هيئة التحرير
لا فرق من أن تموت بسبب فيروس الكورونا، أو تموت جوعاً، هكذا قال «أحمد» في اتصاله مع «مرصد مينا» معبراً عن الحالة المأسوية التي يعيشها المواطن السوري في العاصمة دمشق، من خلال ثلاث مشاهدات له عاشها اليوم أثناء قيامه بجولة على أسوق العاصمة، مؤكداً أنه لم يطلق هذا الخيار منطلقاً من ذاته، وإنما هذا لسان حال أكثر من 90% من الشعب الذي دخل مرحلة خط الفقر، والغالبية ضمن ناقوس الخطر، ما يشير إلى أننا نتجه نحو كارثة إنسانية، مجاعة حقيقية قد تؤدي إلى ارتكاب الجريمة والسرقة لتأمين لقمة العيش، وما عودة الاحتجاجات في المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا، إلا مؤشرات مهمة، على أننا نعود إلى البدايات أيّ إلى المربع الأول لحظة إشعال الصراع الداخلي، تهرباً من مسؤولياته المطلوبة منه مع ازدياد الأزمة الاقتصادية، تزامناً مع حالة اليأس التي تعيشها كل عائلة كما عبر عنها أحمد حين شاهد عائلات في شارع خالد الوليد بانتظار انتهاء زبائن (فروج. ز) من وجبتهم، ليكسروا جوعهم من بقايا الأكل، ولم تقف الحالة عند هذا الحد بل تشاجرت العائلات على تلك البقايا.
الأزمة ليست نتاج اليوم، هي نتاج فساد النظام على مدار عشرات السنين، وجاءت الحرب ومن ثم قانون قيصر لتكمل الباقي، يقول مصدر في شرطة العاصمة لـ«مرصد مينا» إنهم «خلال 24 ساعة تلقوا شكاوى بمقدار 1850 ضبط بسرقة موبايلات وحقائب وجزادين لوحدها» متسائلاً: كيف سيكون الحال في الأيام القادمة مع ازدياد حدة الضغط وارتفاع الدولار وفقدان الليرة السورية قيمتها، وارتفاع قياسي في أسعار السلع والمواد الغذائية.
بعلم الروس… مفاوضات أمريكية سورية
للخروج من الأزمة وتخفيف آثار عقوبات «سيزر» على سوريا، أكدت مصادر خاصة بموقع «مينا» أن ما تم تداوله خلال اليومين الماضيين، من وجود مفاوضات بين الأمريكيين ومسؤولين سوريين صحيحة، لافتاً إلى أن «نقطة الخلاف هي التوقيت، لأن النظام اعتبر المدة المعطاة لإجراء تغييرات قليلة، ولا تكفي لإجراء أو دخول مرحلة انتقالية».
وكان المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، قد كشف الأحد الماضي، إن «بلاده قدّمت عرضاً للرئيس السوري، بشار الأسد، للخروج من أزمة الانهيار المتسارع الذي تشهده الليرة والاقتصاد السوري، وذلك قبل أيام من تطبيق قانون قيصر الذي يضيّق الخناق على النظام». وعزا جيفري تراجع قيمة العملة إلى الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، وذلك خلال تصريحات أدلى بها خلال لقائه مع منظمتي American for free syria” و “Syrian American council” السوريتين في أميركا، مشدداً على أن الانهيار الحاصل في الليرة السورية «دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام»، وفقاً لـ«عربي بوست».
وأوضح المبعوث الأمريكي، أن بلاده قدمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة، لافتاً إلى أنه «إذا كان مهتماً بشعبه فسيقبل العرض، لأن واشنطن تريد أن ترى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، فهي تطالب بتغيير سلوكه وعدم تأمينه مأوى للمنظمات الإرهابية، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة»، وهذا ما أكده أيضاً المصدر الخاص بالموقع من أن الاختلاف هي المدة وليست لكامل الخطة، إذ لخّص جيفري ملامح السياسة الأميركية في سوريا بأربعة أهداف تشمل «عملية سياسية تؤدي إلى تغيير سلوك النظام، وثانياً الأمم المتحدة هي القائد للعملية السياسية وواشنطن تدعمها، وثالثاً هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ورابعاً انسحاب إيران من سوريا».
ماذا قال النظام عن العرض؟
من جانبه ردّ النظام على العرض الأمريكي، عبر مصدر من وزارة الخارجية، مؤكداً أن «تصريحات الموفد الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري بخصوص الأوضاع الراهنة تشكل اعترافا صريحا من الإدارة الأميركية بمسؤوليتها المباشرة عن معاناة السوريين». وقال المصدر الذي وصف بـ«رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين السورية»، إن تشديد العقوبات هو «الوجه الآخر للحرب المعلنة على سوريا»، مشددا على أن «السياسة الأميركية ستفشل مجددا أمام إصرار السوريين على التمسك بسيادة وطنهم واستقلالية خياراتهم السياسية والاقتصادية».
واعتبر المصدر أن «المطالب التي يتحدث عنها جيفري هي مطالب إسرائيلية قديمة متجددة لفرض سيطرتها على المنطقة، ولو كان هناك شرعية دولية حقيقية وتضامن عربي لكان من الواجب محاسبة الإدارة الأميركية على هذه السياسة التي تستهدف الإنسان السوري في حياته اليومية». ولم يكشف المصدر عن باقي البنود على الرغم من أن العرض الأمريكي، لم يتطرق لمستقبل الأسد، وإنما طلب فقط تغيير سلوك النظام!
ويأتي رد النظام بهذا الشكل في وقت تظاهر المئات من سكان مدينة السويداء، اليوم الثلاثاء، مطلقين هتافات مناوئة للنظام، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي تزامنت مع انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار خلال ثلاثة أيام إلى أكثر من 3000 ليرة.
موافقة روسية على الحوار
أعلنت الخارجية الروسية، اليوم الثلاثاء، استعدادها إجراء حوار مع أمريكا بشأن سوريا، وبشأن منع الحوادث العسكرية الخطيرة بالاعتماد على التجربة السورية. وجاء الموقف الروسي عبر نائب وزير الخارجية، سيرجي ريابكوف، في مؤتمر صحفي عقده اليوم، «حول العلاقات الخارجية الروسية الأمريكية، واهتمام موسكو بالعمل مع الولايات المتحدة لتحسين الاتفاقات بشأن منع الحوادث العسكرية الخطيرة على أساس الخبرة المكتسبة في سوريا بهذا المجال»، وفق ما نقلته وسائل إعلام روسية.
وكشف ريابكوف أثناء حديثه عن رأيهم بالحوار مع أمريكا من أجل سوريا قائلاً: «سنوسع الحوار مع أمريكا، وإذا استجابت لذلك وأرادت ذلك، فنحن من جانبنا مستعدون»، مشيراً أنهم «في حوار مكثف للغاية ومهني مع أمريكا من خلال القنوات العسكرية، ونعمل على حل النزاعات، وهذه تجربة جيدة». وتابع المسؤول الروسي: «نأمل أن نتمكن من استخدامه (الحوار) في حالات أخرى. ونؤكد من جديد اهتمامنا بتحسين الاتفاقية الثنائية مع أمريكا لمنع الحوادث العسكرية الخطيرة، وتفعيل هذه الأنشطة والاتفاقيات لتجنب الحوادث العسكرية الخطيرة على أساس التجربة السورية».