هيئة التحرير
مع توجه المعارضة التونسية ومنظمات المجتمع المدني إلى خيار الشارع، بعد تجاوز رئيس البرلمان “راشد الغنوشي” لجلسة المساءلة، يكشف مصدر تونسي خاص، لمرصد مينا، أن تونس باتت على شفير ثورة جديدة، كفيلة بخلق واقع سياسي جديد في البلاد، خاصةً مع فشل القنوات القانونية والرسمية بتنفيذ مطالب المعارضة داخل البرلمان، وتزايد التوتر داخل مؤسسات الحكم الثلاث، البرلمان والرئاسة والحكومة.
وتطالب المعارضة التونسية، بإقالة رئيس حركة النهضة، “راشد الغنوشي”، من منصب رئيس البرلمان، بتهمة الارتباط مع تركيا، وتجاوز صلاحياته الدستورية، بالإضافة إلى التحقيق بعمليات فساد رعتها حركة النهضة خلال تواجدها في الحكومات التي شكلت منذ 9 سنوات، إلى جانب المطالبة بحل النظام السياسي الحالي شبه البرلماني والعودة إلى النظام الرئاسي.
حكم غير مستقر ومحكومة متناقضة
خلافاً لما هو معروف عن الائتلافات الحكومية في العالم، يلفت المصدر إلى وجود حالة صراعبين الأحزاب المشكلة للحكومة الحالية، بالإضافة إلى حالة حرب صلاحيات بين الرئاسات الثلاثة، والتي جعلت من الحكم منظومة غير مستقرة، كاشفاً عن وجود تحالف بين كل من رئيس الجمهورية “قيس سعيد” ورئيس الحكومة “إلياس الفخفاخ” لمواجهة رئيس البرلمان “الغنوشي”، في إشارة إلى أن أي تحرك شعبي جديد قد يغير المعادلة السياسية في البلاد.
وكانت حركات تونسية، من بينها تنسيقيات حراك الرابع عشر من يونيو وائتلاف الجمهورية الثالثة قد طالبت بحل البرلمان التونسي وإجراء انتخابات مبكرة، داعية إلى موجة جديدة من المظاهرات في الشارع التونسي لتحقيق تلك المطالب.
كما كشف المصدر أن الرئيس “سعيد” يميل بشكل فعلي إلى فكرتي حل البرلمان وتغيير النظام السياسي، موضحاً أن “خروج المظاهرات حالياً ستدعم موقف الرئيس على حساب الغنوشي، وستعطيه شرعية أكبر لحل البرلمان، وبالتالي تحقيق نصر سياسي على الغنوشي”.
ويقوم الحكم في تونسي على النظام شبه البرلماني، الذي يوزع الصلاحيات التنفيذية بين الرؤساء الثلاثة، وهو ما تعتبره المعارضة تعقيداً لتحديد المسؤولية عن سير أمور البلاد، وتداخلاً بين السلطات، في حين أعلنت عدة نقابات تونسية، من بينها اتحاد الشغل، أكبر مؤسسة نقابية في تونس، تأييدها لخيارات الرئيس “سعيد” في العودة إلى النظام الرئاسي، في دعمٍ واضحٍ له لمواجهة حركة النهضة.
خلافات “الغنوشي” و”سعيد” وفقاً لما يؤكده المصدر تصاعدت بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، والتي دفعت الأخير لقاء “الغنوشي” لمناقشة بعض قضايا السياسة الخارجية، لافتاً إلى أن “سعيد” برر ذلك الرفض.
موقع “تونيفيزيون” ونقلا عن مصدر وصفه بالموثوق أشار إلى ان رئيس مجلس النواب طلب لقاء رئيس الجمهورية للنقاش معه حول لائحة طلب فرنسا بالاعتذار على الحقبة الاستعمارية التي تقدم بها اتلاف الكرامة، غير ان الرئيس رفض هذا الطلب، الأمور الخارجية من صلاحيات رئيس الجمهورية فقط.
الساحة الداخلية وسياسات غير مناسبة
الحديث عن إمكانية اشتعال ثورة في تونس على حكم النهضة، يربطه المحلل السياسي، “حسام يوسف” في حديثه مع مرصد مينا، إلى البعد الكامل، بين سياسة الحركة وبين مطالب الثورة التونسية، التي أقصت نظام “بن علي” عام 2011، لافتاً إلى أن الحركة تبنت في حكمها للبلاد سياسة عقائدية مرتبطة بتوجهاتها، بمعزل عن ما تقتضيه مصالح البلاد ومطالب الشعب التونسي.
ويذهب “يوسف” في تثبيت وجهة نظره، إلى أن مطالب الثورة التونسية انحصرت بالدولة المدنية ومكافحة البطالة والفقر والتداول السلمي للسلطة، معتبراً أن النهضة، التي تسيطر على الحكم منذ 9 سنوات، لم تلتزم بتلك المطالب، واتبعت نظام حكم ديني قائم على الاصطفافات الإقليمية.
كما بلفت “يوسف” إلى أن المؤشرات الاقتصادية والمعيشية في البلاد تراجعت عن ما كانت عليه خلال فترة حكم “بن علي”، حيث ارتفعت نسبة البطالة على سبيل المثال، من 13 في المئة عام 2011 إلى 15 في المئة عام 2016، بحسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء.
وكانت بيانات وزارة المالية التونسية قد أشارت إلى ارتفاع مستوى الدين العام من 40.3 في المئة عام 2010 إلى 52.7 في المئة عام 2015، في حين ارتفع عجز الميزانية التونسية من 7.3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2011 إلى 7.9 في المئة خلال 2015, وفقاً للبنك المركزي التونسي.
أمام تلك الإحصائيات، يشير “يوسف” إلى أن مسألة قيام الثورة في تونس مسألة وقت لا أكثر، ثورة هدفها الإطاحة بحركة النهضة وتصويب مسار الثورة الأولى، على حد قوله، خاصةً وان طبيعة النظام السياسي الحالي قاصرة على الحد من استمرارية الحركة في الحكم أو الحد من صلاحيتها، وأن الشارع بات الحل الوحيد أمام المعارضة.
تركيا والسياسات خارجية
نظرة “يوسف” في سياسات حركة النهضة ودورها في إمكانية اندلاع ثورة جديدة في تونس، تتلاقى مع نظرة رئيس حزب حركة مشروع تونس، “محسن مرزوق”، الذي يؤكد على أن أزمة ليبيا كشفت عن عمق التدخل الأجنبي في تونس، في إشارة إلى تركيا، لافتاً إلى أن ذلك التدخل سيحمل تداعيات وخيمة على مستقبل “الغنوشي”، في ظل تصاعد الانتقادات والغضب الشعبي ضده.
وسبق لاتحاد الشغل التونسي أن اتهم حركة النهضة ببيع الاقتصاد التونسي، للحكومة التركية بالمجان، مقابل حصولها على الدعم السياسي، مستشهداً بقضية مطار طيبوبة التونسي، الذي قال إن الشركة التركية المشغلة للمطار لم تدفع أي عائدات للحكومة التونسية.
إلى جانب ذلك، يحذر “مرزوق” من إمكانية دخول البلاد في حالة انقسام عميقة جراء اصطفاف أحزاب بعينها وراء سياسة المحاور، وفقاً لما نشرته صحيفة العرب، مشيراً إلى أن تلك السياسة أفشلت جلسة مساءلة رئيس البرلمان ورفضت لائحة الحزب الدستوري الحر، حول ليبيا.