شكّل مؤتمر برلين المنعقد قبل يومين للتباحث بالشأن الليبي “العقدة الجيوسياسية الأبرز في الشمال الأفريقي” وعموم المنطقة، نقطة فارقة في بعض الملفات رغم نتائجه المتواضعة.
ويأتي استبعاد المملكة المغربية من أجندة المؤتمر ليثير استغراب كثير من المتابعين والمختصين بالشأن الليببي، وهو ما أثار اندهاش الرباط نفسها والتي سبق لها أن رعت اتفاق الصخيرات، الذي يعد الاتفاق السياسي الأبرز في السنوات الأخيرة من الثورة الليبية والتي دخلت مراحل نزاع وتصعيد متقدمة بين قوات الجيش الليبي بقيادة الجنرال “خليفة حفتر” وحكومة الوفاق المحسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين والتي يقودها فايز السراج في طرابلس.
خبرة قديمة واستغراب مبرر
اعتبرت الرباط استبعادها من المؤتمر الدولي مثار تعجب قوي، فالمملكة صاحبة خبرة فعلية في مقاربة الشأن الليبي والتعامل مع الصراع الليبي بخبرة اكتسبتها في إنهاء صراع عام 2015 بتوقيع اتفاق الصخيرات برعاية أممية.
قال بيان الخارجية المغربية، أنه لا يمكن للبلد المضيف لمؤتمر برلين (ألمانيا) البعيد عن المنطقة وعن تشعبات الأزمة الليبية، تحويله إلى أداة للدفع بمصالحه الوطنية.
وأكّد المغرب مواصلته دعم الأشقاء الليبين والبلدان المعنية والمهانة بصدق، من أجل المساهمة في إيجاد حل للأزمة الليبية.
وتعتبر المغرب أن القضية الليبية شأن يخص جميع دول شمال أفريقيا، فيما أشارت الرباط لمخاوف تتعلق بإبعاد اتفاق الصخيرات الذي رعاه المغرب سابقاً، الأمر الذي يهدد الوضع الليبي ككل.
التفاتة ليبية
رغم إقصاء المملكة من مؤتمر شارك فيه، مختلف الفاعلين الإقليمين والمحليين، تنبه الجيش الليبي والجنرال خليفة حفتر، لخطورة إبعاد الرباط ودولة تشاد من حضور مؤتمر برلين!. ووجه الجيش الليبي اليد للمغرب للعودة كطرف أساسي في حل أزمة ليبيا البلد المغاربي الكبير.
وعبر “عبد الهادي الحويج” وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المؤقتة، عن أسفه لاستبعاد الرباط من حضور أشغال مؤتمر برلين حيث لم تقم الأمم المتحدة بدعوة المملكة ولا دول أفريقية فاعلة كتشاد.
وأكد الحويج أن الحكومة الليبية والشعب الليبي، يثمنان عالياً جهود المملكة المغربية في مواجهة الارهاب، ومساهمتها في التسوية السلمية في ليبيا.
وجدد الوزير الحويج، الترحيب بجميع الجهود والمساعي التي يبذلها الملك محمد السادس إقليميا ودوليًّا بهدف إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية.
وتعتبر الدعوة الليبية التي أطلقها الحويج، هي الثانية من نوعها، حيث سبقتها دعوة في شهر ديسمبر الماضي ترجو الملك محمد السادس قيادة وساطة تسعى للتوصل إلى اتفاق ثان بين الفرقاء الليبين على شاكلة اتفاق الصخيرات.
مؤتمر برلين.. نهاية اتفاق الصخيرات
اختتم المؤتمر الدولي حول ليبيا بالعاصمة الألمانية برلين، يوم الأحد، حيث اتفق المشاركون على خارطة طريق مفترضة تعيد السلام إلى ليبيا، وتمخض الاتفاق عن تشكيل لجنة مراقبة دولية مكونة حصرياً من المشاركين في الاجتماع للتنسيق، بالإضافة للجنة عسكرية تراقب وقف إطلاق النار.
ومن المقرر الاجتماع باللجنة في جينيف خلال الأيام المقبلة وفق لتصريحات أممية، ومع تحدث المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” عن بداية مرحلة جديدة، تبدو الاشارات واضحة لنهاية اتفاق الصخيرات الأمر الذي يبدو في باطنه سبب امتعاض الرياض وكذلك محركاً للتقارب الذي أبداها قائد الجيش الليبي الجنرال حفتر نحو المغرب مجدداً.. وقد يفسر اللقاء والقمة الإماراتية المغربية قبل ساعات.
تاريخ وخبرة في ليبيا
كانت الرباط من أولى الدول التي شاركت في جلسات مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا، التي انطلقت في ربيع عام 2011 والقذافي ما زال على رأس السلطة. واستمرت المراسلات بين الملك والمجلس الانتقالي الوطني الليبي.
كما واستضافت الرباط سلسلة المفاوضات التي أفضت لتوقيع اتفاق الصخيرات عام 2015، كما وشاركت في سلسلة الاجتماعات الوزارية الدولية حول القضية الليبية في روما.
الإمارات والملك المغربي
نقلت وسائل إعلام اماراتية، صور لقاء تم بين ولي عهد أبو ظبي والملك المغربي.
وزار الملك محمد السادس، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، في مقر إقامته.
وتحمل الزيارة بعدين هامين في دلالة التوقيت والمكان، فزيارة الملك لولي عهد أبو ظبي، جاءت بعد قدوم الشيخ محمد بن زايد من ألمانيا بعد انتهاء مؤتمر برلين، الذي ترأس فيه وفد بلاده.
يضاف لذلك أن الزيارة بعثت برسائل خاصة حول التقارير المتعلقة بأزمة صامتة بين الرباط وأبو ظبي تمخضت حينها عن سحب الرباط لسفيريها في الرياض وأبو ظبي للتشاور وغيرت القوات المغربية حينها من تمثيلها في التحالف العربي في اليمن.
وأشارت وسائل إعلام محلية أن اللقاء جاء ليعكس التطور الملحوظ في العلاقات الإماراتية المغربية، ولا يمكن فصل اللقاء عن مخرجات مؤتمر برلين والامتعاض المغربي حول استبعاد المملكة من الحضور وما تعنيه مخرجات مؤتمر برلين حول اتفاق الصخيرات.
نشير أن قضية الصحراء الغربية شكلت ملف توتر بين البلدين خلال الفترات الماضية، لتأتي تطورات المشهد الليبي والذي تعتبر فيه الامارات فاعلاً رسميًا مع دعمه للجيش الليبي بقيادة الجنرال حفتر، لتضيف لتقاطع الملفات المغربية الإماراتية بعدا جديدًا.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.