حرّي بعلماء الدين الانحياز لأصوات المظلومين ضد الطغاة والجبابرة ممن يذلون شعوبهم ويستبيحون الأعراض والدماء بهدف البقاء على عرش السلطة مهما كان الثمن.
وإن كان الإسلام نزل رحمة بالعباد وتخليص للبشر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؛ فإن بعض من يتأولون الدين ويلبسون ثوب العلم يناقضون ببعض تصرفاتهم مغزى الحرية والكرامة التي طالب بها الدين وحظ أتباعه عليها.
ومع الحملة الشرسة التي يشنها نظام الأسد المجرم، الذي استهدف الحجر قبل البشر في آخر معاقل الفارين من بطش آلة التعذيب الأسدية وتسلط أجهزته الأمنية.. ومع حملة التقدم والانتصار المزعوم على أشلاء الأطفال وجماجم الأموات وبدعم روسي إيراني كبير وسكوت وصمت دولي مخجل، ينبري بعض من كان حريًّا بهم الدفاع المهجرين والفارين لتأييد الطغاة تحت ذرائع شتى.
وإن كانت بعض التصرفات أو الاتهامات التي تتهم المعارضة أو قواتها، باستهداف أحياء مدنية أو غيرها أو أنها تسببت بتنغيص حياة الناس كما في حلب وسواها، فهو اتهام له ما له وعليه ما عليه دون انكار أن الواضح والمعلوم هو بطش النظام وتقصد آلته وميليشياته ضرب الناس وتجويع الناس وتهجير الناس والانحياز ضد رغبة الناس بل والاستعانة بمن يخالف شعبه عرقًا ومنطقًا ولغة ودينًا كميليشيات إيران ومخططاتها ذات البعد الطائفي.. كل ذلك لم يلق له أولئك الأفاقين أي بال أو شأن كحال حسون وغيره من شيوخ السلطان في سورية الذين جندهم الأسد – بل ربما هم من انطلق مؤيدًا للأسد – فلاموا الشعب وباتوا ينشدون أمانًا مزعومًا ضاع في السنين الماضية، مرديين أسطوانة المؤامرة والإرهاب التي أخذها النظام شماعة ومبررًا لكل همجيته وعنجهيته.. فلو أطاقوا السكوت على الأقل احترامًا لدماء زكية وأرواح مظلومة أزهقت دون ذنب سوى أن طالبت بحريتها.
أطلق من يسمي نفسه بالداعية الإسلامي ” محمد أبو الفتح البيانوني ” تغريدة على معرفه الخاص في تويتر، يشكر فيها الله سبحانه، على” الابتلاء” الذي تخلصت منه مدينة حلب بعد سيطرة قوات النظام على أريافها الغربية والشمالية و “تأمين “عاصمة سورية الاقتصادية.
والبيانوني المذكور، مواليد حلب 1940 حاصل على إجازة في الشريعة من جامعة ” دمشق ” وماجستير ودكتوراه من جامعة الأزهر، وهو الشقيق الأصغر للمرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في سورية علي صدر الدين البيانوني.
تميز مواقف البيانوني بالتباين الشديد من الثورة السورية، حيث شارك في بداية الثورة مع بعض مشايخ حلب بصياغة بيان دعوا فيه إلى إعطاء المزيد من الحريات والامتناع عن استخدام العنف.
ليعاود البيانوني إصدار بيانٍ في شباط من العام 2013 رفض فيه التغيير بالعنف واعتبر أن ما يحدث في سوريا فتنة ويجب اعتزالها، واقتصرت تعليقاته بعد ذلك على الملف السوري بالأمنيات في أغلب الوقت للتخلص من “سنوات الفتنة” كما أسماها.
عاد أبو الفتح البيانوني إلى دمشق في نيسان / ابريل العام الماضي وزار مجمع أحمد كفتارو، والتقى ببعض “علمائه” ليعود بعدها إلى عمله خارج سورية.. وأثارت عودته حينها جدلًا واسعًا أعقب ظهوره في دمشق ، حيث تم الترويج لظهوره مع النظام في دمشق بالقول: البيانوني عاد إلى حضن الوطن، وهو المصطلح الذي يتم إطلاقه على من يعودون إلى سورية من الخارج وتحديدا من المعارضين.
وسخر العديد من رواد تويتر من البيانوني، حيث علق أحدهم بالقول : ” هذه أ. د خدعت بها أمة الإسلام و ما أراك إلا جويهلًا لا ينظر أبعد من أنفه تبا لمن من منحك أ. د ولو منحوك( ح م ا ر) لكان كثيرا عليك”.
وعلق آخر :” تبت يداك يا أبا جهل وشل الله لسانك وأسقمك .. نعمة الله ستتم على الأمة الإسلامية حين نتخلص من رجسكم ودنسكم وقاذوراتكم.. ودماء شهدائنا لن تذهب هدرا وبيننا وبينكم وعد الله بالنصر عليكم ودحركم”.
الجدير بالذكر، أن البيانوني الفرح بسقوط حلب، كان أول من انبرى ودافع عن التدخل الروسي في سورية في وقت سكتت فيه دار الإفتاء الرسمية والخاضعة للنظام عن حيثيات التدخل أو شرعيته، ليعتبر البيانوني حينها أن تدخل الروس شر دون شر وهو أهون الشرين من وجهة نظره.
وفي ذات السياق، تسبب سقوط القرى المحيطة بحلب، موجة تهليل وترحيب من شخصيات وصفت سابقًا بالحياد أو المعارضة، لتنطلق ألسنتهم بالتهليل والمباركات بما جرى يوم 16شباط في خطوة تشابه تعليقات البيانوني وتثير استهجان الشعب السوري وكل مناصري الحرية في كل مكان.