تواصلت أزمة انقطاع المحروقات في العاصمة السورية دمشق تزامنا مع عودة طوابير السوريين أمام محطات توزيع الوقود، نتيجة قلة المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها في السوق السوداء.
حكومة النظام السوري، خفضت مطلع العام الحالي كميات توزيع مادة المازوت لجميع المحافظات بنسبة 20% يوميا، في خطوة أدت إلى تخفيض كمية مازوت التدفئة، حسبما كشفت مصادر في العاصمة.
ونقلت وسائل إعلام موالية، عن مصدر في وزارة النفط قوله، إنّ أولوية توزيع المازوت ستكون للقطاعات الحيوية من أفران عامة ومشاف ونقل، مشيرا الى أن الكمية المخفضة ستؤدي حكماً إلى تخفيض كميات مازوت التدفئة التي توزع للمستهلكين.
الكمية المخفّضة حسبما كشفت مصادر مطلعة، تقدر بنحو 220 ألف لتر يوميا في محافظة دمشق ومثلها في محافظة الريف، وهو ما مجموعه في المحافظتين 440 ألف لتر.
ووزّعت لجنة المحروقات يومي الاثنين والثلاثاء، مادة المازوت المخصصة لريف دمشق، فيما لم يتجاوز التوزيع 60 ألف بطاقة ذكية من أصل 200 ألف بطاقة سجّل أصحابها على استلام مخصصاتهم من الدفعة الثانية من العام الماضي.
يشار الى أن وزارة التجارية الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام، رفعت أسعار المحروقات في الأسواق الحرة، خلال شهر تشرين الأول\ أكتوبر الماضي، في زيادة هي الثانية من نوعها خلال الشهر ذاته، حيث وصل سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري الحر إلى 650 ليرة سورية، بعد أن كان سعر الليتر 296 ليرة.
سوق سوداء بأسعار خيالية
وكان ناشطون سوريون قد نشروا في وقت سابق، صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت تكدس آلاف السوريين أمام محطات الوقود اصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على الوقود، في واحدة من أسوء الأزمات المعيشية، التي شهدتها سوريا في تاريخها.
مصادر محلية أكدت لـ”مرصد مينا” في العاصمة دمشق، أن سعر ليتر المازوت وصل إلى 1200 ليرة بالسوق السوداء، نتيجة امتناع الحكومة عن توزيع كامل مخصصات السوريين بما يسمى “البطاقة الذكية” منذ منتصف العام الماضي.
وأوضحت المصادر أن المخصصات لكل أسرة سنوياً، تبلغ 400 ليتر توزع على دفعتين، الاولى في شهر آب\ أغسطس، والثانية في شهر كانون الثاني\ يناير، لكن حصة شهر آب الماضي لم توزع حتى اليوم.
وبحسب المصادر، فإن أصحاب “البطاقات الذكية” يدفعون رشى تصل لنحو 20 ألف ليرة لتقديم أدوارهم والحصول على الحصة المخصصة للأسرة السورية، لأن الحل البديل هو التوجه للسوق والشراء بأسعار مرتفعة جداً.
أما في ريف دمشق، فقد أكدت مصادر “مينا” أن إجمالي كميات المازوت التي تصل للمحافظة لا يتجاوز 770 ألف لتر لكل القطاعات، منها 550 ألف لتر مخصصة للتدفئة تكفي لنحو 82 ألف بطاقة شهرياً وفقاً للكميات الحالية، في حين أن عدد البطاقات في ريف دمشق يناهز 600 ألف بطاقة، والحاجة الفعلية تبلغ أكثر من مليوني لتر يومياً من المادة.
ويرى خبراء اقتصاديون، أن أزمة المازوت والغاز خلال فصل الشتاء متوقعة، لأن النفط بمناطق الأسد لا يزيد عن 20 ألف برميل يومياً، في حين الاستهلاك يزيد عن 140 ألف برميل يومياً، وهذه الفجوة كانت تؤمن عبر الاستيراد أو التهريب من مناطق سيطرة القوات الكردية في شمال شرق البلاد.
رفع الأسعار مجددا
رجح خبراء اقتصاديون أن يلجأ النظام إلى رفع الأسعار مجددا، نتيجة عدم قدرته على تلبية احتياجات المواطنين لوسائل التدفئة في ظل انقطاع الكهرباء لأكثر من 15 ساعة، مشيرين الى أن هناك مشكلة أخرى أن المزارعين والصناعيين يدفعون ثمن لتر المازوت 1500 ليرة، ما يعزز من ثقافة انتشار الأسواق السوداء وتوجه محطات المحروقات لبيع الكميات المخصصة للمزارعين والصناعين بأسعار أعلى، بدل بيعها للمواطنين.
ورفعت حكومة نظام الأسد أسعار المازوت خلال الثورة منذ عام 2011 ست مرات، وبحسب الأسعار الحكومية الرسمية، يبلغ سعر الليتر الواحد من المازوت للمواطنين ولزوم التدفئة عبر البطاقة الذكية 180 ليرة، فيما يباع للفلاحين وأصحاب الأفران بـ 135 ليرة للتر.
يذكر أن إنتاج سورية من النفط والغاز تراجع خلال الحرب من 385 ألف برميل نفط يوميا عام 2011 إلى نحو 20 ألف برميل في مناطق النظام، ونحو 100 ألف برميل في مناطق القوات الكردية، حيث كانت سورية تصدر قبل عام 2011 نحو 150 ألف برميل نفط، بقيمة 5 مليارات دولار سنوياً، حسب بيانات رسمية.
وتعيش سوريا منذ مطلع العام الماضي، على قع أسوأ أزمة معيشية في تاريخها، تزامناً مع ارتفاع الأسعار وتصاعد معدلات الفقر والبطالة، إلى جانب الانتشار الكبير لوباء كورونا المستجد، الذي تسببت بمقتل الآلاف حتى الآن، بحسب ما سبق وأكده ناشطون سوريون لمرصد مينا، مشككين في الإحصائيات الرسمية الصادرة عن نظام “الأسد”.
كما رفعت حكومة النظام السوري في وقت أسعار الطحين والخبز بنسبة وصلت إلى 100 في المئة، وأصدرت قرارات رفع أسعار الوقود ولا سيما البنزين والمازوت، وسط أزمة شح المحروقات، في ظل أنباء عن توجهها لرفع تعرفة أجور النقل.
ويشير متابعون إلى أن حكومة “الأسد” تعيش خارج الواقع المعيشي لسوريا، وأن قرارتها لا يمكن أن تتخذ في بلد يعاني الفقر المدقع، لافتاً إلى أن اقتصاد سوريا الآن قائم على سرقة المواطن وجيبه، ولا سيما بعد إقرار قان العقوبات الأمريكية المعروف بـ”قانون قيصر”.