“ذهبنا إلى البوسنة لكي نبقى “هكذا قال الضابط المنشق عن الحرس الثوري أمير فرشاد إبراهيمي في لقاء مع قناة بي بي سي الفارسية يوم 5 يونيو 2019 بشأن الإستراتيجية التي كانت تعتمدها إيران في حرب البلقان في التسيعينات من القرن الماضي.اعتقد الإيرانيون أن هذه الحرب ستسمر طويلاً وأنهم قادرون على زرع جماعة عقائدية تابعة لهم في البوسنة على غرار حزب الله في لبنان.لكن جرت الرياح بما لاتشتهي السفن، إذ لم يكن يدور في خلد الإيرانيين أن اتفاقية دايتون للسلام في 14 ديسمبر 1995 التي أنهت حرب البلقان، ستقضي على أحلامهم ويخرجون من البوسنة مكرهين. رغم ذلك لم ينسحب الإيرانيون كلياً من البوسنة إذ خرجت قواتهم العسكرية –فيلق قدس-من البوسنة لكنهم احتفظوا بنفوذهم الأمني والسياسي في مؤسسات الدولة وفقاً لتصريحات رئيس جهاز الاستخبارات البوسني السابق فخرالدين رادوانيتشيتش. وسعت إيران خلال السنوات الأخيرة نفوذها في البلقان بالأخص في دولتي البوسنة وهرسك وألبانيا عبر إقامة مراكز الثقافية والدينية ضمن ما يسمي بـ ” إستراتيجية النفوذ الناعم”.
حرب البلقان وبداية النفوذ الإيراني
وطأت أقدام الإيرانيين أرض البوسنة والهرسك بعد ستة أشهر من اندلاع الحرب في البلقان حيث بدأ تدفق مئات العناصر من الحرس الثوري إلى البوسنة تحت غطاء موظفي هلال الأحمر الإيراني مثلما اعترف بذلك أحد كبار الضباط في الحرس الثوري، العميد سعيد قاسمي الذي عمل قائداً ميدانياً في البوسنة. وفيما يخص تعداد القوات الإيرانية ذكر تقرير لصحيفة واشنطن تايمز في 2 يونيو 1994 نقلاً عن مصادر استخبارية أمريكية أن 400 من عناصر الحرس الثوري دخلوا البوسنة في شهر أيار من السنة نفسها.
وقد أشارت تقديرات استخباراتية حينذاك إلى وجود ما بين 3 آلاف إلى 4 آلاف عنصر من الحرس الثوري في البوسنة فضلاً عن وجود 400 مقاتل تابعين لحزب الله أغلبهم جاؤوا من منطقة البقاع اللبنانية بقيادة علي أحمد فياض الملقب بـ ” حاج علاء بوسنة ” الذي قتل في عام 2016 في منطقة خناصر بريف حلب. (1) فقد أقام الإيرانيون معسكرات تدريب في مدينتي زنتسيا وويسوكو نتيجة الحصار المفروض على سراييفو. لعب الإيرانيون دوراً مؤثراً في حرب البلقان عبر توفير الدعم المالي والعسكري-يقدر بنحو 200 مليون دولار -للمليشيات الإسلامية البوسنية الموالية لرئيس البوسني علي عزت بيغوفيتش والجيش البوسني. وقد بين تقرير تحت عنوان ” تحقيق في شحنات الأسلحة الإيرانية إلى البوسنة” قدمته لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأمريكي في 9 أكتوبر 1998، بين أن إيران كانت أحد أكبر الداعمين للمليشيات البوسنة والجيش البوسني وأنها كانت مصدراً لنحو 30% من السلاح الذي بحوزة البوسنيين. (2)
غض الأمريكان الطرف عن دعم إيران للبوسنيين وقد أكد السفير الأمريكي السابق في كرواتيا بيتر غالبريث قائلاً: ” سياستنا كانت ترتكز على عدم منع إيران من تسليح البوسنيين”. بيد أن اتساع النفوذ الإيراني في البوسنة لم يعد يقتصر على إرسال مجموعات مسلحة أو السلاح فقط بل شمل تدريب ضباط المخابرات البوسنية ومن هنا تمكنت إيران من تعزيز نفوذها في الأجهزة الأمنية البوسنية. وعلى الصعيد النفوذ السياسي فقد كان الرئيس البوسني علي عزت بيغوفيتش من المولعين بثورة الخميني وسبق أن شارك في الذكرى السنوية لانتصار الثورة الإسلامية في إيران سنة 1982 الأمر الذي دفع السلطات الصربية إلى اعتقاله فور رجوعه من طهران. وذكرت تقارير صحفية أن بيغوفيتش كان يتلقى دعماً مادياً من طهران إذ تلقى في أحد المرات 500 ألف دولار. (3)
اتفاقية دايتون للسلام وإنهاء الوجود الإيراني
جاءت اتفاقية دايتون للسلام في أواخر سنة 1995 لتضع حداً للوجود الإيراني في البوسنة، إذ نصت الاتفاقية على خروج جميع القوات الأجنبية من الأراضي البوسنية. فقد أدرك الأمريكيون والأوروبيون حجم الخطر الإيراني الذي بدأ يتوسع كثيراً وفي حال استمراره سيكونون أمام واقع جديد، عنوانه وجود تنظيمات متطرفة مثل القاعدة وحزب الله في قلب أوروبا. فقد كشف العميد سعيد قاسمي أحد الضباط السابقين بالحرس الثوري في لقاء تلفزيوني أن القوات الحرس الثوري قد تعاونت مع تنظيم القاعدة في البوسنة ودربت مقاتلي التنظيم وقدمت لهم السلاح والمال. ويرى أمير فرشاد إبراهيمي الضابط السابق والمنشق عن الحرس الثوري والذي عمل مع العميد سعيد قاسمي أن قوات الإيرانيين شاركت في حرب البوسنة لكي تصبح البوسنة والمليشيات الإسلامية البوسنية نسخة من لبنان ومليشيا حزب الله. (4) وقد أكد العميد محمد رضا نقدي مسؤول التنسيق في قوات الحرس الثوري حالياً، ذات الأمر في لقاء مع صحيفة شرق في عام 2016 إذ قال ” أمريكا كانت تخشى من تحول القوات المقاومة الشعبية إلى حزب الله آخر في قلب أوروبا “. (5)
ثمة سبب آخر جعل الأمريكيون والأوروبيون يسرعون في إبرام اتفاقية دايتون للسلام وهو تراجع قدرات قوات الجيش والمليشيات الصربية أمام ضربات المليشيات و قوات الجيش البوسنية وأيضا الجهاديين العرب وقوات الحرس الثوري وحزب الله.كل هذه الأسباب كانت كفيلة بأن تجعل الغرب يخرج من موقفه الصامت حيال حرب البلقان ويتدخل بكل ثقله من أجل إنهاء الحرب الذي بدأت تأثيراته الأمنية تقلقه. أجبر الإيرانيون على الخروج من البوسنة كما هو الحال بالنسبة للجهاديين العرب.
وتحدث محمد إبراهيم طاهريان السفير الإيراني في البوسنة في أثناء الحرب في مذكراته عن خروج الإيرانيين مكرهين من البوسنة، بالقول ” إن اتفاقية ديتون للسلام جاءت بعد الهزائم المتلاحقة التي تلقاه الصرب في المعارك نتيجة وجود المجاهدين العرب وأيضا القوات الإيرانية ولذلك بدأت الدول الغربية تتخوف من تحول الأراضي البوسنية إلى قاعدة للجهاديين من ناحية وللإيرانيين من ناحية أخرى.” (6)
عودة إيران عبر استراتيجية النفوذ الناعم
أدرك الإيرانيون أن نظرية تصدير الثورة عبر إنشاء المليشيات المسلحة ودعمها سياسياً وعسكرياً ومالياً على غرار لبنان والعراق واليمن لن تفلح في البوسنة لعدة أسباب منها غياب عنصر المذهب المشترك (التشيع) والبعد الجغرافي وكثرة المنافسين-الأمريكيون والأوروبيون والأتراك والروس-الذين يتفوقون على إيران عسكرياً وسياسياً وعليه انتهج الإيرانيون إستراتيجية مختلفة من أجل عودتهم إلى البوسنة وتعزيز نفوذهم هناك وقد أطلقوا عليها إستراتيجية النفوذ الناعم.
تعتمد إستراتيجية النفوذ الناعم الإيرانية على إنشاء المراكز والمؤسسات الثقافية والإعلامية والدينية في البلد المستهدف وتشرف على هذه المراكز والمؤسسات، الملحقيات الثقافية في السفارات الإيرانية. في الحالة البوسنية استغل الإيرانيون أتباع الفرق الصوفية (البكتاشية والقادرية والرفاعية والنقشبندية والدراويش ) الذين يقدر عددهم بأكثر من 40 ألف نسمة، لتعزيز نفوذهم ونشر المذهب الشيعي في البوسنة. فقد تمكنت إيران من نشر المذهب الشيعي الأثني عشري بين الصوفيين في البوسنة والهرسك بالأخص الطريقة البكتاشية التي أسسها محمود رضوي المعروف بحاج بكتاش الذي ينحدر من مدينة نيسابور في إقليم خراسان شمال شرق إيران حيث تستمد الطريقة البكتاشية تعاليمها الدينية من العقيدة الشيعية الأثني عشرية.(7)
المراكز والمؤسسات الإيرانية في البوسنة والهرسك
أسس الإيرانيون منذ اليوم الأول لدخولهم، البوسنة والهرسك مراكزاً ومؤسسات ثقافية وإعلامية بموازاة وجودهم العسكري والأمني ولكن بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في أثناء الحرب لم يكن لهذه المراكز والمؤسسات نشاطاً كبيراً . بعد انتهاء الحرب وإجبار الإيرانيين على الخروج من البوسنة كإحدى نتائج اتفاقية دايتون للسلام، ضاعف الإيرانيون من تركيزهم على دعم وتقوية المراكز والمؤسسات الثقافية والإعلامية في البوسنة. فقد كانت هذه المراكز والمؤسسات نافذة جديدة للإيرانيين من أجل العودة إلى البوسنة والهرسك. ينشط الإيرانيون حالياً في البوسنة والهرسك في مدن سراييفو وتوزلا وموستار وزنتسيا عبر المراكز والمؤسسات التالية:
الملحقية الثقافية الإيرانية : بدأت عملها في العاصمة البوسنية، سراييفو في سنة 1994 ومسؤولها الحالي هو أمير حسين نوري حسامي الذي بدأ عمله منذ سبتمبر 2018. وتنتشر مراكز الملحقية الثقافية في مدينة سراييفو حيث المبنى الإدارى والذي يتألف من مكتبة تضم بين رفوفها 2000 كتاب وقسم للإصدارات المصورة والصوتية الإسلامية. وهناك مبنى ثان في منطقة أخرى من سراييفو وهو معرض دائم تابع للملحقية، تعرض فيه الإصدارات الثقافية المطبوعة -الكتب والمجلات والكراسات-في مختلف مجالات العلوم الإنسانية باللغة البوسنية. ويقع المقر الثالث في الطابق الثالث في المكتبة الوطنية في مدينة توزلا تحت اسم غرفة إيران حيث تعرض الكتب باللغة الفارسية. وافتتحت الملحقية في السنوات الأخيرة فرعاً لها في مدينة موستار. وتصدر الملحقية مجلة زمبك (زنبق) الموجهة لفئة الشباب والناشئين ويتمحور اهتمامها على الشؤون الثقافية والحضارة الإسلامية من منظور إيراني.
وتتعاون الملحقية مع جامعة سراييفو وقد أثمر التعاون بين المؤسستين عن إنشاء كرسي للغة الفارسية في الكلية الفلسفة. وفي ذات السياق أسست الملحقية الثقافية الإيرانية مركزاً للدراسات الإيرانية في الجامعة الإسلامية في مدينة زنتسيا بالإضافة إلى توقيع مذكرة تعاون بين الجامعة والحوزة العلمية في قم. ويعد جامع ” سيمن ” في المدينة مركزاً لنشر الأفكار الشيعية بتمويل ودعم من الملحقية الثقافية. وتستهدف إيران بواسطة جامع “سيمن ” فئة الأطفال والناشئين البوسنيين حيث تقيم صفوفاً لتعليم القرآن وتنظم رحلات ترفيهية. (8)
عززت الملحقية الثقافية الإيرانية موقفها في البوسنة بعد توقيع البلدين-إيران والبوسنة- في عام 2003 في أثناء زيارة وزير الخارجية الإيراني آنذاك كمال خرازي، اتفاقية للتعاون الثقافي و العلمي والتعليمي حيث بموجبها تنشط الملحقية في البوسنة والهرسك في المجالات التالية:
- تقديم الأبحاث والدراسات
- إقامة الندوات والمؤتمرات
- إقامة معارض فنية وثقافية
- إقامة دورات تدريبية (اللغة الفارسية ودروس دينية من المنظور الشيعي الإيراني أفكار الخميني و…)
- إصدار وطباعة كتب ومجلات
- تعاون مع المؤسسات الإعلامية البوسنية وإنشاء مراكز إعلامية تابعة لإيران
- تنظيم مهرجانات واحتفالات دينية
- تنظيم مسابقات في مجال الثقافة والتعليم
- دعم المراكز الثقافية والعلمية والدينية البوسنية ثقافياً ودينياً ومادياً وعلمياً. (9)
رابطة المرأة البوسنية ” كوثر” : تأسست الرابطة في مدينة زنتسيا سنة 1994 على يد المتشيعة البوسنية صديقة أوديتش. وتتولى أوديتش التي تحولت إلى التشيع في عام 1992 رئاسة المركز وتعد أستاذة علم الوراثة في جامعة سراييفو ” ورجيتش ” من أبرز مساعديها والمسؤولة عن نادي المثقفين والمفكرين في الرابطة. تصدر الرابطة مجلة شهرية تحت عنوان ” الزهراء ” وتقدم أيضا برنامجاً تلفزيونياً يحمل عنوان ” الزهراء ” يعرض عبر قناة سحر بالكان. تملك الرابطة إذاعة راديو باسم ” الزهراء ” وتقيم الرابطة سنوياً حفلاً بمناسبة ما يسمى ذكرى مولد السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنه. وتنظم الرابطة ورشات عمل ودورات في مجال الأناشيد الشيعية والفقه الشيعي وكيفية تنظيم المراسم الدينية الشيعية.
مؤسسة أبن سينا للأبحاث: تأسست في عام 1996 في مدينة سراييفو ويرأسها حالياً كاظم ذوقي باراني وهو أستاذ وخبير في الشؤون الإستراتيجية والأمنية في جامعة إمام حسين التابعة للحرس الثوري. تقدم المؤسسة الدراسات والأبحاث حول إيران والبوسنة في مجال العلوم الإنسانية وتتعاون مع مراكز بوسنية وإيرانية أخرى في البوسنة والهرسك.
تصدر المؤسسة مجلة شهرية تحت عنوان ” علائم الزمان” باللغة البوسنية حيث تهتم هذه المجلة في مجال التاريخ الإسلامي والحضاري والثقافة الإسلامية والإيرانية والبوسنية والقضايا الفكرية والفلسفية من بعدها الإسلامي الشيعي. أصدرت المؤسسة منذ تأسيسها 59 كتاباً بعضها نسخ مترجمة عن كتب إيرانية مثل مؤلفات الخميني ومطهري والمورخ الإيراني عبدالحسين زرين كوب ووزير الخارجية الإيراني السابق على أكبر ولايتي. لدى مؤسسة مكتبة كبيرة تحتوى على 5000 كتاب باللغتين البوسنية والفارسية تشمل مجالات الأدب الفارسي والتاريخ والفلسفة والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والعلوم الإسلامية.
تنظم المؤسسة بالتعاون مع مراكز بحثية وعلمية بوسنية ندوات ومؤتمرات سياسية وفكرية وثقافية وتقيم المؤسسة معارض تخص المناسبات الدينية والسياسية والثقافية الإيرانية. نظمت المؤسسة منذ تأسيسها 69 ندوة ومؤتمرا وجلسة في مختلف المجالات. (10)
مدرسة جلستان : أسس المدرسة محمدجعفر زارعان عضو المجمع العالمي لأهل البيت في سنة 1999 في بلدة إيلياش في ضواحي سراييفو.بنيت المدرسة على مساحة 6 هكتارات وفيه منام للطلبة ويدرس فيها الطلاب -كلا الجنسين- المناهج البوسنية بالإضافة إلى اللغة الفارسية والدين الإسلامي من المنظور الإيراني (الشيعي). (11)
مؤسسة ملاصدرا : تأسست في عام 2003 على يد مندوب خامنئي في البوسنة أكبر عيدي ويرأسها حالياً قباد سليماني وهو رجل دين. تهتم المؤسسة في قضايا الفلسفة الإسلامية والعرفان ودراسات بشأن التاريخ المذاهب والأديان والحضارة الإسلامية وتركز في نشاطها على طلبة الجامعات وتعمل على بناء علاقات مع الباحثين والمثقفين وأساتذة الجامعات في البوسنة والهرسك. أصدرت المؤسسة منذ تأسيسها 106 كتاب باللغة البوسنية بعضها كتب مترجمة عن الفارسية. وتقيم المؤسسة التي تملك مبنى كبير في العاصمة البوسنية سراييفو، مؤتمرات وندوات فكرية وسياسية وثقافية في مجال الفلسفة الإسلامية والتاريخ والثقافة الإيرانية والإسلامية.(12)
مركز الدراسات الإيرانية: تأسس المركز في عام 2013 بدعم من رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية –ذراع إيران لنفوذ الناعم في الخارج-ويضم المركز خبراء ومتخصصين بوسنيين في الشأن الإيراني. يعمل المركز على بناء العلاقات مع النخب السياسية والفكرية في البوسنة والهرسك بغية كسب ودهم ولائهم لصالح التوجهات الإيرانية في البلقان وأوروبا.
رابطة الصداقة البوسنية –الإيرانية: أسست الرابطة في عام 2010 وتضم قادة عسكريين وشخصيات سياسية ودينية ونواب برلمانيين من البلدين. تنشط الرابطة في مجال تعزيز علاقة الصداقة بين البلدين وتدعم إيران عبر هذه المؤسسة الشخصيات السياسية البوسنية الموالية لها مالياً وسياسياً وإعلامياً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية.
التعاون الإعلامي بين إيران والبوسنة : هناك تعاون إعلامي كبير بين البلدين وقد أنشأت إيران قناة باللغة البوسنية تحت مسمى ” سحر بالكان ” وفضلاً عن ذلك وقعت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني مذكرة تعاون وتفاهم مع هيئة الإذاعة والتلفزيون البوسني تسمح بعرض المسلسلات والأفلام السينمائية والوثائقية الإيرانية المترجمة باللغة البوسنية في قناة BHRT أي القناة الرسمية للبوسنة والهرسك. وتعرض البرامج الإيرانية المترجمة في القنوات البوسنية الأخرى مثل A1 Balkan و TVSAو RTVو MTV و VOGOSCA. (13)
الإرهاب الإيراني على أبواب أوروبا
تمثل البوسنة والهرسك بالنسبة لإيران بوابتها نحو أوروبا ولم يخف الإيرانيون هذا الأمر بل أعلنوه صراحة إذ قال على أكبر رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام السابق في لقاء مع الرئيس البوسني باقر عزت بيغوفيتش في طهران سنة 2016 ، ” إن إيران تعد البوسنة بوابتها لدخول أوروبا “. (14) يعمل الإيرانيون على بناء علاقات وثيقة مع الطبقة السياسية والنخب البوسنية المؤثرة لتعزيز نفوذهم في هذا البلد وتشير تقارير استخباراتية إلى أن شبكات تابعة لفيلق قدس في البلقان –البوسنة وألبانيا-تنشط في مجال تهريب المخدرات إلى البلدان الأوروبية وغسيل الأموال وتزوير العملات الصعبة مثل اليورو والدولار.
وقد حذر تقرير لوكالة الأمن القومي الأمريكية في عام 2016 تحت عنوان “تقرير 2783” من تصاعد نشاط جهاز الاستخبارات الإيرانية في البوسنة والهرسك. وكشف التقرير قائمة اسماء تضم نحو 650 إيراني في البوسنة ينشطون كعملاء لجهاز الاستخبارات الإيرانية. وقد ورد اسم جواد حسن بور نائب وزير الأمن والاستخبارات الإيراني سابقاً والقائد الحالي لاستخبارات الحرس الثوري في جنوب شرق أوروبا والبلقان في صدر القائمة التي تناولها التقرير الأمريكي. وينشط حسن بور في البوسنة تحت غطاء مندوب إيران في رابطة الصداقة الإيرانية-البوسنية لكن مهمته الرئيسية هي العمل على اختراق الأمن البوسني عبر تجنيد ضباط يعملون لصالح إيران وأيضا إنشاء لوبيات من السياسيين البوسنيين تدعم التوجه والنفوذ الإيراني في هذا البلد. (15)
إن النفوذ الإيراني في البوسنة والهرسك لم يقف عند حدود التي ذكرت بل تسعى إيران عبر فيلق قدس وجهاز الأمن والاستخبارات (اطلاعات) إلى اختراق صفوف التنظيمات والحركات السلفية التي بدأ يتصاعد نشاطها في هذا البلد مع بروز ” تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش . وقد شكل هذا الأمر أزمة بين إيران والبوسنة في أبريل عام 2013 حينما طردت البوسنة دبلوماسيين إيرانيين اثنين بحسب بيان صحفي صادر عن وزارة الأمن البوسنية. الدبلوماسيان هما أحمد حمزه دولاب و سهراب جديدي قيل أنهما كانا من ضباط وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية وقد اعتقلا وهما يستقلان سيارة تحمل لوحة أرقام دبلوماسية في حاجز تفتيش لقوات الأمن البوسنية وبحوزتهم اسلحة وأموال. وقد كشفت تحقيقات وزارة الأمن البوسنية لاحقاً أن الأسلحة والأموال كانت في طريقها إلى المتطرفين الإسلاميين في مناطق غورنيا ومهاتشان.
الخلاصة
إن النفوذ الإيراني في البوسنة يندرج ضمن إستراتيجية طهران في خلق أوراق ضغط على الغرب والولايات المتحدة بغية الحصول على مكاسب حقيقية في صراع الهيمنة على الشرق الأوسط. يدرك الإيرانيون أن نفوذهم في البوسنة على المدى المتوسط مهما توسع لايتسطيع مجابهة النفوذ التركي والروسي والغربي في هذا البلد إلا أنهم يراهنون على عامل الزمان في ترسيخ نفوذهم وهذه لعبة تتقنها طهران.
غير أن طهران تواجه تحديات ليست سهلة قد تعيق نفوذها في البلقان، تتمثل في ضعف علاقاتها التجارية والاقتصادية مع بلدان هذه المنطقة ووعلى رأسهم البوسنة. إذ لم يتجاوز حجم التبادل التجاري بين إيران والبوسنة بين عام 2007 حتى 2016 حاجز 27 مليون دولار وهو رقم ضئيل جدا. والعائق الآخر التي يقف أمام الإيرانيين هو العلاقة مع صربيا، فطهران لاتريد خسارة بلغراد وحليفتها روسيا. إذ ترى بلغراد أن النفوذ الإيراني بين المسلمين في البوسنة ربما قد يخل في توازنات القوى بهذا البلد متعدد الأعراق والديانات حيث من شأنه أن يضعف موقف صرب البوسنة. ولتبديد مخاوف بلغراد، سعت طهران في السنوات الأخيرة إلى بناء علاقات متينة مع صربيا، أفضت في عام 2017 إلى إلغاء التأشيرات بين البلدين قبل أن يلغى الاتفاق لاحقاً من قبل صربيا نتيجة موجة هجرة كبيرة للإيرانيين الذين استخدموا صربيا جسراً للوصول إلى الأراضي الأوروبية.
ثمة تحد آخر قد يضعف النفوذ الإيراني في البوسنة وهو جهود الأوروبية والأمريكية لاحتواء الموقف عبر إغراء البوسنة والهرسك بالانضمام إلى حلف الشمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وقد يكون موضوع الابتعاد عن إيران أو الحد من نفوذها من أهم الشروط التي ستطرحها الدول الغربية على البوسنة في حال أرادت الانضمام إلى النيتو و الاتحاد الأوروبي.
المراجع:
فرمانده لبنانی بوسنی چه کسی بود؟
https://www.tasnimnews.com/fa/news/1397/04/24/1775630/%D9%81%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%87-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%A8%D9%88%D8%B3%D9%86%DB%8C-%DA%86%D9%87-%DA%A9%D8%B3%DB%8C-%D8%A8%D9%88%D8%AF
INVESTIGATION INTO IRANIAN ARMS SHIPMENTS TO BOSNIA
https://www.congress.gov/congressional-report/105th-congress/house-report/804/1?s=1&r=51
اطلاعاتی درباره جنگ ناشناخته حزبالله در بوسنی/ دفاع شیعیان ایرانی و لبنانی از مسلمانان سنی مذهب بوسنیایی/ چرا نفوذ ایران در بالکان کم شد؟ fr/0027c9
تاریخ محرمانه حضور نیروی قدس سپاه پاسداران در جنگ بوسنی
http://www.bbc.com/persian/iran-features-48511526
سردار نقدی از تولد در خیابان شاپور تا مبارزه در بوسنی
https://www.mashreghnews.ir/news/657638/%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D8%A7%D8%B1-%D9%86%D9%82%D8%AF%DB%8C-%D8%A7%D8%B2-%D8%AA%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%AF%D8%B1-%D8%AE%DB%8C%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D8%B4%D8%A7%D9%BE%D9%88%D8%B1-%D8%AA%D8%A7-%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B2%D9%87-%D8%AF%D8%B1-%D8%A8%D9%88%D8%B3%D9%86%DB%8C
دیتون یک اجبار بود نه یک انتخاب!
http://shahidrasul.ir/1396/09/%d8%af%db%8c%d8%aa%d9%88%d9%86-%db%8c%da%a9-%d8%a7%d8%ac%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d8%a8%d9%88%d8%af-%d9%86%d9%87-%db%8c%da%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%ae%d8%a7%d8%a8/
محمد قربانپور دلاور ، شیعیان و فرقههای علوی در بالکان ، فصلنامه پژوهشهای منطقه ای
http://pma.journals.miu.ac.ir/article_2250.html
رایزنی فرهنگی ایران، اهم فعالیتهای رایزنی فرهنگی
http://sarajevo.icro.ir/index.aspx?fkeyid=&siteid=142&pageid=11391
متن مبادلات فرهنگی علمی و آموزشی بين ايران وبوسنی وهرزگوین
http://sarajevo.icro.ir/index.aspx?fkeyid=&siteid=142&pageid=11395
10-موسسه ابن سينا
مؤسسه
11-مدرسه كلستان وكالج بوسنيايي زبان فارسي
http://pbk.edu.ba/
12-موسسه ملاصدرا
Naslovna
13- پخش آثار ایرانی در کانال سحر بالکان و تلویزیون ملی بوسنی
https://www.mehrnews.com/news/4319938/%D9%BE%D8%AE%D8%B4-%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%DA%A9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%84%DA%A9%D8%A7%D9%86-%D9%88-%D8%AA%D9%84%D9%88%DB%8C%D8%B2%DB%8C%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%84%DB%8C-%D8%A8%D9%88%D8%B3%D9%86%DB%8C
14- هاشمی رفسنجانی: ظرفیت همکاریهای ایران و بوسنی و هرزگوین بالاست
https://www.mehrnews.com/news/3806192/%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%85%DB%8C-%D8%B1%D9%81%D8%B3%D9%86%D8%AC%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%B8%D8%B1%D9%81%DB%8C%D8%AA-%D9%87%D9%85%DA%A9%D8%A7%D8%B1%DB%8C-%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88-%D8%A8%D9%88%D8%B3%D9%86%DB%8C-%D9%88-%D9%87%D8%B1%D8%B2%DA%AF%D9%88%DB%8C%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA
–
هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.