كثيراً ما يثار الجدل من الناحية السياسية حول العمليات العسكرية الدائرة في ليبيا، بالإضافة إلى تناول خريطة الانتشار الميداني على الأرض لكل من قوى الجيش الوطني الليبي والميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق، ولكن يبقى الأمر الأكثر غموضاً وأقل تداولاً في الإعلام، هو كيف يمول تنظيم الإخوان المسلمين العمليات العسكرية التي تخوضها تلك الميليشيات ضد الجيش، خاصة مع تصاعد أعداد المرتزقة الأجانب في صفوف تلك الميلشيات، والتي أشارت العديد من التقرير إلى أن الراتب الشهري للعنصر الواحد وصل إلى 2000 دولار أمريكي.
“تركيا”، ربما تكون هي حجر الأساس في الدعم العسكري والسياسي لحكومة الوفاق المحسوبة على التنظيم، ولكن بالتأكيد لا يمكن الاعتماد عليها في عمليات التمويل، بحسب الكثير من المراقبين، وذلك لسببين: الأول هو الوضع الاقتصادي التركي المتردي وانخفاض معدلات سعر صرف الليرة التركية امام الدولار، والثاني هو تصريحات الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” التي تحدث فيها عن مصالح اقتصادية تركية في ليبية وعن المطالبة بمبالغ مستحقة لشركات تركية كانت تعمل في البلاد في ظل نظام “معمر القذافي”.
أمام تلك الوقائع، ظهر “البنك المركزي الليبي”، والذي يعتبر واحداً من أهم المراكز الليبية الرسمية التي حاولت جماعة الإخوان المسلمين السيطرة عليها، كونه يضم كافة الاحتياطات المالية والنقدية وعائدات النفط الليبي، وهو ما لم يكن وليد اللحظة وإنما يعود إلى العام 2018، عندما أصدر رئيس حكومة الوفاق، “فايز السراج” قراراً منح التيارات الإسلامية هيمنة كبيرة في مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، بالإضافة إلى المؤسسات الحيوية في البلاد كالمصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ما اعتبر محاولة صريحة من التنظيم لخطف مؤسسات الدولة المالية.
من جهته، يقول المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء “أحمد المسماري” في تصريحاتٍ صحافية حول عمليات تمويل الإخوان المسلمين: “هؤلاء العناصر صرفوا للميليشيات الإرهابية في يوم واحد 2 مليار، فيما كان الشعب الليبي يموت أمام المصارف”، في إشارة منه إلى دور التنظيم الإخواني بسرقة الأموال الليبية، كاشفاً أن جماعة الإخوان تسيطر على مصرف ليبيا المركزي،ويصرفون المليارات للإنفاق على الميليشيات، خاصةص وان قادة الفصائل الذين يدعمون التدخل التركي حصلوا على مكافآت مالية بالملايين.
إلى جانب ذلك، أكد “المسماري” أن أكثر من 50 مليار دينار ليبي هربت من ليبيا إلى تركيا، التي قال إنها تحتضن قادة الإرهاب، مضيفا: “اتفاقية ترسيم الحدود أضرت ليبيا وزجت بها في معركة لا دخل لها بها”.
تزامناً أكد رئيس لجنة السيولة فى المصرف المركزي الليبي بالبيضاء، “رمزي آغا”، أن المصرف المركزي بطرابلس مختطف من أذرع الإخوان فى ليبيا، مشيرًا إلى أن أموال ومدخرات الليبيين تذهب لتمويل الميليشيات المسلّحة والمرتزقة الأجانب.
كما امتدت اتهامات “آغا” إلى ذكر الشخصيات الإخوانية المسيطرة على المصرف المركزي بالاسم، موضحاً في حديث لموقع العربية نت: “يحاول تنظيم الإخوان فى ليبيا السيطرة على المصرف المركزي فى العاصمة طرابلس، من خلال تعيين رجالاته فى مناصب عليا وقيادية بمجلس الإدارة، لتمويل جماعاته وميليشياته وأنشطته ودعم حلفائه الإقليميين، ومنهم فتحى عقوب، القيادى فى حزب العدالة والبناء، الذى يشغل منصب أمين سر مجلس إدارة المصرف وطارق المقريف، أحد أهم القيادات الإخوانية التى تتحكم بمفاصل المصرف المركزي، إذ يشغل منصب عضو مجلس الإدارة
في غضون ذلك، علق الكاتب المتخصص فى الشأن الليبي، “علي طرفاية” على مسألة سيطرة الإخوان المسلمين على الأعصاب الحيوية للاقتصاد الليبي، بالتأكيد على وجود عملية ممنهجة لنهب وسرقة الثروات وأموال الشعب الليبي بالتواطؤ مع جماعة الإخوان الإرهابية وتركيا، مضيفاً خلال مداخلة مع برنامج “الآن” المذاع على قناة “إكسترا نيوز” الفضائية المصرية: “نقل الأموال المنهوبة والمسروقة من ليبيا يتم عبر اعتمادات بنكية وهمية على أساس استيراد سلع معينة، هذه السلع الذي يزعمون استيرادها ما هي إلا كذبة لكي تتم سرقة الأموال عن طريقها”.
وأشار “طرفاية” إلى أن البنك المركزي الليبي يقبع عملياً تحت سيطرة جماعة الإخوان والميليشيات الموالية لها، مؤكداً أنه يتم تسيير أموال النفط داخل البنك المركزي عن طريق شخصيات موالية للتنظيم الإخواني، والتي تتحكم بهذه الأموال وتسرقها، لافتاً إلى أن هناك وديعة وضعت بقيمة 4 مليارات دولار فى البنك البنك المركزي التركي بدون أي فوائد ولا يمكن كسرها قبل أربع سنوات.