هيئة التحرير
“كل شيء سيتغير خلال سنتين”، تغريدة كتبها رئيس تيار المردة اللبناني، “سليمان فرنجية”، أظهر من خلالها عدم رضاه عن سياسة الرئيس اللبناني، “ميشال عون” وصهره رئيس التيار الوطني الحر “جبران باسيل”، خاصة وأن التغريدة استهدفت القضاة اللبنانيين، الذين قال “فرنجية” إنهم خائفون من نفوذ التيار الوطني الحر.
اللافت في تغريدة “فرنجية”، أنها جاءت ضمن ما اعتبره عمليات استهداف من قبل “باسيل” للشخصيات اللبنانية المقربة من “تيار المردة”، في إشارة إلى مدير عام منشآت النفط في لبنان، “سركيس حليس”، الذي يواجه تهم فساد في ما يعرف بـ”قضية الفيول”.
وتعود قضية الفيول إلى الباخرة MT Baltic، التي وصلت إلى لبنان في آذار الماضي، والتي حصلت على شهادة من مديرية النفط بأنها مطابقة للمواصفات، على الرغم من أنها كانت محملة بنفايات نفطيّة، بحسب وسائل الإعلام اللبنانية.
صهر الرئيس فوق الفساد
اسم وزير الخارجية السابق، “جبران باسيل”، كثيراً ما ارتبط بقضايا الفساد المالي والسياسي ومحاولات السيطرة على القرار المسيحي في لبنان، خاصةً من قبل الخصوم السياسيين، إلا أن اللافت هذه المرة أن تلك الاتهامات تأتي بشكل مباشر من أحد حلفاء الحكومة، التي يشارك بها التيار الوطني الحر، حيث يشير “فرنجية” إلى أن قضية الفيول، التي يحاكم فيها “حليس” ترتبط أيضاً، بستة وزراء منتمين إلى التيار الوطني الحر، الذين بقوا خارج القضية، على حد تعبيره.
وسبق لوزير العدل الأسبق، اللواء “أشرف ريفي” أن وصف “باسيل” بأنه الفاسد الأكبرفي الحكم والدولة، في حين اتهمه رئيس الحكومة السابق “سعد الحريري” بمحاولة اغتياله سياسياً، عبر تلفيق قضايا فساد مرتبطة بقضية الفيول لقياديين في تيار المسقبل، في قدمتهم رئيس الحكومة الأسبق، “فؤاد السنيورة”.
كما ترتبط الاتهامات “لباسيل” بمحاولة السطوة على القرار الداخلي وسياسة تصفية الخصوم، بدعم من الرئيس اللبناني،وهو ما يلمح إليه “فرنجية” في تغريدته من خلال حديثه عن تغير الأوضاع السياسية بعد عامين، أي عام 2022، موعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي،في إشارة إلى تحميل الرئيس مسؤولية تصرفات صهره، في استهداف خصومه السياسيين، وتأمين الحماية له.
وسبق للرئيس “عون” أن ترك الباب مفتوحاً أمام ترشيح “باسيل” للانتخابات الرئاسية القادمة، من خلال تأكيده أن تلك المسألة مرتبطة بقرار التيار والنواب.
صراع النفوذ ..
خلافاً لكل الصراعات السياسية الحالية في لبنان، فإن صراع “باسيل – فرنجية”، لم يرتبط بالسياسيات الحكومية أو ملفات داخلية، وإنما تمثل في الصراع على المناصب المخصصة للمسيحيين في لبنان، وهنا يلفت الكاتب اللبناني “منير ربيع” إلى أن التيار الوطني الحر يخوض حرب صلاحيات في لبنان، معتبراً أن تلك المعركة ستبقى مفتوحة مع تيار المردة بشكلٍ خاص، كونه شريك المسيحي الآخر في حكومة “حسان دياب”.
وعلى الرغم من خصومتهما، يعتبر كل من التيار الوطني الحر وتيار المردة من الحلفاء الأساسيين لحزب الله، كما أنهما يقفان على الضفة ذاتها حيال العديد من الملفات الداخلية، على رأسها سلاح الحزب والموقف من الأزمة السياسية الحالية.
بداية حرب الصلاحيات ومعركة المناصب بين التيارين، اشتعلت بشكل كبير في أعقاب تشكيل الحكومة الحالية مباشرة، بسبب خلافات حول تعيين بعض المسؤولين المصرفيين، وهو ما تؤكده صحيفة الجمهورية، اللبنانية، موضحةً أن الخلاف اندلع بين الطرفين على خلفية تعيين نواب حاكم مصرف لبنان المركزي ولجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية.
وكان “فرنجية” قد اتهم “باسيل” بمحاولة الاستئثار بالمناصب المسيحيةمن خلال إصراره على امتلاك 6 مقاعد مسيحية في التعيينات المالية من أصل 7.
أكبر الخاسرين
كثيراً ما ترتبط مفاهيم الربح والخسارة في المعارك السياسية بالطرفين المتصارعين، إلا أن حسابات الخسارة يبدو أنها في حالة “باسيل – فرنجية” تضم أطرافاً أخرى، في مقدمتها رئيس الحكومة “حسان دياب”، فوفقاً لما تؤكده صحيفة الجمهورية، فإن استمرار الضغوط من التيار الوطني الحر على تيار المردة، دفعت “فرنجية” إلى بسحب وزرائه من الحكومة، وهو ما يعتبر كفيلاً بخلخلة الوضع القانوني للحكومة ويقود إلى إسقاطها بعد خسارة تأييد نواب المردة في مجلس النواب.
ويمتلك تيار المردة حقيبتين وزاريتين في الحكومة الحالية، كما سبق “لفرنجية” أن صرح: “أنا قدّمت ما لديّ وأعطيت دعم كتلتي لكي تتشكّل حكومة ولا يقع البلد في الفوضى”.
الطرف الآخر من معادلة الخسارة، يرتبط بالكتلة السياسية المسيحية عموماً في لبنان،حيث يرى الصحافي “ربيع” أن تبعات الصراع بين أقطاب “العهد” المسيحيين، ستقود إلى إضعاف المسيحيين سياسياً، مضيفاً: “مواقع قرار المسيحيين في الدولة تقوضت كلها، رئاسة الجمهورية تعيش عزلتين، عزلة محلية تتجلى بالهوة الشاسعة بينها وبين فئات واسعة من المسيحيين، وشطر كبير من السياسيين، وعلاقة متوترة مع نصف حلفائها الشيعة المتجسد بحركة أمل، وعزلة على الصعيد الدولي، بفعل انقطاع لبنان عن كل علاقاته الخارجية العربية والدولية”.
كما يشير “ربيع” إلى أن هذا النوع من الصراعات التي يخوضها”العهد العوني” لن تسهم في تعزيز مواقع المسيحيين، بل ستؤدي إلى خيار من إثنين: الأول، إعادة صياغة تركيبة النظام السياسي، ليكون المسيحيون والسنّة الخاسرين الأكبرين، والثاني الذهاب إلى خيارات تتخطى اللامركزية الإدارية إلى اللامركزية المالية الموسعة.