تشهد الساحة العراقية غموضاً فعلياً حول مصير القوات الأمريكية – والأجنبية – في البلاد بعد احتدام المواجهات بين واشنطن وطهران والتي اتخذت من العراق مسرحاً لتلك الأحداث عبر عدّة مؤشرات أبرزها مهاجمة القواعد الأمريكية ضمن معسكرات الجيش العراقي مروراً بمحاولة حصار السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد (وهو الحدث الذي أعاد للأذهان تجربتي سفارة أمريكا في طهران وبنغازي).
حيث أرسلت واشنطن قواتها ودعمها لمنع أي اختراق للسفارة.. وصولاً لضربة أمنية عالية المستوى مع الهجمة الجوية التي أردت الجنرال الإيراني الأبرز ” قاسم سليماني ” ونائب قائد ميليشيات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.. لتشكل عملية تصفية سليماني ضربة موجعة جداً للنفوذ الإيراني في العراق والدول العربية لمّا تصح منه سلطات نظام الملالي بعد رغم ارتفاع منسوب عمليات الاستهداف لأماكن التواجد الأمريكية في مختلف المحافظات العراقية والذي صنف – لدى البعض – بأنه عمليات انتقامية تعكس مدى التخبط الإيراني..
ولعل تصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين حول تلك الضربات يؤكد ذلك، حينما ربطوا سحب القوات وتسليم بعض المعسكرات للجيش العراقي بأنها خاضعة لتكتيك إعادة الانتشار وليس نتيجة التهديد الإيراني أو كمنعكس له.
فرقة الشياطين 82.. دليل المواجهة
قرار واشنطن التصدي لإيران ونفوذها في العراق تدعمه عدة مؤشرات وتؤيده عدة افتراضات لعل على رأسها عدم سماح واشنطن لإيران بتحقيق انتصار على أمريكا يجبرها على الانسحاب من العراق بالشكل الذي تريده طهران ودون خطى مدروسة تحقق مصالح أمريكا قريبة وبعيدة المدى.
أما أبرز مؤشرات ذلك، ما أفادت به تقارير إعلامية عن رغبةٍ أمريكية متصاعدة بإبقاء قوات المظلات في الشرق الأوسط.. والتي تُعرف بفرقة “الشيطان 82″، بهدف وحيد: ردع إيران والتصدي لتهديدات الميليشيات الموالية لها ووكلائها في المنطقة.
أبعاد استمرار فرقة الشيطان
موقع “ديلي بيست” الأمريكي، ذكر عن ما أسماها بمصادر مطلعة، أن وزير الدفاع “مارك إسبر” يبحث فعلياً تمديد فترة قوة ردع أُرسلت إلى الشرق الأوسط لمواجهة شبكة الميليشات الإيرانية.
من جهة أعمق، يشير الموقع أن طلب تمديد فترة البقاء والانتشار جاء بطلب من قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) الجنرال، كينيث فرانك ماكنزي، حيث يرى الخبراء العسكريون الأمريكيون أن الجيش لا يعتقد أن انتشار فيروس كورونا قد يقلل من خطر التصعيد مع شبكة الميليشيات الإيرانية بالعراق.
ويعمل قرابة 3 آلاف من جنود المظلات كقوة ردع فعل فورية، تم بناؤها للنشر في غضون مهلة قصيرة إلى النقاط الساخنة في العالم.
مصادر أخرى لم يذكر “ديلي بيست” هويتها، أشارت أن السعي إلى تمديد عمل هذه الفرقة، كان بطلب من القائد ماكينزي.
ولم يصدر عن البنتاجون أي تأكيد أو نفي لمثل هذا القرار المتعلق بالفرقة “82” مظلات.
وفي تصريحات سابقة له، أعرب قائد القيادة المركزية الأمريكية عن اعتقاده أن أزمة الصحة العامة التي أصابت إيران بشكل حاد تجعل طهران أكثر ميلاً إلى التصعيد، وليس أقل.
تهديدات ترامب السابقة
يصّر الرئيس دونالد ترامب على فكرة رئيسية موجهة للداخل الأمريكي أصلًا ومن بعدها للخارج، بأنه الحامي الأول للمصالح الأمريكية والمواطنين الأمريكان، وهدد ترامب، في وقت سابق، إيران بضربة غير مسبوقة، إن تعرضت الولايات المتحدة لهجوم من جانب طهران.
وذكر ترامب في حملته تغريدات على حسابه الشخصي في “تويتر”: “إذا هاجمتنا إيران مجدداً فستتعرض لضربة أكبر من أي ضربة سابقة تعرضت لها”.
وأضاف الرئيس الأمريكي في تغريدة أخرى: “إذا هاجمت إيران القواعد الأمريكية أو أي شخص أمريكي، فسنوجه ضدها أفضل عتادنا العسكري دون تردد”.
أما تهديدات طهران وميليشياتها، بتحديد 35 موقعاً أمريكياً لاستهدافها إضافة إلى إسرائيل، فقد سارع ترامب لرد التهديد بتهديد أوضح.. واشنطن أيضاً حددت 52 موقعاً إيرانياً سيضربها الجيش إذا استهدفت إيران أي أمريكيين أو أي أصول أمريكية.
توترات تتصاعد بعد مقتل سليماني واتخذت من المنطقة والعراق ساحة للمواجهة
الفرقة 82 المجوقلة
وتعرف الفرقة “82” باسم “الموت من الأعلى”، أو “الشيطان 82” التي تعتبر جزءً من السلاح “18 المحمول جواً” في الجيش الأمريكي، حيث تتكون من 6 ألوية يعرفوا باسماء: “الشيطان، الصقر، النمر، مدفعية الميدان، الطيران القتالي، دعم الفرقة 82”. وشكلت الفرقة عام 1917 خلال سنوات الحرب العالمية الأولى.
أبرز مهمات الفرقة.. الإنزال الجوي والهجوم بالمظلات فيما يُعد استجابة سريعة للطوارئ في أي مكان في العالم، وذلك خلال 37 ساعة فقط من لحظة استلام الأوامر من القيادات العليا.
تستخدم هذه القوة كعامل ردع، بالإضافة لمهمتها كقوة قتالية ضاربة، تعمل على الاستيلاء والتمسك بالأهداف المهمة، والقواعد المتقدمة، التي تقع في أماكن بعيدة، التي من غير المحتمل وصول قوات برية، لها في وقت قريب.
كما تحاول القوة استغلال تأثير أسلحة الدمار الشامل، معتمدة على رد الفعل السريع اتجاه الأحداث الجارية.
هذا وتشمل مهامها تنفيذ عمليات تكتيكية، في تزامن وتعاون وثيق مع قوات صديقة، ضد عدو معروف، أو ضد قوات متمردة، في بيئة عملياتية مضادة للعصيان.
للفرقة تاريخ طويل في خوض النزاعات فقد شاركت فرقة “الشيطان 82 ” في الحربين العالمية الأولى والثانية، كما خاضت حرب فيتنام وبنما وأفغانستان ومختلف عمليات مكافحة الإرهاب.
الفرقة في الشرق الأوسط
أرسلت واشنطن، مجموعة جديدة من كتيبة المشاة المظليين، إلى الشرق الأوسط، بعيد تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران منذ مقتل سليماني، حيث غادرت مجموعة جديدة من كتيبة المشاة المظليين، من الفرقة “82” المحمولة جواً، التابعة للجيش الأمريكي، قاعدة “فورت براغ”، في ولاية نورث كارولينا الأمريكية.
ووصل فريق القتال التابع للواء الأول من “الفرقة 82” المحمولة جوا إلى الشرق الأوسط، في يناير / كانون الثاني الماضي، بعد أن حاولت ميليشيات مدعومة من إيران مهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد.
هذا ويعمل قرابة 3 آلاف من جنود المظلات كقوة ردع فعل فورية، تم بناؤها للنشر في غضون مهلة قصيرة إلى النقاط الساخنة في العالم.