حتى قبل عام من الآن، كان الرئيس الجزائري المخلوع، “عبد العزيز بوتفليقة” محور الأحداث في البلاد ومحط أنظار وسائل الإعلام المحلية والعالمية، قبل أن يضع الحراك الجزائري حداً لعشرين عاماً من الحكم، ليختفي أثر رجل الجزائر الأول والمجاهد القديم، كما يطلق عليه أنصاره في الجزائر، بشكل كامل، ولتطرح العديد من الأسئلة حول: كيف يعيش “بوتفليقة” حياته بعد أن أصبح رئيساً سابقاً؟.
بحسب مصادر مقربة من “بوتفليقة”، فإن الأخير يعيش بعيداً تماماً عن الأحداث الجارية في البلاد، التي سبق وأن كان حاكماً لها، مشيرةً في تصريحات لوكالات أنباءٍ غربية، بأنه يقيم حالياً بشكل شبه منعزل في منزل والدته وبرفقة شقيقته وكادر طبي يشرف على حالته، لافتين إلى أنه منذ تقديم استقالته؛ لا يستمع إلى الأخبار إلا نادراً، ولا يهتم بأخبار الحراك الذي أطاح به من السلطة، التي تمسك بها حتى اللحظة الأخيرة.
أما من الناحية الصحية، فقد لفتت المصادر إلى أن المرض ألزمه البقاء على الكرسي المتحرك، كما أنه في بعض الأحيان يكون غير قادر على الكلام بسبب اشتداد المرض عليه، موضحين في الوقت ذاته، أنه لا يزال يتمتع بالعديد من الميزات والامتيازات، التي كان يمتلكها أيام شغله منصبه السابق، كرئيس للجمهورية، على الرغم من دعوات العديد من المعارضين والناشطين السياسيين لتحويله إلى المحكمة ومحاسبته على موجة الفساد، التي اجتاحت البلاد طيلة سنوات حكمه، بواسطة مجموعة من المحسوبين عليه وعلى عائلته، وعلى رأسهم شقيقه، “السعيد بوتفليقة”.
إلى جانب ذلك، نقلت بعض وسائل الإعلام عن عضو بالطاقم الطبي المشرف على “بوتفليقة” تأكيده بأن الرئيس المخلوع يقضي معظم أوقاته في حديقة الفيلا، التي يعيش فيها حالياً، والتي تحيط بها العديد من المنازل والفلل التابعة للبعثات الأجنبية في الجزائر، لافتاً إلى أن “بوتفليقة” لا يزال يتنقل بين الحديقة والمنزل بواسطة كرسيه المتحرك.
وفقاً للمصادر المقربة من العائلة، فإن بوتفليقة، لا يستقبل الزوار أبداً باستثناء أفراد العائلة، مؤكدةً أن شقيقته “زهور”، وهي أمينة سره وأقرب الناس إليه بعد شقيقه “السعيد”، هي التي تتولى رعاية شؤونه الخاصة، من خلال إدارة فريقٍ من العاملين داخل الفيلا، مهمتهم الطبخ وتنظيف البيت والسهر على راحة الرئيس السابق.
كما تحدثت المصادر عن وضع نفسي صعب يعيشيه “بوتفليقة” بسبب قضية شقيقه “السعيد” المعتقل منذ أشهر بتهم فساد واستغلال نفوذ، كاشفةً أن قسم من العائلة طلب من الرئيس السابق أن يتواصل مع قائد الجيش الجزائري الراحل، “أحمد قايد صالح”؛ للتوسط لديه بخصوص قضية “السعيد”، وهو ما رفضه “بوتفليقة”، موضحاً أن الطريقة، التي أجبر فيها على تقديم استقالته؛ تشير إلى أن وساطته لن تقدم شيء ولن تغير من وضع شقيقه في السجن.
وأضاف “بوتفيلقة” بحسب ما نقلته المصادر: “الأسلوب المتبع ضدي في إجباري على الاستقالة يؤكد أنني أنا شخصياً وعائلتي في عين الإعصار، ولهذا لا جدوى من أي خطوة لفك أسر السعيد”.
إلى جانب ذلك، أكدت المصادر أن الرئيس المخلوع ورغم كل ما يعانيه من مشكلات صحية وعدم متابعته للأخبار، إلا أنه يدرك تماماً ما يجري من حوله، بالإضافة إلى أنه يبدي اهتماماً بالغاً ومستمراً بتطورات قضية شقيقه، حيث يطلب من شقيقه الآخر، “عبد الرحيم” أن يوافيه بكل تفاصيل الإجراءات المتبعة من طرف المحامين، وكان آخرها طلب الإفراج المؤقت عنه، الذي رفضته غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف العسكرية.
أما عن الحراك الجزائري والذي لا يزال الكثير من قادته يطالبون بمحاكمة “بوتفليقة” مع أركان حكمه، فقد أشارت المصادر إلى أن مجموعة من المقربين منه سمعوه يتحدث مع شقيقته “زهور”، عن استغرابه من شدة التحامل عليه، قائلاً: لا أفهم سر كل هذا التحامل عليّ، لقد تسلمت الحكم والبلد على كف عفريت، الإرهاب يقتل، والناس خائفون على مستقبلهم، والاقتصاد منهار، طلبني الشعب بقوة فلبيت النداء، وتحملت مسؤولياتي بأن أعدت الأمن إلى البلد، ووضعت الجزائر في كل المحافل العالمية الكبرى، بعد أن عاشت عزلة دولية كبيرة، وصالحت بين أبناء الجزائر بعد أن كانوا يقتل بعضهم بعضاً، والعالم يتفرَج عليهم، حاولت بكل طاقتي أن أصحح الاختلالات في الاقتصاد، ربما عجزت عن ذلك، وربما خدعني من وضعت فيهم ثقتي بأن وليتهم مناصب مسؤولية كبيرة، وهم ليسوا أهلا لثقتي، ولكن أبداً لم يكن في نيتي الإساءة للبلد”.