“محرمات تمس بمعنويات وسمعة المقاتل الحديدي للحزب” بهذه الحجة يعتم حزب الله اللبناني على الحالة النفسية والاجتماعية لمقاتليه العائدين من سوريا.
مصادر خاصة من مناطق حزب الله أفادت بأنه “يتردد في الآونة الاخيرة في مجالس مناصري “حزب الله” ومحازبيه، وعلى نطاق ضيق ان العديد من عناصره العائدين من سوريا، والذين شاركوا لسنوات في الحرب ضد فصائل المعارضة السورية بتلاوينها كافة، يخضعون للعلاج النفسي في مصحات محدودة العدد على امتداد لبنان وهي موزعة بين الجنوب والضاحية”.
الحزب بحسب “موقع جنوبية” افتتح مراكز لمعالجة عناصره نفسياً في مناطقه، يتم التعاطي فيها بطريقة سرية للغاية، لدرجة أن يطلق عليها اسم مستوصفات طبية أو عيادات الخارجية وبعضها يسمى مختبراً او مركزاً للعلاج الفيزيائي.
وكشفت أن الحزب افتتح لعناصره حديثا ثلاثة مراكز للعلاج النفسي في منطقة صور وقرى “الشريط الحدودي” سابقاً.
بين التعتيم والإفصاح
طفت على السطح مؤخرا حالات عدة في الجنوب والبقاع اللبنانيين والضاحية الجنوبية لبيروت، استياءات داخل الحاضنة الشعبية للثنائي الشيعي تمثلت بانفلات أمني وترهيب للأهالي، عبر اشتباكات بين الطرفين على تجارة الدولار وإطلاق نار عشوائي ورمي قنابل وسط الاحياء المأهولة بالسكان من قبل عناصر كانوا يقاتلون في سوريا تحت راية حزب الله، الذي برر بعض التصرفات بالحالة النفسية والصحية لهم لإسكات الأهالي.
وفي آخر الأحداث، عمم الثنائي الشيعي أن “وسام جهير” المقاتل السابق في فرقة الرضوان النخبوية والعائد حديثا من الحرب في سوريا، والذي رمى قنابل يدوية وسط صور قبل نحو أسبوع فيما أطلق عليه “ليلة الترويع المتفجرة”، يعاني من مشاكل صحية نفسية وعصبية، حسب الرواية الرسمية للثنائي الشيعي، ليتبين فيما بعد أن القصة ليست مرتبطة كما اشار بيان الثنائي في صور بحالة نفسية وعصبية، بل بتصفية حسابات مالية وتنظيمية بين جهير و”حزب الله” بعد طرده من “فرقة الرضوان” وشركة الغام ايرانية كان يعمل فيها في الجنوب بعد عودته من القتال في سوريا، لمشاركته في تجارة الدولار “الشنطة” غير الشرعية للدولارات والتي راح ضحيتها عنصر للحزب في حي السلم.
في القصة اختفى “جهير” بعد تسلم “حزب الله” له من “المخابرات”بساعات، ويتردد انه موقوف لدى امن “حزب الله” في الضاحية الذي سارع الى “طمطمة” قصة جهير وسحبها من التداول الاعلامي والشعبي والامني، بعد تبينه ان عناصره السابقون او المستغنى عن خدماتهم قنابل موقوتة، وان لا امكانية للسيطرة على عنف زرعه بقلوبهم للصمود في معارك سوريا الشرسة والقاسية، حسب مصادر،فيما قال آخرون إن “جهير” حاليا في مركز صحي سري تابع لحزب الله ويتلقى علاجا نفسيا.
مصادر خاصة لمينا أفادت بأن الحزب لجأ دائما إلى حجة الحالة النفسية لمناصريه، عند ارتكابهم أفعال ترهب السكان، وأخرج مقاتلين من السجن، بعد ارتكابهم جرائم تستحق المعاقبة بالحجة ذاتها.
لا تلقى رواية الحزب رواجاً في مناطقه بل باتوا يشككون بالتناقض الفاضح للحزب، وهو الذي يتكتم على قضية الحالة النفسية والعصبية، اذ يعتبرها نقيصة وهز لـ”أساطير بشرية”، هو صنعها وادلج عنها الروايات وقدّس موتها على اعتبار انها اصناف بشرية خارقة
.اضطراب ما بعد الصدمة
اكتئاب مترافق مع أفكار سودواية مثل الانتحار، وحالة نفسية يعاني منها الفرد في أعقاب تعرضه لحدث يهدد حياته مثل القتال العسكري أو الكوارث الطبيعية أو الحوادث الإرهابية أو الحوادث الخطيرة أو الاعتداءات الشخصية العنيفة مثل الاغتصاب، بهذا يعرف ما يسمى علميا “اضطراب ما بعد الصدمة”، والأكثر عرضة له هم المقاتلون العائدون من حروب شوارع تعتمد على عنصر المباغتة وتمتد على فترات زمنية طويلة.
ويسبق اضطراب ما بعد الصدمة استنادا إلى تعريف الاضطراب، حادثا واحدا أو عدة حوادث كارثية أو تهديدات استثنائية، و ليس من الضروري أن يكون التهديد هذا موجها إلى الشخص ذاته، بل يمكن أن يكون موجها إلى أشخاص آخرين مثلا إذا كان الشخص شاهدا لحادث خطير أو عمل من أعمال العنف، ويؤدي الحادث الصادم إلى اهتزاز فهم الشخص لذاته والعالم من حوله وإلى تشكل أحاسيس العجز لديه.
في مجتمعاتنا يجمع خبراء ان المجتمع لا يساند المقاتل العائد، وان حالة المقاتل الشرس ” المؤمن” لا يخدشها مرض والذين يحاولون بدورهم إظهار أنهم مقاتلون أقوياء،مما يعرضهم للانحراف والعجب، الذي يبرز على شكل عنيف داخل المجتمع، يصل لحد قتل آخرين أو الانتحار.
وهو ما كشف عنه مقاتل سابق في “حزب الله” لـموقع جنوبية ان المقاتل قد يكون شجاع، لكن هذا لا يعني ان الحرب نزهة او ان لا أحد يخاف من الموت. ويؤكد انه صادف في معارك سوريا بين 2013 و2014 وكانت قاسية جداً العديد من المقاتلين الصغار وعديمي الخبرة العسكرية ولم يخوضوا معارك سابقة، فكان منهم من يبكي ويخاف من صوت الرصاص والبعض هاله ما رآه من موت وقتل الى درجة الحزن والكآبة.