هيئة التحرير
”حلفاء الأمس باتوا أعداء اليوم” ربما هذه العبارة الأنسب للتعبير عن الخلاف المستعر بين أفرقاء الثامن من آذار، رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، على خلفية فضيحة النفط المغشوش، التي وُجهت على إثرها تهم فسادٍ لمدير عام منشآت النفط “سركيس حليس” المحسوب على تيار المردة.
الحكومة كشفت عن فضيحة النفط المغشوش، الذي كبد الاقتصاد اللبناني خسائر تقدر بـ400 مليون دولار، بعد وصول باخرة من شركة “سوناطراك” الجزائرية إلى لبنان، في آذار الماضي، تبين أنها محملة بـ”نفايات نفطيّة”، بالرغم من حصولها على صك براءة من منشآت النفط والمديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة يؤكد أنها مطابقة للمواصفات.
فرنجية شن هجوماً شرساً على باسيل، متهماً إياه بالتلاعب بالقضاء وتسييسه، واستغلال القضية في إطار “البدء بالحرب الرئاسية”، وقال “لماذا اليوم سوناطراك أضحت غير شرعية، علماً أنها شركة للدولة الجزائرية؟ لماذا اكتشفوا اليوم ذلك. هناك 3 احتمالات أنهم هبل، أو أنهم متواطئون أو أنهم كانوا يغضون النظر”.
وأضاف زعيم “تيار المردة”ك “يتناول البعض كل من في الوزارة بما فيهم الوزير، أما في ملف الكهرباء فلا يتم ذكر الوزير ويتم التعاطي من المدير ونزولاً”، متسائلاً “ألا يتحمل الوزراء المتعاقبون أي مسؤولية في هذا الملف؟ فخلال فترة العقد مع الشركة 6 من أصل 7 وزراء للطاقة كانوا تابعين من للتيار الوطني الحر”، كما أكد أن حليس سيمثل أمام العدالة، ولكن ليس من أسماهم بـ”قضاة وعدالة ومخبري جبران باسيل”.
تصريحات فرنجية أثارت زوبعة من التساؤلات في أوساط اللبنانيين حول وجود ملفات فساد يحاول باسيل إخفاءها، لاسيما وأنه تمسك بوزارة الطاقة خلال مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بعد استقالة حكومة سعد الحريري.
بالنسبة لباسيل، تحولت القضية إلى كابوس، حيث انقلب “السحر على الساحر”، فبعد أن حاول تياره استغلال الفضيحة لإبعاد فرنجية عن السباق الرئاسي، بات باسيل يخشى من تكشّف ملفات فساد قد تطيح به.
النفط المغشوش لم يكن الفضيحة الوحيدة لفريق الثامن من آذار، حيث سبقها فضيحة تهريب ميليشيا حزب الله لمادتي المازوت والطحين إلى الداخل السوري، عبر معابر الهرمل وبعلبك، والتي تكشفت خيوطها من خلال تقارير إعلامية، أفادت بتهريب 2 مليون لتر يومياً إلى سوريا، من مجموع 5 ملايين لتر تحتاجها السوق اللبنانية يومياً، وهو ما تقدر قيمته بنحو 400 مليون دولار سنوياً، كما أشارت أيضاً إلى أن مبيعات الطحين في لبنان زادت مؤخراً، ليتبين فيما بعد أن أطناناً منه تُنقل إلى الداخل السوري.
عمليات التهريب ألحقت خسائر كبيرة بخزينة الدولة، خاصة وأن مصرف لبنان المركزي يتكفل بتأمين نسبة 85% من النقد الذي تحتاج إليه السوق اللبنانية لاستيراد المازوت والطحين، في ظل أزمة نقدية وشح في العملة الصعبة، التزاماً منه بقرار دعم السلع الأساسية.
سلسلة الفضائح المتتالية في فريق 8 آذار، الذي على ما يبدو بدأ بالتصدع من داخله، يؤكد إلى أي مدى بات هذا الفريق عبئاً على اللبنانيين، الذين انتفضوا من أجل تحقيق التغيير في البلاد، بما يضمن تحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية فيها.