مدخل
انتقال الثورة من طابعها السلمي إلى طابعها العسكري؛ مهّد لنشوء الفصائل الإسلامية، وبالتالي عودة الفكر الإخواني إلى الواجهة من جديد في سورية من الناحيتين السياسية والعسكرية، ممثلةً بالرايات المتعددة التي ذرعت الأرض السورية من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وبتسمياتٍ متعددة وتبعياتٍ مختلفة، والسياسية المتعلقة بحضور الإخوان السياسي في الهياكل السياسية التي تشكلت على خلفية الثورة، من المجلس الوطني إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة..
هذا هو موضوع إشكاليتنا التي سنحاول تتّبعها عبر سؤالين هامّين جداً تشكّل الإجابة عنهما مقدمةً لإمكانية الانفتاح على القوى ذات التوجه الإسلامي أو (الإسلاموي) كما يصحّح بعضهم اليوم، فهذه مسألةٌ لا بد من الوقوف عندها منذ اللحظة، لتمييزها عن الإسلام كدين توحيدي خال من استثماره، أو الاستثمار فيه، أو مماهاته بالتشدد، والتطرف، ومن ثَم الإرهاب.
السؤال الأول: هل يمكن الحوار مع التيار الإخواني في ظل الشعارات الإيديولوجية التي يرفعها، والحديث هنا يدور عن الإخوان المسلمين في سورية بوضعيتهم الحالية، لتمييزهم عن باقي التنظيمات الإخوانية في عموم الوطن العربي، إن جاز التمييز وفق شكل وجود الإخوان في باقي الدول العربية وخصوصيّة كل حالة من حالاتهم.
أمّا السؤال الثاني الذي نطرحه فهو: هل عبّر أداء الإخوان المسلمين السوريين طوال السنوات العشر الماضية عن تغييرٍ ما في استراتيجيتهم تجاه قِيم العصر، وأعني الحرية، والديموقراطية، والمواطنة، وغيرها؟ أم إنه مازال حبيس التنظيرات الأولى للجماعة؟! وهذا ما سنقوم بفحصه عبر تتبع مسارهم، وأدائهم السياسي في السنوات الماضية لمحاولة تلمّس الإجابة عن هذين السؤالين.