.. بدأ التساؤل عن الحلول الفعلية الناجعة الواجب اتباعها لتستطيع الكويت تجاوز هذه الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر.
وشهدت الأسابيع الماضية تراجعًا كبيرًا في أسعار النفط الخام مع انتشار مرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) وما تلاه من فرض الحكومات في العالم قيودًا على السفر وتدابير احترازية لمواجهة الأزمة ما أدى الى تخمة في المعروض النفطي.
من جهتهم، اعتبر خبراء اقتصاديون كويتيون، أن ترشيد الإنفاق بات ضرورة لمواجهة تراجع إيرادات النفط بعد تهاوي الأسعار في الأسواق العالمية، ومع توصل دول مجموعة “أوبك بلس” في إبريل نيسان الجاري إلى اتفاق يقضي بخفض إنتاج النفط، بواقع 7.9 مليون برميل يوميا اعتباراً من الأول من مايو المقبل ولفترة أولية تستمر شهرين تنتهي في 30 يونيو 2020.
أعلنت الكويت في الـ 12 من إبريل نيسان الجاري أن حصتها من اتفاق خفض الإنتاج ستبلغ ما يقرب من 640 ألف برميل يوميًا لشهري مايو ويونيو، يذكر أن ميزانية الكويت، وصلت لهذا العام 22.5 مليار دينار كويتي (74 مليار دولار) مع توقعات عجز بـ 9.2 مليار دينار (نحو 30 مليار دولار) مع احتساب سعر البرميل بـ 55 دولارا وحجم انتاج 2.7 مليون برميل نفط. حيث يمثل النفط 90 في المائة من إيرادات الكويت.
كما ارتفع إنتاج الكويت من النفط مطلع نيسان إبريل الحالي، بعد استئناف الانتاج في المنطقة المحايدة مع المملكة العربية السعودية إلى 3.15 مليون برميل يوميًا.
الخبير الاقتصادي، طلال السيف، وفي تصريحه لوكالة الأنباء الصينية، قال إن إلغاء جميع المشاريع الرأسمالية الضخمة التي لا تحتاجها الكويت حاليًا، سيسمح بتخفيض ميزانية هذه السنة من 22.5 مليار دينار الى 15 مليار دينار.
من جهته، أشار المحلل الاقتصادي ميثم الشخص، إلى أن التراجع الكبير في الطلب على النفط زاد الضغوطات على الموازنات العامة لدول الخليج النفطية، “ميثم” وفي حديث لـ “شينخوا” أوضح أن “الكويت جزء من دول الخليج وهي تحت ضغط العوامل العامة، لكن قلة عدد السكان، مقارنة مع دول الخليج الأخرى، سيخفف هذه الضغوطات مع الأخذ بعين الاعتبار تحكم وزارة الصحة حتى الآن في انتشار مرض فيروس كورونا المستجد”.
هذا وتأثرت الكويت كحال باقي الدول الخليجية التي تعتمد بنسبة كبيرة في اقتصاداتها على تصدير النفط، بتوقف المصانع في آسيا التي تعتبر السوق الرئيسية للشركات النفطية الخليجية.
ويبدو تأثير تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الكويتي محدودًا رغم تراجع المداخيل النفطية وفقًا للمحلل الاقتصادي حجاج بو خضور، بوخضور أكد في حواره مع الوكالة الصينية أن “التأثير محدود، لأن انفاق الكويت استهلاكي وليس تنمويًا”.
حيث رأى بو خضور أن “الانفاق التنموي بالامكان تأجيله ولن تكون هناك آثار كبيرة مثل الولايات المتحدة أو فرنسا واليابان”، ووفق لرؤيته فإن معالجة الوضع الراهن لا تعتبر أمرًا صعبًا في الكويت “إذ يكفي أن تخفض الحكومة مصاريفها وتوقف بعض المشاريع”.
ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن الكويت وعلى غير العادة ستشهد هذا الصيف توفير حوالي 10 مليارات دولار، كان المواطنون ينفقونها في السياحة، إلى ذلك، قال محمد الهاشل محافظ المركزي الكويتي في وقت سابق، إن تعافي اقصاد بلاده سيتم في فترة تتراوح ما بين عام وثلاثة أعوام.
كما توقع الهاشل تراجع إيرادات عدة قطاعات اقتصادية غير نفطية في الكويت بنسبة تتراوح من 15 الى 30 في المائة، إن استمر الاغلاق بسبب فيروس كورونا من 8 إلى 12 أسبوعًا.
يذكر أن الكويت نفذت سلسلة تدابير لمواجهة مرض فيروس كورونا منذ الإعلان عن تسجيل أول اصابة في البلاد في فبراير شباط الماضي، فقد مددت الحكومة الكويتية الإغلاق الذي بدأ منذ 12 مارس آذار الماضي، إلى غاية 28 من أيار مايو المقبل.
كما قررت تمديد حظر التجول، الذي بدأ منذ 22 مارس الماضي، ليستمر حتى نهاية شهر رمضان من الساعة الرابعة عصرًا وحتى الساعة الثامنة صباحًا ، بالتوقيت المحلي، بدوره.. توقع الخبير الاقتصادي طلال السيف تعافي الاقتصاد الكويتي بعد الربع الاول من عام 2021.
وقال إن أمام الحكومة الكويتية حلا واحدا هو إقرار مجلس الأمة لقانون الدين العام والاقتراض للاستفادة من أسعار الفائدة المتدنية في السوق العالمية، على أمل أن تتحسن الأسعار العام المقبل، وينظر الخبير الاقتصادي ميثم الشخص بتفاؤل لعودة بعض الأعمال في الكويت بشكل تدريجي خلال شهر مايو أيار.
وقال “الكل ينتظر عودة العمل .. لدينا في الكويت إحساس بأننا من الدول التي ستعود فيها الأعمال قريبا لكننا نصدر النفط للخارج، لذلك فإن تحسن الاقتصاد مرتبط بعودة الأعمال في الخارج وتحسن أسعار النفط.