يُعرف في علم السياسة، أن اللقاءات الرئاسية تحظى باهتمام منقطع النظير من حيث الترتيب وخطوات التنفيذ، فهي تعكس رسائل سياسية لا تقل قيمة عن تلك التي يخوضها الزعماء وراء الأبواب المغلقة أو بالعلن، وهذه الملامح عادة ما تعكس المواقف الضمنية بين الرؤساء يصعب نطقها من قبلهما.
في اللقاء الثنائي الأخير، الذي جرى بين بوتين وأرودغان في موسكو، لبحث ملف الشمال السوري، وعلى رأسه إدلب، تخلل اللقاء لقطات حادة، وقف عندها جمهور المشاهدين حول العالم، وأحدثت ضجيجا في الأوساط السورية والتركية والروسية.
بدءا من التصريحات عقب الاجتماع المغلق لبوتين وأردوغان، إلى بيانات الخارجية لكل من الدولتين، فقرئت نتائج التفاهمات على عجل وكأن كل طرف يريد المغادرة بأسرع وقت، في حين أن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، يبدو قد تعمد إبقاء الوفد المرافق للرئيس التركي أردوغان واقفا على قدميه، وكأنهم في مدرسة وهو مديرها، وقالوا مغردون: يبدو أن بوتين أراد إظهارهم ضعفاء يبجلون مدير المدرسة.
فالوفد المرافق لأردوغان، والمكون من كبار دولته، أبقاهم بوتين، واقفين باستعداد، لم يقدم لهم أية مقاعد للجلوس والاستماع لتلاوة البيان المتفق عليها بين موسكو وأنقرة.
قبل ذلك أيضا، سار الرئيس بوتين بجوار الوفد التركي، دون مصافحته أو الوقوف عنده، أو إلقاء التحية عليهم، بل أكمل طريقه نحو المنصة المخصصة له وكأن أحدًا لم يكن بجواره!.
أما القاعة التي اختارها بوتين للقاء، فكانت تحمل دلالات أخرى، دلالات تشير لافتخار روسيا بكسر الدولة العثمانية المفترض أن أردوغان يعتز بها فهي الحاضرة بعدة تصريحات له، إن لم نقل بشكل دوري، إذ قام بوتين بوضع تماثيل الجنود الروس الذين هزموا الخلافة العثمانية في بلغاريا عام 1877 و الامبراطورة كاثرين التي هزمت العثمانيين في جزيرة القرم.
وقبل اللقاء أيضا، أثارت وزارة الخارجية الروسية جدلا على موقع تويتر بتغريدة عن الحرب الروسية-التركية في الفترة بين عامي 1877 و1878، والذي فسره مغردون على أنه استدعاء تاريخي في سياق التوتر الحالي.
وكتب حساب الخارجية الروسية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “المعارك الحاسمة للحرب الروسية-التركية في الفترة من عام 1877 إلى 1878 وقعت في بلغاريا. بلغاريا أعلنت يوما وطنيا، يوم التحرير الوطني، لإحياء تاريخ توقيع اتفاقية سان ستيفانو، عندما تحررت البلد من الحكم العثماني”.
لقاء أردوغان- بوتين جاء لبحث المستجدات في محافظة إدلب شمال غربي سورية بعد التصعيد الأخير الذي شهدته المنطقة، والذي بلغ ذروته بمقتل 33 جنديًا تركيًّا الأسبوع الماضي نتيجة لقصف جوي لقوات النظام السوري على منطقة “خفض التصعيد”.
وتوصل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان، إلى حزمة قرارات لتخفيف التوتر في إدلب السورية تشمل إعلان وقف إطلاق النار منذ منتصف الليل وإنشاء ممر آمن بالمنطقة، وأعلن أردوغان عن التوصل لوثيقة مشتركة حول القرارات التي اتفق عليها الطرفان بشأن إدلب.
بوتين من جهته، أكد أنهم مقتنعون بعدم خفض وتيرة مكافحة الإرهاب في سوريا والحفاظ على سيادتها، في حين أكد أردوغان أن المسؤولية الأساسية عن التوتر في إدلب يتحملها النظام السوري، ليؤكد أيضًا أن التعاون بين روسيا وتركيا غير مسبوق واتفقنا على تعزيزه.
وأعلن الرئيس التركي أردوغان أنهم اتفقوا مع بوتين على إعلان وقف إطلاق النار في إدلب منذ منتصف الليل وصبيحة يوم الجمعة، كما وأشار وزير الخارجية الروسي لافروف، إلى أن روسيا وتركيا اتفقتا على إنشاء ممر آمن في منطقة إدلب.