بعد قرابة العشرين يوما على الاحتجاجات الإيرانية، اعترف التلفزيون الإيراني الرسمي، وبشكل علني، اليوم الثلاثاء، بأن قوات الأمن في بلاده أطلقت الرصاص الحي وقتلت الكثير من المتظاهرين، الذين وصفتهم بـ”مثيري شغب”، في العديد من المدن الإيرانية، ممن خرجوا للشارع، ودعموا الاحتجاجات ضد رفع أسعار الوقود.
وهي المرة الأولى، التي تقدم بها السلطات الإيرانية، اعترافات عبر قنواتها الرسمية، باستخدامها العنف لإخماد المظاهرات المستعرة في البلاد.
حيث تمت هذه الاعترافات، عن طريق تقرير، انتقد تغطية الإعلام والتلفزة الدولية، الناطقة باللغة الفارسية، للأزمة العاصفة في البلاد، والتي بدأت في 15 نوفمبر الفائت.
بدورها أكدت منظمة العفو الدولية، يوم الاثنين، بأن ما لا يقل عن 208 متظاهرين، تم قتلهم في احتجاجات إيران المناهضة لرفع الحكومة أسعار الوقود، والحملة الأمنية العنيفة، التي تبعت المظاهرات الإيرانية.
الباحثة الإيرانية في منظمة العفو الدولية “منصورة ميلز”، ، قالت: “رأينا أكثر من 200 شخص قتلوا في وقت سريع للغاية، خلال أقل من أسبوع هذا حدث لم يسبق له مثيل في تاريخ انتهاكات حقوق الإنسان في إيران”، بحسب ما أوردته صحيفة “الأسوشيتد برس”.
فيما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقريرا لها، عن استخدام العنف ضد المتظاهرين في إيران، حيث أشار تقرير كانت قد نشرته الصحيفة الأمريكية، إلى إن أسواء ما ارتكبته السلطات الإيرانية تجاه المتظاهرين من عمليات قمع واضطهاد كان في منطقة “معشور” والتي تشهد منذ زمن طويل احتجاجات متكررة على النظام الإيراني، ويلغ عدد قاطنيها أكثر من 120 ألف نسمة.
واستعانت الصحيفة الأمريكية بمعلوماتها على شهادات ستة أشخاص من المنطقة من بينهم مراسل صحفي عمل على تقصي الأحداث، لكنه منع من نشر ما حصل عليه من معلومات، كما نقلت شهادة ممرضة في إحدى المستشفيات، كانت تستقبل جرحى الاحتجاجات.
“محمود صادقي”، النائب بالبرلمان الإيراني كان قد هدد الحكومة في وقت سابق بنشر الأعداد الحقيقية للقتلى والمصابين ، مؤكداً أن النواب توصلوا إلى تقارير عن الأعداد الحقيقية للقتلى والمصابين منذ اندلاع الاحتجاجات.
وتشهد المدن الإيرانية احتجاجات موسعة منذ نوفمبر الماضي ، عقب ارتفاع في أسعار الوقود وصل حتى 200% ، لتلقى تلك الاحتجاجات قمعاً بالأسلحة النارية بمشاركة الحرس الثوري الإيراني، الأمر الذي دفع المتظاهرين للمطالبة بإسقاط النظام.
تعتيم إعلامي
كشف تقرير لمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، الخميس، أنّ إيران أنفقت مليارات الدولارات في السنوات الماضية لتطوير شبكات الإنترنت، لتتمكن من حجب تلك الشبكات بشكل كامل إذا ما تطلب الأمر.
وضرب التقرير مثالًا بالحجب الأخير الذي رافق الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت بسبب رفع أسعار البنزين، لكن التقرير تطرق إلى الخيارات المتاحة للمحتجين لمواجهة الإجراء الحكومي. وأوضح أن المعارضة الإيرانية استنجدت بحلفائها الغربيين الشهر الجاري لمساعدة المتظاهرين في توفير شبكة إنترنت بديلة، لكن طلبها لم يلق آذانًا صاغية.
وقال خبير أمن المعلومات في مجلس السياسة الخارجية الأمريكي “إيريك أورمز”: نظريًّا بإمكان أي دولة أن تفصل نفسها عن شبكات الإنترنت الدولية، وهذا بالطبع يعتمد على قدرتها للتحكم في جميع نقاط الوصول للشبكات الخارجية.
ثروة إيران
في نظرة على الموازنة العامة للحكومة الإيرانية، فإن مخصصات الجيش مثلاً بلغت 12 مليار دولار، أكثر من نصفها يذهب للتمويل عمليات الحرس الثوري، ليتوزع الباقي على الجيش ووزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، ما يعني أن ثروة “خامنئي” قادرة على تمويل موازنة إيران لما يزيد عن 18 عاماً على التوالي، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول المصادر التي تمكن من خلالها المرشد المتقشف، “وولي أمر المسلمين” كما يطلق على نفسه، من جني كل تلك الثروة، في بلد لا يملك فيها الشعب قوت يومهم.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.