مع تصاعد الأزمة المعيشية والمالية في الأردن، وتراجع مستوى الدخل، تكشف إحصائيات البنك المركزي الأردني عن ارتفاع معدلات القروض، التي حصل عليها الأدنيون، خلال العامين 2018 و2019، إلى نحو 16 مليار دولار أمريكي، خاصةً مع ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء، التي اجتاحت البلاد خلال الأعوام الأخيرة.
وكان الأردن قد شهد منذ العام 2014، العديد من الاحتجاجات الشعبية، بسبب حالة الغلاء وفرض المزيد من الضرائب، والتي كان أشدها، احتجاجات دوار الداخلية عام 2012، واحتجاجات الدوار الرابع عام 2019.
سياسة الهروب إلى الإمام
حالة ارتفاع مديونية الأردنيين للبنوك وتصاعد معدلات الاقتراض، يرجعها المحلل الاقتصادي، “عمار النعيمي” إلى انعدام الحلول البديلة، وسياسات الحكومات المتالية منذ عام 2010 وحتى 2020، والتي تعتمد بشكل أساسي على حل أزمة الاقتصاد الحكومي على حساب جيوب المواطنيين، كاشفاً أن الإحصائيات غير الرسمية تكشف أن 60 في المئة من الأردنيين مدانيين للبنوك بقروض متفاوتة القيمة.
يشار إلى أن حجم العجز في الموازنة العامة الأردنية للعام 2020 وصل إلى 1.8 مليار دولار، في عجز غير مسبوق في تاريخ البلاد.
المحلل “النعيمي” يلفت إلى أن أغلب تلك القروض هي قروض معيشية، أي يأخذها المواطن لتعويض حالة النقص أو الفجوة المعيشية التي يمر فيها، أي ما يساعده على الفقز إلى الأمام قليلاً لتجاوز الأزمة المعيشية، مضيفاً: “القروض التي يحصل عليها الأردنيون ليست قروض استثمارية أو لتنفيذ أعمال تجارية، حتى يتمكنوا من سدادها لاحقاً أو التخلص من أزمتهم المعيشية بشكل جذري، وإنما هي قروض استهلاكية يبقى المواطن عاجزاً عن سدادها، ما يجعله دائماً تحت سطوة البنوك والقروض والديون”.
وكانت بيانات البنك المركزي الأردني، قد كشفت أن قيمة القروض، التي تحصل عليها الأردنيون خلال العام 2019، تجاوزت إجمالي القروض المسجلة عام 2018، بقيمة 515 مليون دولار، أي ما نسبته 3.7 بالمئة.
تعليقاً على الإحصائيات السابقة، يوضح الباحث في الاقتصاد الأردني، “عون النمري” لمرصد مينا، أن ارتفاع حد الفقر في الأردن خلال السنوات الماضية، إلى ما يقارب 800 دينار بحسب الأسعار المتداولة، وبقاء الحد الأدنى للأجور خلال تلك السنوات، عند حد 190 دينار، كان السبب الرئيسي في توجه الأردنيين إلى البنوك، لا سيما وان المعدل العام للأجور لا يتجاوز 400 دينار.
كورونا وأزمة على أزمة
في ظل ما خلفه انتشار وباء كورونا من تراجع في معدلات دخل الأسر الأردنية وارتفاع في معدلات البطالة المحتملة حتى نهاية العام، يرجح الباحث “النمري” ارتفاع معدلات القروض في الأردن خلال العام الجاري بنسبة لا تقل عن 6 بالمئة عن ما هي عليه حالياً، مقللا من دور قرار الحكومة الأردنية برفع الحد الأدنى من الأجور اعتباراً من العام القادم.
وكانت إحصائيات سابقة صادرة عن مركز بيت العمال الأردني للدراسات، قد أشارت إلى تأثر أجور أكثر من 400 ألف عامل وسط ارتفاع معدلات البطالة من 19.3 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى 23 في المئة، خلال الربع الثاني منه.
في السياق ذاته، يوضح “النمري” أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 260 ديناراً شهرياً اعتباراً من العام القادم، لا يتناسب مع حجم الغلاء والأثار الاقتصادية والمعيشية، التي شهدتها البلاد خلال العام الجاري، لافتاً إلى أن تلك الآثار وتزايد القروض سيحول الأردنيين إلى موظفي سخرة لصالح البنوك والمصارف.
إلى جانب رأي “النمري”، يشير “النعيمي” إلى أن حاجة الأردنيين للقروض خلال العام الحالي والعام القادم، سيكون أعلى بكثير من الأعوام الماضية، خاصةً وأن أكثر من 500 ألف عامل أردني مهددين بالبطالة مع حلول نهاية العام الجاري، لا سيما أصحاب المهن الحرة.
وبحسب الإحصائيات المتوفرة، فإن إجمالي عدد العمال في الأردني يصل إلى نحو 1.5 مليون عامل، نحو ثلثهم من أصحاب المهن الحرة.