تناولت تقارير صحفية المشهد السياسي في السودان، ” فبالرغم من مرور نحو 3 أشهر على تولي “عبد الله حمدوك” رئاسة الحكومة السودانية، إلا أن التعقيدات لا تزال تشوب المشهد السياسي السوداني، حسب تقارير صحفية، وتطرح تحديات جمة على طريق الانسجام بين العسكر والمدنيين، في بلد بدأ لتوه رحلته نحو الاستقرار السياسي. وفق وكالة الأناضول.
تحديات يفرضها وضع سياسي واقتصادي غير مستقر، عقب توقيع المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير اتفاقا تشكلت على ضوئه سلطة انتقالية في مستواها السيادي والتنفيذي، فيما لا يزال المجلس التشريعي بعيدا عن التكوين في الوقت الحالي.
العلاقة بين لجان المقاومة
قضية لجان المقاومة، التي تشكلت خلال الثورة على نظام حكم الرئيس السابق “عمر البشير” ، أعادت باليومين الماضيين إلى الواجهة شكل العلاقة بين الأعضاء المدنيين والعسكريين في مجلس السيادة، ومدى تناسقهم في عملهم. وسلط لقاء عضو مجلس السيادة “محمد حمدان دقلو حميدتي” ومدير المخابرات “أبوبكر دمبلاب” ، الضوء على مسار هذه العلاقة بين المدنيين والعسكر.
وأثار اللقاء جدلاً واسعا عقب إعلان لجان مقاومة بالعاصمة الخرطوم تضم عدد من لجان أحياء بالمدينة، تعرضها لحملة منظمة بغرض إضعافها وتشويه صورتها وتحييد دورها المقاوم تمهيداً لتصفيتها.
ولجان المقاومة؛ تشكلت في الأحياء والقرى والمدن بالبلاد، عقب اندلاع الاحتجاجات في 19 ديسمبر/ كانون أول الماضي، وكان لها الدور الأكبر في إدارة التظاهرات بالأحياء والمدن وحتى في عزل الرئيس السابق “البشير” لاحقا.
اعتبر الكاتب “عبد الحميد عوض الكريم”، أن أعضاء مجلس السيادة بمكوّنهم العسكري والمدني بدوا منسجمين وهم يتعاملون حول ملف السلام. لكن لقاء “حميدتي ودمبلاب” أشار إلى أن هناك خفايا حول هذه العلاقات الجيدة، لأن سعي هؤلاء المنسوبون للمكون العسكري للقاء لجان المقاومة يشير إلى أنهم يسعون إلى نزع أحد أذرع القوة لدى قوى الحرية والتغيير والمدنيين في مجلس السيادة.
صراع مبطن
وأضاف: هذا اللقاء بالتأكيد يشير إلى وجود صراع مبطن بين العسكر والمدنيين في مجلس السيادة. إلا أن المحلل السياسي “عبد الله رزق”، يرى أن مجلس السيادة الانتقالي مكون واحد لا مجال فيه للتمييز بين العسكري والمدني، عقب توقيع الوثيقة الدستورية في أغسطس/ آب الماضي. ويعزى “رزق”، تباين المواقف أحيانا إلى قلة الخبرة لدى الأطراف العسكرية والمدنية في مجلس السيادة.
وتابع: بمرور الوقت، ستنتفي مثل هذه المسائل والتداخلات بين العسكر والمدنيين باعتبار أن ضعف الخبرة والتجربة أسباب هذا الاختلاف.
بدأت في السودان، يوم 21 أغسطس الماضي، مرحلة انتقالية تستمر 39 شهرًا، وتنتهي بإجراء انتخابات. ويأمل السودانيون أن ينهي الاتفاق بشأن المرحلة الانتقالية اضطرابات يشهدها بلدهم منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، “البشير” من الرئاسة (1989 – 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.
تعقيدات سياسية
تتبلور التعقيدات على مستوى السلطة السيادة، حيث أن مجلس السيادة مكون من 6 مدنيين رشحتهم قوى الحرية والتغيير، و5 عسكر يمثّلون عماد اللجنة الأمنية للعهد السابق التي عزلت “البشير”.
وعلاوة على ذلك، تبرز تحديات أخرى في علاقة بالسياق الاقتصادي الصعب الذي تولت فيه حكومة حمدوك السلطة، إضافة إلى الحرب التي تشهدها بعض مناطق البلاد، واستمرار تحكم عناصر حزب “البشير” في مفاصل الدولة.
كمت أن المتتبع لأداء حكومة “حمدوك” سيقف على أنها تسعى لتحقيق نجاح في أمرين محددين؛ أولهما تحقيق السلام ما من شأنه خلق استقرار سياسي في البلاد يساهم في تحقيق نمو اقتصادي، وهذا ما أكده رئيس الوزراء بأكثر من مناسبة.
صاحب هذا الحراك السياسي نحو السلام من قبل الحكومة الانتقالية تركيز باتجاه آخر وهو رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، الملف الشائك الذي لم يمكّن التغيير الحاصل في السودان من تيسيره.
إذ رفعت إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017، عقوبات اقتصادية وحظرًا تجاريًا كان مفروضا على السودان منذ 1997. لكن واشنطن لم ترفع اسم السودان من قائمة “الدول الراعية للإرهاب”، المدرج عليها منذ عام 1993، لاستضافته الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة، “أسامة بن لادن”.
مصاعب اقتصادية
أقالت حكومة “حمدوك” معظم قيادات الصف الأول في الوزارات والمؤسسات والهيئات والشركات الحكومية، إلا أن الكثيرين يرون أنها لازالت بعيدة عن تحقيق مطالب الجماهير.
ويرى الكاتب الصحفي “عبد الحميد عوض الكريم” ، أن حكومة “حمدوك” نجحت سياسياً، ويحسب لها أنها حتى الآن حفاظها على “الحرية” وهي أحد شعارات الثورة ، وسعيها لبناء دولة ديمقراطية. وفق الأناضول.
لكنه يعود مستدركاً: رغم النجاحات التي حققتها الحكومة على هذه المستويات، إلا أنها لم تفعل شيئا على المستوى الاقتصادي بهذه الفترة القصيرة.
وأردف: ولكن مطلوب منها خطة واضحة للأزمات الاقتصادية الحالية لأنه حتى الآن، لا يبدو أن لديها خططا اقتصادية للتعامل مع هذه الأزمات.
من جانبهم، يعتبر مراقبون أن الأزمات المستمرة اقتصاديا تشكل سبب وجود عناصر موالية لحزب “البشير” ، وتعيق انسياب خدمات الوقود والمواصلات والخبز وغيرها للجماهير، بغرض خلق حالة بلبلة بالبلاد.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.