هيئة التحرير
دعوات جديدة لإسقاط حكومة “حسان دياب”، تأتي هذه المرة من المعسكر الداعم لها، والتي مثلتها تصريحات النائب عن تكتل لبنان القوي، “آلان عون”، التي اعتبر خلالها أن سرعة انهيار الليرة اللبنانية أسرع من وتيرة عمل الحكومة، وذلك في انتقادٍ هو الأول من نوعه، الذي تصدره قوى سياسية مشاركة في الحكومة.
ولم تقتصر دعوات السياسيين اللبنانين لاستقالة الحكومة على نواب التيار الوطني الحر، وإنما امتدت لتشمل أيضاً مقربين من حزب الله، الداعم الاول “لدياب”، حيث غرد النائب اللبناني، اللواء “جميل السيد” على حسابه في تويتر: “الحكومة لم تعد قادرة على معالجة الأزمات”.
كما غرد رئيس تيار المردة “سليمان فرنجية”: “ممثلي السنّة الحقيقيين خارج الحكومة”، مؤكدا على ضرورة الوفاق الوطني لاجتياز المرحلة”، في إشارة إلى غياب الحريري عن الحكومة، في حين دعا السياسي اللبناني، “وئام وهاب” عبر تويتر، رئيس الحكومة صراحة إلى الاستقالة.
تحركات جدية ومصالح مستقبلية
تعليقاً على تصريحات حلفاء “دياب” يكشف مصدر لبناني مطلع لمرصد مينا، بأن التيار الوطني الحر برئاسة، “جبران باسيل”، والذي تمثله كتلة لبنان القوي، بدأ خلال الساعات القليلة الماضية، تحركات جدية لإسقاط حكومة “دياب” المشارك فيها، لافتاً إلى أن قيادة التيار المتمثلة “بباسيل” ورئيس الجمهورية “ميشال عون” وصلت إلى قناعة بأن انهيار الحكومة الحالية ليس إلا مسألة وقت، خاصة مع عجزها عن تحقيق أي تقدم في أي من المشكلات التي تواجهها.
وكانت وسائل إعلام لبنانية مقربة من التيار الوطني الحر، قد كشفت عن زيارة أجراها نائب رئيس مجلس النواب والعضو في التيار، “إيلي الفرزلي”، لرئيس الحكومة السابق، “سعد الدي الحريري” خلال الساعات الماضية، بالإضافة إلى عقد رئيس التيار “جبران باسيل” اجتماع مغلق مع رئيس البرلمان، “نبيه بري”.
إلى جانب ذلك، يؤكد المصدر أن التيار الوطني يسعى لرسم خارطة سياسية جديدة في لبنان، بما يمكنه من تمرير توريث “باسيل” لمنصب رئيس الجمهورية دون مشاكل أو عقبات، وهو ما يتطلب إعادة بناء تحالفات مع الكتل الرابحة من الصراع السياسي الحالي، والتي من شأنها دعم ترشيح “باسيل” في انتخابات 2023، لا سيما وأن المعسكر الحالي للتيار فشل في رهان تجميد الشرائح السياسية الأخرى في لبنان، عبر حكومة “دياب”.
بعد الفزاعة عودة إلى المربع الأول
الحديث عن ظروف شبيهة بالتي سبقت الحرب الأهلية في لبنان، والتي تحدث عنها الرئيس “عون” قبل أيام، وصفها المصدر بأنها مجرد فزاعة حاول من خلالها “عون”، إجراء محاولة أخيرة لمنح “دياب” فرصة البقاء في السراي الحكومي وعدم الرجوع إلى خيار “الحريري”، من خلال فزاعة الحرب واستخدام لغة التخويف من المجهول، بعد أن خلت يدا الحكومة من أي انجاز يمكنها من المناورة، مؤكداً أن كل الاتجاهات تشير إلى العودة إلى المربع الأول من خلال تكليف رئيس تيار المستقبل “سعد الحريري” برئاسة الحكومة القادمة.
وكان “فرزلي” قد اعتبر عقب لقائه “الحريري”، بأن الأخير هو مدخل رئيسي في صناعة لمّ الشمل اللبناني وإنقاذ البلد، مناشداً رئيس الحكومة “حسان دياب” أن يذهب في اتجاه تسهيل الأمر لإيجاد حكومة بديلة.
إلى جانب ذلك، يحذر المصدر من وجود توجه لدى قوى العهد اللبناني، المتمثل بالتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، بالسعي لقلب الأمور في لبنان من خلال تنصيب “الحريري”، رئيساً للوزراء، موضحاً: “بعد فشل العهد في رهان استبعاد الحريري وانقلاب الشارع ضدهم، قد تسعى تلك القوى لقلب المعادلة من خلال تنصيب الحريري رئيساً للحكومة لتحميله وزر المرحلة الحالية، ما يسمح لهم بالانتقال إلى معسكر المعارضة وفتح باب أمامهم للعودة إلى الشارع وكسب صوت المتظاهرين”.
الخيار السابق، ومع إمكانية طرحه، إلا أن المصدر يراهن على فشله، على اعتبار أن “الحريري”يملك تأييداً دولياً واسعاً، يمكنه من الحصول على المساعدات المالية والقروض المطلوبة لتلافي الأزمة، لافتاً إلى أنه في كل الأحوال فإن العهد قد أخفق في تحديه وهو ما سينعكس على الصورة السياسية في لبنان مستقبلاً، على حد وصفه.
القتال حتى النفس الاخير
بدء ابتعاد الحلفاء عن حسان دياب، لا يعني من وجهة نظر الكاتب اللبناني، “بهاء العوام”، أن “دياب” سيستسلم بسهولة لدعوات الاستقالة، مؤكداً على أنه سيحاول أن يبقى على الكرسي وسيقاتل بشراسة ليثبت أنه قادر على حلحلة أزمات البلاد، مضيفاً: “دياب يظن أن فرضه على اللبنانيين من قبل حزب الله وحلفائه يكفي ليستتب له الأمر، ولكنه اكتشف أن الحزب وضعه على فوهة مدفع يقاتل به على جبهات عدة، كما أدرك أن الحراك الشعبي الذي دفع بسلفه للاستقالة، كان ناقما على الوضع وليس على سعد الحريري بشخصه”.
وكان “دياب” قد شن خلال جلسة الحكومة أمس الخميس، هجوماً على معارضيه، واصفاً إياهم بأنهم إما أدوات خارجية لإدخال لبنان في صراعات المنطقة وتحويله إلى ورقة تفاوض، وإما تستدرج الخارج وتشجعه على الإمساك بالبلد للتفاوض عليه على طاولة المصالح الدولية والإقليمية.
وضع “دياب”، وفقاً لما يراه “العوام”، لا يحسد عليه، خاصةً وأنه حصل على حكومة لا تقل سوءا عن سابقاتها، لافتاً إلى أن “دياب” ليس لاعبا رئيسياً في السياسة اللبنانية، وهو ما زاد من ضعف الحكومة وحد من قدرتها على التعامل مع الظروف الراهني.
كما يشير “العوام” إلى أن حلفاء الحكومة، الذين تستمد منهم قوتها، ليسوا بأفضل حالاتهم، حتى وإن كانوا من اللاعبين الأصليين في الساحة اللبنانية، لا سيما وانهم يشكون وطأة الضغوط الداخلية والخارجية التي تراكمت ضدهم لسنوات طويلة، في إشارة إلى حزب الله، معتبراً أنه ومنذ ولادة الحكومة الحالية وحتى اليوم يزداد الوضع سوءا، ويكبر عجزها عن التقدم وسط الألغام السياسية والاقتصادية والطائفية التي تحيط بها.
وكانت وتيرة المظاهرات قد ارتفعت في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 8000 ليرة لبنانية، وارتفاع معدلات الفقر والحاجة إلى المساعدات الغذائية إلى 50 بالمئة من إجمالي الشعب اللبناني. وسط مخاوف من تأثيرات انتشار وباء كورونا على معدلات البطالة.