ما زالت الاحتجاجات الشعبية الليبية، مستمرة خاصة أمام المصارف بسبب غياب السيولة، حيث من المتوقع أن ينفجر الوضع في أي لحظة.
المصارف حاليا لا تعطي لصاحب الحساب أكثر من 200 دينار ليبي كل شهر أو شهرين، فضلا عن انقطاع الكهرباء المستمر.
ويعاني الليبيون من انقطاع الكهرباء والماء والغاز، فضلا عن نقص كبير في السيولة والدواء. ويرى المحتجون انه من غير المعقول ان يعاني الشعب الليبي من الفقر، وهو على بحيرة من النفط والغاز
كما اندلعت الاحتجاجات نهاية الشهر الماضي، في الشوارع في العاصمة طرابلس وفي بلدة الزاوية القريبة، بسبب بالاقتصاد المنهار، وانقطاع إمدادات الكهرباء والمياه، وعجز الحكومة عن وقف تفشي فيروس كورونا في ليبيا، ثم تحولت الاحتجاجات إلى اشتباكات مسلحة وقع فيها قتلى وجرحى.
وبعد نحو أسبوع انتقلت المظاهرات من الغرب إلى الشرق، حيث تظاهر عشرات الأشخاص في بنغازي، احتجاجا أيضا على انقطاع التيار الكهربائي وظروف المعيشة وأحرقوا إطارات السيارات، وأغلقوا بعض الطرق في تعبير غیر معتاد عن مشاعر غضب واستیاء في هذه المدینة الواقعة بشرق ليبيا.
وبنغازي هي قاعدة القائد العسكري، “خلیفة حفتر”، وقوات شرق لیبیا (الجیش الوطني اللیبي) التي تقاتل حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولیاً في طرابلس، غرب البلاد.
في السياق ذاته، يعود اصل الصراع إلى أن كل أمير ميليشيا يسيطر على عدد من المصارف ويعتبرها كأنها أحد ممتلكاته التي ورثها عن اجداده.
أزمة المصارف
تتمثل ازمة المصارف بالأساس في أن سعر الدولار في السوق السوداء وصل إلى ستة دنانير ليبية، بينما سعره الرسمي في البنك 140 قرشا، وكلما تأتي أموال يتم تقاسمها بين هذه المجموعات المسلحة والطبقة السياسية.
كما أن بعض المناطق في ليبيا، ليس فيها وقود ولا بنزين ولا نفط إلا في السوق السوداء، حتى أن لتر الديزل وصل إلى ثلاثة دينارات، بينما السعر الرسمي 15 قرشا.
ومن المرجح أن تتطور الاحتجاجات وان ينفجر الوضع في أي لحظة بالنظر الى الوضع الصعب الذي وصل إليه الليبيون، خاصةً مع انقطاع الكهرباء لمدة تصل إلى 20 ساعة يوميا.
وتفيد المعطيات المتوفرة أن نسبة الليبيين الذين كان يحصلون على الكهرباء عام 2010 بلغ 81 في المئة، بينما هبط المؤشر إلى 67 في المئة في 2020، في حين تتوقع منظمة “افتحو الديمقراطية”، عودة الاحتجاجات، بسبب ما عانوه في ظل عدم الاستقرار والعنف لما يقرب عقد من الزمن.
إلى جانب ذلك، عاش الليبيون على وقع القتل، وتدمير المنازل، ليصل بهم الأمر الى حدود العيش تحت خط الفقر، على اعتبار أن الخدمات العامة والرعاية الصحية انهارت تماما وسط جائحة كورونا، وتضخمت أسعار السلع الأساسية، مع انقطاع متكرر للتيار الكهربائي يمكن أن يستمر لأيام بدون سابق إنذار، كما أصبح انقطاع المياه أمرا شائعا.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن سبب الأزمة هو الفساد المستشري في البلاد ووجود نفس الأشخاص غير المؤهلين للسلطة منذ عشر سنوات، بينما يعتبر البعض الاخر أن الأزمة أمنية في الأساس، فهم يعتقدون أن التجار يكتنزون أموالهم في بيوتهم ويخافون أن يودعوها في البنوك بسبب الإنفلات الأمني وسيطرة الميليشيات على المصارف.
حل سياسي للأزمة
بينما تعقد مباحثات عسكرية ليبية في محافظة الغردقة المصرية، بالإضافة الى مناقشات سياسية في جنيف ومدينة بوزنيقة المغربية، بين الأطراف المتخاصمة في ليبيا للاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة تمثل جميع المناطق، فإن الشارع لا يريد تكرار ذات الأشخاص في المشهد، سواء كان على المستوى العسكري أو السياسي أو الاقتصادي بعد 10 سنوات من الضياع.
لا يهم الليبيون حاليا أن يكون من منطقتهم، بل المهم أن يكون كفئا وألا يكون فاسدا وأن تكون ذمته المالية نظيفة. لا يريدون تكرار نفس الأخطاء التي أوصلتهم إلى أسفل الحد المنطقي للحياة الكريمة.
وترى منظمة “Open Democracy” ( افتحوا الديمقراطية ) أنه “مع الاستقالات القادمة من كلا الجانبين، يبدو أن حكومتي الشرق والغرب تعلمان الآن أنهما لا تستطيعان الاستمرار في الطريقة التي تسير بها الأمور”.
بعد مظاهرات بنغازي العنيفة، أعلن رئيس حكومة الشرق عبد الله الثني تقديم استقالته للبرلمان، فيما أعلن رئيس المجلس الرئاسي الحالي فايز السراج خلال الأيام القليلة الماضية استعداده لتسليم السلطة في أجل أقصاه نهاية أكتوبر، إفساحاً للمجال أمام حكومة جديدة تنبثق عن المحادثات الليبية-الليبية الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في البلاد.
في السياق ذاته، يعتبر الوصول إلى اتفاق أمني للتخلص من الميليشيات هو الحل الذي سيكرس الأمن والاستقرار، ويعيد الثقة للتجار ليعودوا لإيداع أموالهم في البنوك.
ومن بين الحلول الأخرى التي ستساهم في حل الأزمات في ليبيا هي إدارة انتخابات رئاسية وتشريعية، فالبرلمان الحالي مستمر منذ ست سنوات رغم أن مدته هي أربع سنوات، لكن تبقى المشكلة الأعظم هي كيفية تطبيق جمع السلاح وحل الميليشيات.