تتعقد أحداث الشمال والشمال الشرقي من سوريا تدريجيا، ووتتشابك الخيوط بين الدول والأطراف المتصارعة هناك، فالتدخل العسكري التركي الذي أصبح بدوره واقعا حتى الساعة، يبدو أنه سيكون نقطة إنطلاق عدة مشاريع أخرى بين بقية الأطراف، في حين يرى المراقبون أن كل ما يجري لا يصب في مصلحة السوريين أو موطنهم، وما هي إلا مخططات تضرب مستقبل البلد بعد تدمير حاضره.
مسؤول كردي، كشف يوم الإثنين، عن وجود اتفاقٍ مبدأيٍ مع كل من روسيا والنظام السوري، بهدف نشر قوات الأخير على المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا، دون الكشف عن تفاصيل أكثر حول طبيعة الاتفاق وبنوده.
ولفت المسؤول، إلى أن موسكو ستعلن عن فرض حظر للطيران شمالي سوريا، وذلك بالتزامن مع توارد أنباء تناقلتها وسائل إعلامية مقربة من النظام عن دخول قواته إلى بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها ميليشيات “قسد” الكردية، كما أشار إلى الاتفاق بينهم وبين الأسد وحليفيه الروسي، هو اتفاق “عسكري”.
ذات المصادر تحدثت أن عناصر تابعة لنظام “بشار الأسد” دخلت خلال ساعات الفجر الأولى من اليوم الإثنين، بلدة تل تمر شرقي مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا.
وبينت المصادر أن انتشار عناصر النظام في المدينة جاء بعد اتفاقٍ تم مع ميليشيات قسد التي كانت تسيطر على المنطقة، في محاولة من الأخيرة قطع الطريق أمام الجيش التركي من دخول المنطقة، بالتزامن مع اشتداد القتال ضمن إطار عملة “نبع السلام” التي أطلقها الجيش التركي قبل أيام.
الأمريكان ينسحبوا
صرح وزير الدفاع الأمريكي “مارك إسبر”، خلال مقابلة تلفزيونية له، يوم الأحد، أن واشنطن تستعد لسحب نحو 1000 جندي أمريكي متبقين في شمال سوريا “بأكبر سرعة ممكنة”.
وقال “إسبر” في حديث لقناة CBS الأمريكية: “لقد علمنا خلال الـ24 ساعة الأخيرة أنهم –الأتراك- ربما ينوون توسيع نطاق هجومهم جنوبا بقدر أكبر مما كان مخططا له، وباتجاه الغرب أيضا، كما علمنا أن قوات سوريا الديمقراطية تسعى لعقد صفقة إن صح التعبير، مع السوريين والروس من أجل شن هجوم معاكس على الأتراك في الشمال”.
وأضاف “إسبر”: “القوات الأمريكية المتبقية في سوريا أصبحت بين نارين من الجيش التركي و”قسد” في وضع “لا يمكن تحمله”.
ولفتت المصادر إلى أن القوات التي دخلت مدينة تل تمر تابعة للفوج الخامس من “حرس حدود” التابع للنظام ، مشيرةً إلى أن الانتشار العسكري للنظام سيبدأ من بلدة تل تمر ومدينتي الدرباسية ورأس العين شمالي الحسكة، لمنع التوسع التركي باتجاه هذه المناطق.
سياسيا
ترأس الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” إجتماعاً لمجلس الدفاع والأمن الوطني لتقييم الوضع في شمال شرق سوريا، محذراً من ما أسماه “تجدد داعش في المنطقة، وزعزعة استقرار دائمة هناك”.
وكشفت الرئاسة الفرنسية في بيانٍ أصدرته عقب الاجتماع، أنها سوف تستخدم سلسلة قرارات تتعلق بالتطورات الحاصلة في سوريا خلال الساعات المقبلة لضمان سلامة جيشها وأفرادها المدنيين في شمال شرق سوريا، من بينها تكثيف الجهود الدبلوماسية في إطار الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للحصول على وقف فوري للهجوم التركي الجاري.
إنسانيا
على الصعيد الإنساني، أعلنت الأمم المتحدة، أن أكثر من 130 ألف شخص نزحوا عن مناطق ريفية في محيط مدينتي تل أبيض ورأس العين الحدوديتين في شمال شرق سوريا، نتيجة للقتال بين القوات التركية وفصائل كردية.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يوم الأحد، أن تقديراته ووكالات إغاثة أخرى تشير إلى أن ما يصل إلى 400 ألف مدني هناك ربما يحتاجون المساعدة والحماية في الفترة المقبلة.
هذه التطورات، تأتي في ظل استمرار عملية “نبع السلام” العسكرية التي أطلقتها تركيا يوم الأربعاء بهدف “تطهير المنطقة من إرهابيي حزب العمال الكردستاني وعناصر تنظيم الدولة “داعش”، على حد قولها.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.