هيئة التحرير
ردود فعل متباينة فجرتها دعوة رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، لإجراء انتخابات مبكرة في البلاد، بين فئة داعمة لها، ساعية لتغيير الوضع السياسي القائم مقابل فئة معارضة ورافضة للدعوة، على اعتبار أنها تمس مصالحها وتقوض سلطتها.
وكان “الكاظمي” قد حدد يوم 6 حزيران من العام المقبل، موعداً لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، في حين دعا رئيس البرلمان العراقي، “محمد الحلبوسي” لعقد جلسة طارئة للبرلمان من أجل بحث الدعوة.
استهداف سياسي ما بعد الأمني
تحديد موعد الانتخابات بعد عام، يعتبره المحلل السياسي، “علي الجبوري”، خطوة تكشف أن سياسية “الكاظمي” ضد الميليشيات المدعومة من إيران، قائمة على خطوتين، الأولى التطهير الأمني والحد من القوة العسكرية للميليشيات، والثانية الحد من نفوذها السياسي داخل المؤسسة التشريعية، معتبراً أن سلطة الميليشيات الممتدة منذ 17 عاماً لا يمكن نزعها في أسابيع أو أشهر.
وتسيطر الأحزاب السياسية الممثلة للميليشيات على أغلبية مقاعد البرلمان العراقي، حيث تشغل 145 مقعداً في البرلمان الحالي، من أصل 329، وهي موزعة على 54 مقعد لكتلة سائرون التابعة للتيار الصدري، و47 لكتلة الفتح بزعامة “هادي العامري”، و25 لكتلة دولة القانون بزعامة “نوري المالكي”، و19 لتيار الحكمة برئاسة “عمار الحكيم”.
على الرغم من أهمية الحد من القوة التسليحية للميليشيات، ضمن جهود استعادة القرار العراقي وبسط نفوذ الدولة العراقية، إلا أن “الجبوري” شدد خلال حديثه مع مرصد مينا، على أن السيادة لا يمكن أن تكتمل بدون توازن سياسي ضمن البرلمان، الذي يمثل قلب السلطة التشريعية في البلاد.
ويحكم العراق بمبدأ النظام البرلماني، حيث يتم اختيار رئيس الحكومة وفقاً للأغلبية النيابية، ضمن اتفاق المحاصصة الطائفية، الذي يمنح الشيعة منصب رئيس الحكومة.
في السياق ذاته، يشير الباحث في شؤون الاحزاب العراقية، “محمد علاوي”، إلى أن نجاح الانتخابات القادمة في إفراز تركيبة جديدة من النواب، يعني أن تشكيل الحكومات العراقية سيتم في بغداد، بعد أن كان يتم في طهران طيلة 17 عاماً، لافتاً إلى أن “الكاظمي” يعلم تماماً أهمية تحرير السلطة التشريعية من سطوة الميليشيات.
ردود فعل ومطالب شعبية
ارتباط إجراء الانتخابات المبكرة بمطالب الحراك الشعبي، ورفض بعض الأطياف السياسية له، يكشف وفقاً للمحلل “الجبوري”، الجهات التي خرج ضدها الشعب العراقي، مشيراً إلى أن خشية بعض الأحزاب من الانتخابات المبكرة يعكس إدراكها لفقدان الشعبية لدى العراقيين.
وكان أولى ردود الفعل الرافضة إجراء الانتخابات المبكرة، جاءت من زعيم ائتلاف دولة القانون، رئيس الحكومة الأسبق، “نوري المالكي”، الذي اعتبر أن الدعوة لانتخابات مبكرة ليست من صلاحيات رئيس الحكومة، وأن حلّ البرلمان لا يتم إلا بتصويت البرلمان على حل نفسه.
من جانبه يوضح المحلل السياسي، “حسين الدليمي”، أن اختيار عام لاجراء الانتخابات مدة كافية لتهيئة الظروف الملائمة، خاصةً من الناحية الأمنية، معتبراً أن إجراء الانتخابات في وقتٍ مبكر قد يهدد نجاحها، لاسيما في ظل استمرار سطوة الميليشيات وامتلاكها السلاح، الذي قد تستخدمه في إجبار الأهالي على التصويت لصالح مرشحيها.
كما حذر “الدليمي” في حوار سابق مع مرصد مينا، من نفوذ المليشيات وسيطرتها بقوة السلاح على مناطق مختلفة من البلاد، وإمكانية التأثير على سلامة ونزاهة عملية الاقتراع، لافتا إلى ضرورة إكمال ترسيم وتحديد الدوائر الانتخابية الجديدة، بواقع دائرة انتخابية لكل 100 ألف نسمة، وهو أول نظام يُعمل به في العراق منذ عام 2003، تماشياً مع طلبات المتظاهرين الرافضين لنظام “سانت ليغو” المعدل، ونظام الدائرة الواحدة في كل محافظة، عدا عن ضرورة تشريع قانون المحكمة الاتحادية، التي يجب أن تشرف على الانتخابات وتصديق نتائجها، وكذلك متطلبات توفير المبالغ، التي تصل إلى مليار دولار، لإجراء الانتخابات، وحسم ملف تصويت النازحين وعراقيي الخارج وجوانب أخرى مختلف عليها سياسياً.