لم يتأخر الروس عن التنديد بالخطوة الأمريكية الجديدة في سباق التسلح النووي المتسارع بين الجانبين، ومع إعلان الجيش الأمريكي فقد نشر إضافة جديدة لترسانته النووية، متمثلة بصاروخ طويل المدى، مسلح برأس حربي نووي ذي قدرة تفجير منخفضة، يضاف إلى أسلحة أخرى ويطلق من الغواصات النووية.
الموقف الروسي الممتعض، عبر عنه نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، اليوم الأربعاء، معتبرا أن موسكو تنظر بقلق كبير إلى تسليح الغواصات الأمريكية بذخائر ذرية منخفضة القوة.
وسينضم الصاروخ الجديد إلى أسلحة أخرى، أكثر قوة، على متن غواصات في المحيطات. وفي تأكيد لهذا التسلح النووي الجديد، قال مسؤول بارز بوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) لوكالة “أسوشيتد برس” إن السلاح الجديد يجعل أميركا أكثر أمنا من خلال تقليص فرص وقوع حرب نووية.
في حين يعترض بعض الديمقراطيين في أمريكا على الإضافات الجديدة ليتوافقوا مع الأصوات المعترضة على أي أنواع تسليح جديد، معتبرين الخطوة الأخيرة إضافة خطيرة، لا ضرورة لها، تصعد من تهديد اندلاع حرب.
وقال جون روود، وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات، في مقابلة مع أسوشيتد برس إن إضافة الرأس الحربي ذي قوة التفجير المنخفضة نسبيا، المعروف باسم دبليو 76- 2، إلى الغواصات التي تحمل صواريخ ترايدنت 2 البالستية، يخفض تهديد اندلاع حرب نووية.
وأضاف وكيل البنتاغون، أن الولايات المتحدة ستستمر في سياستها المعلنة باستخدام الأسلحة النووية، فقط “تحت ظروف استثنائية”. كما ونوّه أن الرأس الحربي سيساعد الولايات المتحدة على إقناع موسكو بعدم المخاطرة بشن صراع نووي محدود.
من جهته، قال النائب الديمقراطي آدم سميث، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، إن “قرار الإدارة نشر الرؤوس الحربية “دبليو 76-2″ يظل قرارا مضللا وخطيرا، فنشر هذه الرأس الحربية لن يجعل الأمريكيين أكثر أمنا”.
ويرى مؤيدو الحد من التسلح وبعض أعضاء الكونغرس أن مثل هذه الأسلحة منخفضة القوة قد تجعل نشوب صراع نووي أكثر ترجيحا.
وتعتبر الأسلحة النووية منخفضة القوة ذات آثار مدمرة رغم أن اسمها يوحي بعكس ذلك، فقوتها أقل من 20 كيلو طنا، لكنها توازي قوة القنبلة الذرية التفجيرية التي سقطت على هيروشيما باليابان نهاية الحرب العالمية الثانية.
هذا ويعيش العالم في الفترة الأخيرة على وقع سباق تسلح جديد تزداد خطواته وخطورته بين القطبين العسكريين الأهم، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا “وتلحقهما الصين بخطى خجولة”، ومع انسحاب روسيا من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى قبل شهور، وجهت موسكو ضربة قاصمة للمعاهدة، كما مثلت ضربة قوية لاستقرار الأمن العالمي، وبداية لتأسيس نظام عالمي جديد لم تتضح معالمه بعد، وفتحا للطريق أمام سباق تسلح بعد أن لحقتها الولايات المتحدة، مما ينذر باندلاع حروب جديدة قد تطال معظم القوى العالمية المؤثرة في موازين وهيكل النظام العالمي.
وشهدت نهاية العام الماضي عودة المهاترات بين موسكو وواشنطن في ظل اتهامات روسية للأمريكيين، أن إجراءات الولايات المتحدة في مجال الأسلحة تهدف لتدمير هيكلة الاستقرار الاستراتيجي وتحقيق الهيمنة العالمية الأمر الذي يهدد كل البشرية.
وتمثلت الخطوات الأمريكية التي اتبعتها واشنطن مؤخراً في انسحاب واشنطن من معاهدة نزع الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وتأجيج التوتر حول موضوع تمديد معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية، الذي ينتهي سريانه في فبراير / شباط 2021، ورفض المصادقة على اتفاق الحظر الشامل للتجارب النووية، والانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة الخاصة بتسوية قضية برنامج إيران النووي”. وفقاً للاتهامات الروسية.
ولا تعتبر الأسلحة النووية المنخفضة القوة التفجيرية، معدة لشن حروب مباشرة ضد الخصوم المحتملين كالروس. إنما يهدف إلى ردع الروس وغيرهم، في الحروب الهجينة في البلدان الأخرى وفقاً للخبراء العسكريين.
وتدرك الولايات المتحدة، اليوم، تمام الإدراك أنها من خلال قوات المهام العامة، ومن دون أسلحة دمار شامل، لا يمكنها حل أي مهمة عسكرية سياسية. ولم يبق لدى الأمريكيين سوى أداة واحدة، الأسلحة النووية. لذلك، ومن أجل ضربات عالية الدقة ضد المواقع المحمية بقوة، الموجودة في سلاسل الجبال، والقاذفات تحت الأرضية، هناك حاجة إلى شحنة نووية منخفضة القدرة يمكنها تدمير تلك التحصينات”.
من جهته، أشار خبير مختص إلى أن مثل هذه الشحنات النووية لا تبلغ المستوى الذي يمكن أن تصل فيه الأمور إلى حرب نووية شاملة. لذلك، فإن إنشاء هذه الأسلحة النووية يدخل في مفهوم ما يسمى بالحرب النووية الصغيرة، والتي بموجبها يمكن للولايات المتحدة استخدام الأسلحة النووية ضد أي دولة في صراعات منخفضة الشدة.