مشاريع وهمية وملفات فساد واختلاسات وسوء ائتمان وإدارة، إضافة إلى اتهامات أخرى تسود محافظة صلاح الدين (شمالي بغداد)، لاسيما بعد انتشار وثائق تتحدث عن عقود بأرقام مالية ضخمة تجاوزت المليارات، أصبحت حديث الشارع العراقي اليوم، تضاف إلى ملف الفساد منقطع النظير الذي أودى بأغنى بلدان العرب إلى حافة الإفلاس، إذ يقرع بين الحين والآخر باب صندوق النقد الدولي، آخرها كان مساء أمس الاحد عندما أعلن صندوق النقد الدولي، أن العراق طلب مساعدة طارئة، عبر محادثات جارية بين الطرفين.
وكان وزير المالية العراقي “علي علاوي”، قد قال في مقابلة “إن العراق يجري مباحثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة اقتراض بقيمة 6 مليار دولار”.
أول أمس السبت انتشرت وثيقة تتهم محافظ صلاح الدين “عمار الجبوري” بشراء أجهزة تعقيم بأكثر من 2 مليون دولار، في وقت لا تتجاوز فيه أسعار هذه الأجهزة الـ900 مليون دينار عراقي أي قرابة 600 ألف دولار، لتفتح النار على ما توصف في العراق بالمحافظة الأشد فسادا، ويبدأ تسريب ملفات “مرفقة بالأسفل” لتجهيز المحافظة بكاميرات مراقبة حرارية ومركز السرطان وملف الكهرباء، قد تطيح بكبار مسؤولين في صلاح الدين والحكومة العراقية.
فساد مستشري..
تأتي هذه التسريبات الصادمة في وقت اطمأن فيه سكان المحافظة متأملين بتحول إيجابي على مصير مدينتهم، بعد أن أوقفت هيئة النزاهة العراقية على مدى الشهور الأخيرة من العام المنصرم الكثير من مسؤولي المحافظة بتهم فساد، بانتظار محاكمتهم.
أواخر ديسمبر/ كانون الأول الفائت اتفق نواب محافظة صلاح الدين مع المحافظ على إعفاء جميع المديرين العامين ومديري الدوائر كافة، عدا الأمنية منها في المحافظة.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية “واع”، وثيقة لمحضر اتفاق بين نواب صلاح الدين ومحافظها على 3 نقاط، بينها إقالة المديرين العامين ومديري الدوائر فيما حددوا استثناءً.
كما أوقفت هيئة النزاهة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي محافظي صلاح الدين وبابل السابقين، ورفضت شمول محافظ بابل بقانون العفو، وأصدرت أمر اعتقال بحقه.
هيئة النزاهة كشفت عن صدور أمر قبض بحق أحد أعضاء مجلس النواب حالياً “أحمد عبدالله الجبوري”، على خلفية قضية حققت فيها وأحالتها إلى القضاء، مبينة أن المتهم ارتكب مخالفات خلال مدة توليه منصب محافظ صلاح الدين، وفق وكالة الأنباء العراقية.
وقال النائب في البرلمان عن محافظة صلاح الدين “جاسم الجبارة” في وقت سابق من الشهر الماضي، إن محافظته تحتل النصيب الأكبر من الفساد، مشيرا إلى أن المحافظة ومنذ 10 سنوات مثقلة بالمشاريع الوهمية.
ما أشبه اليوم بالأمس..
باتت تسريبات الأسبوع الحالي تقض مضاجع مسؤولي صلاح الدين الجدد، وسط سخط شعبي وتداول واسع للتسريبات، مطالبين بتوضيح من المسؤولين، وبتدخل جديد لهيئة النزاهة العراقية.
ونقلت وسائل إعلام عن الصحافي العراقي “مقداد الحميدان”، تأكيده أن “هناك أكثر من 13 ملف فساد في المحافظة، أبرزها تأهيل وصيانة الكهرباء، وتركيب كاميرات حرارية، ومستشفى قسطرة القلب، وصفقة وضع حاويات نفايات”.
“الحميدان” أضاف أنّ “مركز قسطرة القلب كلفته مليارين و800 مليون دينار عراقي، في الوقت الذي تم إقرار المشروع بقيمة 5 مليار، أي تمت مضاعفة السعر تقريبا”.
وفي الملفات “المرفقة بالأسفل بالتسلسل” تم إبرام أكثر من عقد لتجهيز كاميرات تعمل على الطاقة الشمسية في المحافظة، الأول كان بقيمة 28 مليار دينار عراقي، والثاني بـ 15 مليار دينار ، مع المقاول نفسه، وغالبية الكاميرات لا تعمل وفق مصادر خاصة بمينا.
أما مركز السرطان الذي لم ينفذ على أرض الواقع بعد، فأكدت مصادر من مجلس محافظة صلاح الدين، أنه تم الموافقة على مشروع إنشاء مركز للسرطان بقيمة 16 مليار دينار عراقي، إلا أنّ الوثائق المسربة تثبت وضع المشروع في قائمة المحافظة بقيمة 25 مليار دينار عراقي، ومن ثم تم إبرام العقد بزيادة أكثر من 3 مليارات.
وأكّدت المصادر أنّه تم إقرار مشروع إنشاء مركز للسرطان في صلاح الدين منذ حوالى سنة ونصف السنة، ولكن تحول المشروع إلى قسم داخل مستشفى تكريت التعليمي الذي قامت بإنشائه إحدى المنظمات الدولية أساساً، في وقت ساهمت المحافظة في جزء بسيط فقط من التجهيزات”.
وبالنسبة لملف الكهرباء، فقد تم إبرام عقد بين المحافظة وأحد المقاولين لتجهيز مواد كهربائية لصيانة الشبكات في عموم المحافظة بقيمة حوالى 14 مليار دينار عراقي، في حين لم يشعر سكان صلاح الدين بأي تحسن لو بسيط في التيار الكهربائي، وفق مواطنين محليين.
دور إيران..
مصادر خاصة بمينا ” رفضت الكشف عن اسمها” أفادت بأن هناك الكثير من المشاريع التي قامت بها منظمات دولية، تم وضعها وبأرقام مهولة ضمن خانة برامج إدارة المحافظات، وخصوصا التي تسيطر عليها الميليشيات التابعة لإيران، تتلاعب بأرقام ومبالغ مشاريع المحافظات. وهذا ما أكده الصحافي العراقي “زياد السنجري” لوسائل إعلام قائلا إن”هناك حيتان فساد كبرى تنخر في المحافظات المنكوبة، والتي تعاني بعد تحريرها من داعش من سيطرة المليشيات الإيرانية التي تستفيد من كل ملف فساد”، مضيفا “محافظ صلاح الدين عمار جبر الجبوري يتحمل مسؤولية هذه العقود التي راحت أرباحها لجيوب الفاسدين والجماعات الموالية لطهران، بالإضافة إلى المحافظ السابق، النائب أحمد الجبوري “.