قرر المجلس الانتقالي الجنوبي، مبدأ الإدارة الذاتية لمحافظات الجنوب ومدنه في ضوء ما اعتبره فشل الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي في الوفاء بالتزاماتها ضمن اتفاق الرياض وإصرارها على “تأزيم” عودة حكومتها إلى مدينة عدن لمباشرة مهامها.
المجلس اتخذ قراره بإعلان حالة الطوارئ ونشر القوات الأمنية والعسكرية لإدارة شؤون محافظات الجنوب، في مبادرة عاجلة لحلّ المشكلات المتراكمة والتي يتهم المجلس الحكومة بالتقاعس في حلها، عبر سيطرة شق واسع من عناصر محسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين.
قرار وتوضيح
أكد المجلس الانتقالي في بيان رسمي وقعه رئيسه، عيدروس الزبيدي، أن قرارات المجلس جاءت “في ظل استمرار الصلف والتعنت للحكومة اليمنية في القيام بواجباتها وتسخيرها لموارد وممتلكات شعبنا في تمويل أنشطة الفساد وتحويلها إلى حسابات الفاسدين في الخارج، بالإضافة إلى تلكؤها وتهربها من تنفيذ ما يتعلق بها من اتفاق الرياض”.
هاني بن بريك، نائب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، قال إن “إرادة الشعوب هي من تأتي بالحكومات، وليست الحكومات من تأتي بالشعوب. ويشهد كل العالم حجم القهر والظلم والفساد والنهب الذي تمارسه هذه الحكومة اليمنية، التي تعيش على إطالة أمد الحرب والأزمات”.
وأضاف المسؤول الجنوبي أن “بيان الانتقالي خطوة لتحقيق إرادة الشعب المقهور وحفظا لسمعة التحالف العربي”.
رفض واستنكار
اعتبرت وزارة الخارجية في الحكومة اليمنية في بيان رسمي أن “إعلان المجلس الانتقالي إدارة الجنوب ما هو إلا استمرار للتمرد المسلح وإعلان رفض وانسحاب تام من اتفاق الرياض”، مشيرة إلى أن المجلس يتحمل ما أعتبرته “التبعات الخطيرة والكارثية لهكذا إعلان”.
أبعاد ومضامين
نشبت أزمة بين الحكومة والمجلس الانتقالي في وقت كان مقررًا فيه عودة الحكومة اليمنية إلى عدن، الخميس، لمباشرة عملها من هناك ضمن اتفاق الرياض، لكن إصرار “الشرعية” على عودة من وصفو “وزراء التأزيم” حال دون ذلك.
قيادة المجلس الانتقالي طالبت من جهتها، بأن تكون عودة الفريق الحكومي مطابقة لاستحقاقات اتفاق الرياض، الذي نص على عودة رئيس الحكومة وفريق عمله لصرف الرواتب وتسيير الحياة اليومية حتى يتم تشكيل حكومة جديدة بالمناصفة بين الشمال والجنوب ولا تضم أي من وزراء التأزيم الذين لعبوا دورًا في تأجيج مواجهات أغسطس / آب 2019.
ليقرر الانتقالي الجنوبي إعلان حالة الطوارئ في عدن وعموم محافظات الجنوب وتكليف القوات الأمنية والعسكرية الجنوبية بالتنفيذ الفوري. كما أعلن الإدارة الذاتية للجنوب اعتبارا من ليل السبت 25 أبريل الجاري ومباشرة لجنة الإدارة الذاتية أداء عملها وفقا للمهام المحددة من قبل رئاسة المجلس.
القيادي في المجلس الانتقالي، أحمد عمر بن فريد، أكد أنه “تتحقق أفضل النتائج في المراحل التاريخية الحاسمة التي تصدر فيها قرارات سياسية مصيرية حينما تجتمع الإرادة القيادية مع الإرادة الشعبية لتعلن للعالم بصوت واحد قوي أننا لا نمارس إلا حقنا المشروع الذي تتمتع به جميع شعوب الأرض ما يستدعي احترام سيادتنا على أرضنا”.
اتهامات مباشرة
وجه المجلس الانتقالي اتهامات في بيان، للحكومة بـ “عدم صرف رواتب وأجور منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية والمتقاعدين والمدنيين منذُ عدة أشهر، إضافة إلى التوقف عن دعم الجبهات المشتعلة بالسلاح والذخائر والغذاء ومتطلبات المعيشة، والتوقف عن رعاية أسر الشهداء وعلاج الجرحى، وتأجيج التناحر الوطني والسعي لزعزعة وتمزيق اللحمة الوطنية ودعم الإرهاب وقوى التطرف”.
حيث أوضح البيان أن “تردي الخدمات العامة وفي مقدمتها البنية التحتية للكهرباء والمياه والطرق والذي أظهرته بشكل جلي كارثة السيول الأخيرة ما تسبب في معاناة شديدة لأهلنا في العاصمة الجنوبية عدن سيما مع دخول شهر رمضان المبارك، واستخدام ذلك كسلاح لتركيع الجنوبيين”.
حيث شهدت مدينة عدن والمحافظات المجاورة لها ترديًا كبيرًا في خدمة الكهرباء، وسط صمت الجهات المسؤولة وعجزها عن معالجة المشكلة.
بدوره، قال الناشط السياسي أحمد الربيزي، إن أهالي عدن خرجوا في مظاهرات غاضبة احتجاجًا على سوء الخدمات.
الربيزي كتب تغريدة على “تويتر”: “تظاهرات غاضبة بعدن احتجاجا على انقطاع الكهربا والمياه في أغلب أحياءها”.
مصادر سياسية يمنية أوضحت أن العلاقة بين المجلس الانتقالي والحكومة من السوء بمكان في ضوء التحشيد العسكري “الإخواني” المستمر ضد قوات المجلس الانتقالي، يضاف لذلك سيطرة حزب الإصلاح على القرار السياسي في حكومة هادي.
من جهته، كشف جلال حاتم، الأكاديمي الجنوبي رئيس جامعة “أم القيوين” الإماراتية، عن تحركات قانونية لمقاضاة قيادات الشرعية.
ونشر “حاتم” في تغريدة له عبر حسابه الشخصي على موقع “تويتر”: “رجال القانون في الجنوب بل وفي عدد من البلدان الشقيقة والصديقة يشرعون في رفع الدعاوى القضائية ضد “الشرعية” للجرائم التي اقترفتها ضد الجنوب وأهله والتي ترتقي بعضها إلى جرائم حرب.. نعم لمحاكمة ما تسمى بـ الشرعية”.
حيث باتت الحكومة الشرعية مخترقة من قبل تنظيم الإخوان المسلمين، ما تسبب برفض واسع في مناطق جنوب اليمن ما يسبب بأخطار كبرى على الجنوب اليمني.
حيثيات اتفاق الرياض
يؤدي اتفاق الرياض الموقّع بالعاصمة السعودية في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني الماضي، لعودة الحكومة اليمنية إلى عدن، مع الشروع بدمج كافة التشكيلات العسكرية ضمن وزارتي الدفاع والداخلية.
كما ينص أيضًا على تشكيل حكومة كفاءات سياسية، بمشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي، فضلًا عن ترتيبات عسكرية وأمنية أخرى، وتبادل أسرى المعارك بين الطرفين.
يذكر أن جنوب اليمن شهد في شهر آب / أغسطس، معارك بين قوّات المجلس الانتقالي وأخرى موالية لحكومة هادي، نتج عنها سيطرة قوات المجلس الانتقالي على مناطق عدّة أهمها العاصمة المؤقتة عدن.