تحتاج بغداد إلى ما يقارب 88 مليار دولار لتطوير البنية التحتيّة المتهالكة في العراق.. الأمر الذي سبب ضغطًا فعليًا وأرقًا مستديمًا لصناع السياسات في الحكومات العراقية المتتاقبة.
ولتقرر الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، التوجه نحو الصين في خطوة أولية تليها الهند، لاتمام مشاريع إعادة الإعمار من “خلال برنامج النّفط مقابل الإعمار”
حيث وصفت تلك الخطوة بأنها محاولة لإبعاد اللجان الاقتصاديّة للأحزاب والطبقة السياسية عن المشاريع وأخذ الحصص بعد البدء في تأسيس مجلس الإعمار.
التوجه نحو الصين
قبل عام، قام وفد حكومي عراقي مهم، يترأسّه رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، بزيارة للصين..
وجرى خلال الزيارة تفعيل برنامج النّفط مقابل الإعمار والاستثمار، الذي يتضمّن قيام الشّركات الصينيّة بالعمل داخل العراق مقابل الحصول على مائة ألف برميل يوميًّا
ليصرّح حينها عبد المهدي، خلال مقابلة مع عدد من وسائل إعلام مختلفة: “إنّ الصين تستورد 20 في المئة من إنتاج النّفط العراقيّ يوميًّا، واتّفقنا معها على إنشاء صندوق استثماريّ مشترك بين البلدين يموّل بأموال النّفط”.
ثم كشف رئيس الحكومة حينها، عن وضع بغداد شرطًا يتمثّل بمنع احتكار الصين لتنفيذ المشاريع داخل العراق، بل يتوجب القيام بتحالفات مع شركات عالميّة.
إن اتفاق الصين والعراق لا يعتبر جديدًا بالكليّة، فسبق للعراق في عهد حكومة العبادي (حينها كان عبد المهدي وزير النفط)، سبق له أن أمضى اتفاق “حزام الحرير” مع الصين، الذي اعتمد مبدأ النّفط مقابل الإعمار والبناء والاستثمار والتنمية..
حينها أحيل 100 مشروع إلى الصين، إلا أن التوترات السياسيّة والأمنيّة التي شهدتها بغداد حينها وأدّت إلى تغيير بعض الوزراء؛ تسببت بتوقّف تلك المشاريع.. الأمر الذي جعل الحكومة اللاحقة تعيد طرحه من جديد على أكبر المستوردين من نفطها، أي: الصين والهند.
ومع حصول انتفاضة تشرين وهيجان الشارع العراقي على فساد الطبقة السياسية والاحتجاجات التي عمت كبرى مدن البلاد وتسببت بإسقاط حكومة “عبد المهدي” ووصول مصطفى الكاظمي للسلطة في ظل توازنات معقدة.. فأعيد التساؤل عن مصير برنامج “النفط مقابل الإعمار” المذكور.. حيث تراجع اهتمام بغداد بالاتفاقيات مع بكين خلال تلك الاحتجاجات.. ورغم ترويج حكومة عبد المهدي وفريقها الاقتصادي والسياسي لتلك المشاريع، اندلعت الاحتجاجات في بغداد ووسط العراق وجنوبه، وانتشرت جائحة كورونا، مما قلل من فرص تنفيذ تلك الاتفاقات، وأبعدها عن الأولويات الاقتصادية والسياسية للحكومة.
يذكر أن السجال استمر في كواليس السياسة العراقية والمجتمع، حول اتفاق عبد المهدي وسلسلة الاتفاقات مع الصين..
مراجعات وتفعيل
يبدو أن بغداد تريد بث الروح في الاتفاق الإعماري مع الصين.. فمع قدوم حكومة مصطفى الكاظمي، في شهر مايو أيار الماضي.. بدأت خطوات فعلية بمراجعة الاتفاقات الدولية التي وقعتها الحكومة السابقة.
وبحسب مؤشرات مختلفة، فإن خلاصة تلك المراجعة، توحي أن الحكومة العراقية تسعى إلى تنفيذ الاتفاق مع بيجين..
وخلال مجموعة تصريحات، عبّر المتحدث باسم الحكومة العراقية الحالية، أحمد ملا طلال، أن الاتفاقات سارية المفعول.. أمّا وزير التخطيط العراقي، خالد البتال، فنفى إلغاءها، بل أطلق تأكيدات عن المضي في تنفيذها على مراحل تشمل جميع القطاعات الاقتصادية.
وقبل أيام، وفي حوار مع التلفزيون الرسمي، أعلن وزير التخطيط أن بغداد ناقشت مع السفير الصيني مجمل الاتفاقات بين البلدين، وستشهد الأيام المقبلة بدء تنفيذها.. بحسب تصريحات البتال.
مطالب ودعوات
بعد ركود واسبات الاتفاق بين بيجين وبغداد، ارتفعت مستويات المطالب بإعادة تفعيل الاتفاقات السابقة..
عضو مجلس النواب العراقي ندى شاكر، قالت إن “الاتفاق مع الصين سيكون وفق مبدأ النفط في مقابل الإعمار لبناء مشاريع تتعلق بالطرق والبنى التحتية، واستثمار المناطق الصحراوية وبناء المستشفيات”.. لتوضح أن “الرجوع إلى العمل بالاتفاق جاء بعد مناشدات كثيرة”.
وبحسب البرلمانية العراقية فإن “البرلمان سيقوم بدور رقابي لتنفيذ الاتفاق وتسريع وتيرة التنفيذ”، مشيرة إلى “وجود تأييد للاتفاق مع الصين، كون شركاتها كبرى ورصينة”.
كما عبرت ندى شاكر عن تطلعها أن “يحدُ الاتفاق كثيرًا من عمليات الفساد التي تشوب أغلبية المشاريع في العراق”.
لا اتفاقات جديدة
المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهندواي، أوضح في حديث نقلته الاندبندنت، أن “الاتفاقات سارية المفعول ولا حاجة إلى عقد اتفاقات جديدة، ونبحث حاليًا بشكل جدي آلية تنفيذها وتحديد نوعية المشاريع”.
الهنداوي أضاف مبينًا أن “الأولوية ستكون لتمويل مشاريع البنى التحتية والمدارس والقطاع الصحي والمشاريع الإستراتيجية، وإكمال المهددة منها بالتوقف بسبب الأزمة المالية والتي تزيد عن 6 آلاف مشروع”.. ليشير إلى أن “هناك جهات حكومية تعمل لتحديد المشاريع ذات الأولوية مع كلفها، لتتم المباشرة بها”.
ووفق الهنداوي فإن عائدات التصدير (سيتم تصدير 100 ألف نفط برميل يومياً إلى الصين بموجب الاتفاق بين بغداد وبكين) “ستودع في صندوق خاص لهذا الغرض، مع إمكان زيادة حجم التصدير في حال وجد الجانبان ضرورة إلى ذلك”.. ليصار إلى استخدامها في مشاريع إعمار واستثمار.
أما المستشار السابق في رئاسة الوزراء مظهر محمد صالح – وبحسب إندبندنت عربي- فبين من جهته أن “التعاون الذي وُقع بين وزارة المالية والمؤسسة الصينية الحكومية لضمان الائتمان الموقع في سبتمبر أيلول 2019، يقوم على مبدأ التمويل المشترك، إذ يُخصص جزء من عوائد صادرات العراق النفطية إلى الصين بواقع 100 ألف برميل نفط يوميًا”.
ليوضح المستشار أن “واردات بيع النفط ستوضع في حساب خاص وفق آلية حسابية تفصيلية يقوم العراق بموجبها بإعلان مناقصات على تنفيذ مشاريعه، في ما تتنافس الشركات الصينية على التنفيذ”.
أولويات
تؤكد الجهات الرسمية العراقية حاجة البلاد إلى 6 آلاف مدرسة.. من ضمنها 2000 مدرسة طينية جرى تحويل بعضها إلى مدارس حديثة ضمن مشروع عام 2019، الذي خصص أكثر من تريليون دينار عراقي لإنهاء قضايا المدارس الطينية.
وفي ضوء ذلك، تبدو بغداد متحفزة لتدشين الاتفاقات أثناء مرحلتها الأولى في البنى التحتية المهمة، والتي على رأسها سد النقص الكبير في أعداد المدارس بالمدن العراقية كلها.
المتحدث الرسمي باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد، قال إن “هناك خطة لدى الحكومة العراقية لبناء ألف مدرسة ضمن الاتفاق الصيني، ويجري إعداد النماذج لها.
كما أوضح مجيد أن “الأمانة العامة طلبت من المحافظات تزويدها بقطع الأراضي ليتم توزيع المدارس على المحافظات وفق كثافتها السكانية، وبحسب الحاجة الفعلية لكل محافظة”.
ثم أشار إلى أن “المرحلة الأولى تشمل بناء ألف مدرسة، وستتم إحالتها إلى إحدى الشركات الصينية وفق الاتفاقات العراقية – الصينية”.
أما المستشار مظهر محمد صالح فأكد أن “الاتفاق العراقي – الصيني يمتد إلى 20 عامًا بهدف بناء البنى التحتية والمدارس والمستشفيات”.
دعم إضافي وقروض
يؤكد الاتفاق الموقع بين بغداد وبكين على تقديم المصارف الصينية قروضًا في حال عدم كفاية الصادرات العراقية لتمويل تنفيذ المشاريع.. حيث تتراوح قيمة القرض ما بين مليارين و10 مليارات دولار، وفقًا لنوع المشاريع.
ليجري وضع أموال تلك القروض في الموازنة العامة السنوية للعراق للتصويت عليها من مجلس النواب، لتكون قابلة للسداد من الحكومة بشكل رسمي.
أبعاد خاصة
يصل حجم الاستثمارات الصينيّة في العراق 20 مليار دولار، حيث تتركّز الاستثمارات في قطاع الطّاقة عبر تشكيل تحالف من الشّركات العالميّة أو بشكل منفرد لتطوير بعض محطّات الكهرباء.
في حين يبلغ التبادل التجاريّ السنويّ بين البلدين 21 مليار دولار يميل إلى العراق، فقد وصل إجماليّ صادراته 15 مليار دولار من النّفط.
واتجهت حكومة عبد المهدي السابقة إلى الابتعاد عن الشركات الأمريكية، بعد تعاقدها مع شركة “سيمنس” الألمانيّة في مجال الكهرباء بقيمة 15 مليار دولار لتأهيل البنى التحتيّة.. كبديل جديد لشركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية التي تعمل في العراق منذ وقت طويل.. من جهة ثانية لم يستطع العراق التوصّل إلى اتفاق مع “إكسون موبيل” لتنفيذ مشروع الجنوب المتكامل الذي تبلغ قيمته 53 مليار دولار.
وبعيد زيارة عبد المهدي للصين قبل عام، كتب وزير الكهرباء حينها، لؤي الخطيب، في صفحته على “فيسبوك”: “إنّ الصين خيارنا الأساسيّ كشريك استراتيجيّ على المدى البعيد. لقد بدأنا الإطار الماليّ بمبلغ 10 مليارات دولار، مقابل كميّة محدودة من النّفط، لتمويل مجموعة من مشاريع البنى التحتيّة”.
ليشير الخطيب إلى أنّ “حجم التمويل الصينيّ مرشّح للصعود بتنامي الإنتاج النفطيّ العراقيّ ليوظّف بطريقة مغايرة لسياسة الماضي من خلال البناء والاستثمار وتفعيل مجلس الإعمار”.
وفي حديث قديم – قبل عام – مع صحيفة المونيتور، قال عضو الوفد العراقي الزائر للصين حينها، مستشار رئيس مجلس الوزراء عبد الحسين هنين: “إنّ الاتفاق العراقيّ الصينيّ يمتدّ إلى ٢٠ عامًا، ترسل بغداد من خلاله إلى الصين 3 ملايين برميل شهريًّا وبالسعر العالميّ، والتي تقدّر قيمتها الماليّة حينها بـ 180 مليون دولار”.
ليوضح هنين: “إنّ العراق يبيع نفطه حاليًّا، ويحصل على أمواله بعد مرور شهر أو شهرين، ويقضي هذا الاتفاق بأن تكون الأموال التي ستأتي عبارة عن مشاريع تقوم بتنفيذها الشّركات الصينيّة داخل البلد”.
متابعًا: “إنّ المشاريع حدّدت وفقاً لـ 3 أولويّات، الأولى إنشاء الطرق السريعة والداخليّة وتحديثها وتأسيس بنى تحتيّة وما تحتاج إليه من مجار، الثانية بناء المدارس والمستشفيات والمدن السكنيّة والصناعيّة. أمّا الثالثة فإنشاء سكك الحديد والموانئ والمطارات وغيرها”.
من جهته، أكد الخبير النفطيّ صباح علوا لـ”المونيتور”: أنّ العراق توجّه إلى الصين بضغط من إيران، وهذا الأمر هو محاولة لإحراج الولايات المتّحدة الأميركيّة التي تعيش صراعًا تجاريًّا مع الصين. وبالتّالي، قد تتخلّى الصين عن العراق إذا تحسّنت علاقاتها مع أميركا.
لينوه “علوا” إلى أنّ استثمار النّفط في تطوير البنى التحتيّة خطوة جيّدة، بدلاً من أخذ القروض من دول أجنبيّة أو منح الشّركات الأجنبيّة نسبة من إيرادات المشاريع، مشيرًا إلى أنّ العراق سيكون ملتزمًا باتفاق أوبك، ولن يؤثّر على الأسعار بزيادة إنتاجه.
قانون خاص
في محاولات تقليل الفساد والروتين، وتسهيل عمل الشّركات الصينيّة.. شرعت بغداد بإقرار قانون مجلس الإعمار، الذي سيترأسّه رئيس الحكومة وسيشرف على المشاريع الكبيرة التي تبلغ قيمتها أكثر من 210 مليون دولار، ما يعني إبعاد الوزارات والمحافظات عن تنفيذ هذه المشاريع.
إشكاليات واعتراضات
بعد زيارة الوفد العراق برئاسة عبد المهدي، وقّعت الحكومة العراقيّة الاتفاقيّات مع الصين دون علم البرلمان، الأمر الذي جعل الأخير يشرع حينها في استضافة المسؤولين للاطّلاع على إيجابيّات الاتفاقيّات وأضرارها.
من زاوية أعمق، تظهر مشكلة جديدة أمام الحكومة العراقيّة تتمثّل باعتراض المحافظات النفطيّة على تنفيذ مشاريع في المحافظات غير النفطيّة..
الأمر الذي يتمثل بتوترات داخليّة، تعطّل تنفيذ المشاريع، مثلما حصل مع مشروع البترودولار الذي يمنح المحافظات المنتجة للنفط حصّة 5 دولارات عن كلّ برميل تنتجه.
أما الكاتب اياد السماوي،فرأى – بحسب الوكالة الوطنية العراقية للأنباء نينا- أن ذلك الاتفاق ليس سوى اكذوبة حيث أن مبلغ العشرة مليارات دولار التي تعهدت به الصين مقابل 100 الف برميل من النفط يوميًا، لا تساوي شيئًا يذكر بالنسبة لحاجة العراق من البنى التحتية.
وفق “السماوي” غضت “حكومة العبادي” الطرف عنه بسبب ارتفاع الفوائد على هذا القرض.. ليتسائل الكاتب حينها إن كان الاتفاق يشمل عموم العراق وهل ستسلم حكومة كردستان نفطها ومواردها الاخرى المتعلقة بالضرائب والرسوم الكمركية إلى خزينة الدولة ام ستأخذ حصتها من دون أن تسلم شيئًا؟ (ولمح الكاتب إلى محاولات سابقة لعودة عبد المهدي عبر بوابة الاتفاق)
النائب عن تيار الحكمة حسن خلاطي – بحسب وكالة شفقنا المحلية – قال في حديث مطلع العام الجاري، إن هناك “غموضًا كبيرًا ولغطًا” بشأن الاتفاقية العراقية مع الصين، حيث طالب الحكومة الإفصاح بشكل تفصيلي للرأي العام عن أهمية هذه الاتفاقية وسريانها.
“خلاطي” وفي مؤتمر صحفي، عقده حينها في مجلس النواب أكد أن “الجميع يدرك أهمية فقرات هذه الاتفاقية ويدرك مدى فائدة الاتفاقية الحالية والمستقبلية للعراق، لكن غياب التوضيح الحكومي، سوف يترك المجال واسعًا لمن ينتقد ويضعف من هذه الاتفاقية المهمة، لهذا ندعو الحكومة العراقية الحالية – يقصد حكومة عبد المهدي- إلى الافصاح بشكل تفصيلي إلى الرأي العام عن أهمية هذه الاتفاقية وعن سريانها سواء بوجود الحكومة الحالية أو بالحكومة الجديدة، فهذه القضية لها أهمية كبيرة في الجانب الاقتصادي والجانب العمراني، خصوصاً ان التظاهرات التي حصلت نتيجة تلكؤ الخدمات، واحد تنفيذ مطالب المتظاهرين هو تنفيذ هذه الاتفاقية على أرض الواقع”.
أما عضو اللجنة المالية النيابية “هوشيار عبد الله”، فحذر من تنفيذ الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين لكونها تعد “باطلة” ولم يصادق عليها مجلس النواب، معتبرًا – وفق بيان نقله ذات المصدر – أن عدم تمريرها على البرلمان “مخالفة دستورية” واضحة من قبل السلطة التنفيذية.
وذكر عبدالله في بيان له إن “تنفيذ الاتفاقية الإطارية يعد مخالفاً للمادة 61 من الدستور (الفقرة رابعًا) والتي تنص على ان تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات من اختصاصات مجلس النواب، وبما أن هذه الاتفاقية لم يتم تمريرها في مجلس النواب ولم يصادق عليها المجلس فإن تنفيذها يعد مخالفة دستورية واضحة من قبل السلطة التنفيذية ونسف لعمل مجلس النواب وإلغاء لدوره”
تأييد للاتفاق
بحسب وكالة “نينا” اعتبر الخبير القانوني عدنان الشريفي أن من أهم ايجابيات الاتفاق انه يتضمن النفط مقابل الاعمار وبالتالي هو ضمان بأن يكون نفط العراق لاعمار البلد وليس للسرقة والتهريب او الهبات المجانية والحروب.. حيث أنتنفيذه لا يشكل اي خطر على العراق كونه عبارة عن عقود مقاولات تبرمها الوزارات العراقية مع نظيرتها الصينية ويحدد في كل عقد تفاصيل العدد والاسعار والمواصفات..
كما ان المذكرات لايوجد فيها أي اجبار لمدتها القانونية حتى ولو كانت 20 سنة بل من حق أي طرف أن ينسحب منها دون غرامات.. (بل ان العراق غير ملزم بعقود الاعمار مع الصين فقط ويحق له التعاقد مع شركات من دول اخرى لنفس الغرض).
وفي الاتفاق – بحسب الشريفي – فترة تجريبية لمدة سنتين وفي حال النجاح ترفع نسبة التسديد من 100 ألف برميل إلى 300 ألف ، وستساهم بتشغيل آلاف الأيدي العاملة وشركات القطاع الخاص ، خاصة وأن إنتاج العراق من النفط سيصل إلى 6 ملايين
برميل وهذا يعني ان ما سيمنح للصين يشكل أقل من 5% من النفط المنتج فقط، في الوقت الذي يصدر إقليم كردستان اكثر من هذه الكمية من دون ان يعطي للحكومة دولارًا واحدًا.
إلى ذلك كله، يمكن القول أن العراق لم يعان من ضعف التمويل بعد عام 2003، حيث دخل إليه أكثر من تريليون دولار من إيرادات النّفط، لكن الفساد كان مسبب المعاناة بعد سيطرة الأحزاب الفاسدة المحسوبة على تيارات سياسية موالية لإيران والنظام الملالي وتوجهات الولي الفقيه .. فأصبح العراق يعاني من المشاريع الوهميّة والابتزاز التي أبعدت الشّركات العالميّة عن الاقتراب والاستثمار فيه.. لذلك ما زالت بعض الآراء ترى أن الصعوبات التي تواجه الشّركات الصينيّة والمصير الذي واجهته الشّركات الكبيرة التي انسحبت من العراق خوفًا على سمعتها.. مرتبط بقدرة الكاظمي على إقصاء -أو تخفيف سيطرة – الفاسدين من ميليشيات وتيارات إيرانية نخرت في الدولة فسادًا ونهبًا..