كما هي العادة، مراكب اللاجئين من بحر تركيا إلى جزر اليونان، الورقة المفضلة لدى الرئيس التركي، أو ربما ما يمكن أن نسميه جوكر الابتزاز السياسي التركي للاتحاد الأوروبي، مع كل أزمة أو خلاف بوجهات النظر تمر بها العلاقة بين الجانبين.
محللون سياسيون اعتبروا أن التصريحات التركية حول السماح للاجئين بالانطلاق من أراضيها نحو الجزر اليونانية، لم يأت مصادفةً بالتزامن مع طلبها عقد اجتماع لحلف شمال الأطلسي، لبحث فرض حظر جوي فوق مدينة إدلب، بعد ساعات من مقتل 33 جندياً تركياً بقصف جوي من طيران النظام على مواقعهم في المدينة.
وأشار المحللون إلى أن التصريح التركي حمل من حيث التوقيت رسالة للجانب الأوروبي قبيل ساعات من الاجتماع، مفادها إما دعم التوجه التركي في مسألة إدلب، أو مواجهة موجات من اللاجئين تعيد إلى الأذهان موجة صيف العام 2015، والتي لا تزال القارة الأوروبية تعاني من تبعاتها حتى اليوم، كما أنها أسهمت بإسقاط العديد من الحكومات والشخصيات السياسية الأوروبية البارزة، مقابل صعود لليمين الأوروبي.
قرار السلطات التركية، وجد أيضاً مكاناً له على مواقع التواصل الاجتماعي عبر تعليقات الناشطين، نشرت يعض الحسابات صوراً قالت إنها لوصول دفعات من اللاجئين السوريين إلى الجزر اليونانية بعد ساعات من القرار التركي، في حين كتب حساب باسم “مشعل الخالدي” على تويتر: “هكذا يتاجر اردوغان باللاجئين، حافلات مجانية تنقل اللاجئين الى الحدود اليونانية، حرس الحدود التركي يوجه اللاجئين بالعبور إلى اليونان عبر البحر، صحيح ان هذه المقاطع جزء من بروباغندا النظام التركي ولكنه يكشف أيضا قيمة اللاجئ عند الأتراك”.
إلى جانب ذلك كتبت الناشطة “سارة خالد” على حسابها في تويتر: “اتخذ اردوغان جنوده كأداة لدخول سوريا ويستخدم اللاجئين السوريين كأده لتهديد أوروبا”، في حين نشر ناشطون آخرون صوراً لحافلات قالوا إن الحكومة التركية جهزتها لنقل اللاجئين إلى منطقة ساحلية تجهيزاً لانطلاقهم نحو الجزر اليونانية، حيث كتب حساب باسم “عبيدة يحيى”، الذي أرفق الصور: “صورة للباصات المتجهة من أمام مبنى إدارة الهجرة في اسطنبول إلى الحدود التركية اليونانية لنقل المهاجرين بشكل مجاني ستكون الحافلات لنقل من يرغب من اللاجئين بالذهاب للبوابات الحدودية مع اليونان في الساعه ٨ صباحاً بشارع الوطن أمام مبنى دائرة الهجرة”.
على الجانب الأوروبي، هاجمت صحف إسبانية الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” على خلفية التصريحات المتعلقة بالسماح للاجئين بالمرور من تركيا إلى اليونان، متهمةً إياه باستغلال أي فرصة لاستغلال الاتحاد الأوروبي، خاصة من خلال ورقة اللاجئين.
في غضون ذلك، نشرت وكالة أنباء الأناضول التركية مقطع فيديو، قالت إنه لإنطلاق أول زورق للمهاجرين غير النظاميين إلى جزيرة ميديلي اليونانية، عقب الأنباء التي أفادت بأن تركيا لن تعيق عبور المهاجرين نحو أوروبا، لافتةً إلى أن القارب يحمل لاجئيين أفغانيي الجنسية بينهم 5 أطفال.
من جهتها، دعت المفوضية الأوروبية، الحكومة التركية إلى الالتزام بتعهداتها حيال ملف اللاجئين ضمن الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا عام 2015، والذي حصلت بموجبه أنقرة على 3 مليارات دولار دعماً للاجئين على أراضيها، لافتةً إلى أن الحكومة التركية لن تصدر أي شيء رسمي حتى الآن حيال مسألة فتح لحدود.
كما أشار الناطق باسم المفوضية الأوروبية “بيتر ستانو” إلى أن المسؤولين الأتراك لم يبلغوا بروكسل بأي تغيير للاتفاق رغم التقارير التي أشارت إلى أن السلطات التركية فتحت الأبواب أمام اللاجئين السوريين للتوجّه إلى أوروبا.
قلق الأوروبيين، لم يقتصر على موجات اللاجئين المتدفقة، وإنما شمل ذلك إلى التحذير من مغبة الانزلاق في آتون نزاع دولي في مدينة إدلب، بحسب ما نشره، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيف بوريل”، داعياً في تغريدة له على موقع تويتر وقف التصعيد في إدلب على وجه السرعة، قبل اندلاع مواجهة عسكرية دولية كبيرة مفتوحة.
ملامح نتائج الضغط التركي على أوروبا سرعان ما ظهرت على تصريحات مسؤولي حلف شمال الأطلسي، حيث أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ينس ستولتنبرج”، على أن دول الحلف تعبر عن تضامنها مع تركيا؛ البلد العضو فيه، والذي فقد 33 جنديا في ضربة جوية نفذتها قوات الحكومة السورية يوم الخميس.
كما دعا الأمين العام كل من روسيا والنظام السوري لوقف الهجوم على إدلب مضيفا: الحلفاء يندد بالضربات الجوية العشوائية التي ينفذها النظام السوري وروسيا في إدلب”، دعياً للعودة إلى وقف إطلاق النار المبرم في 2018 وتوفير مساعدات إنسانية لإدلب.