فشلت الجولة الخامسة من محادثات اللجنة الدستورية السورية التي اجتمعت على مدى خمسة أيام دون التوصل إلى أي توافق، اذ غاب ممثلي منصتي موسكو والقاهرة عن اللقاءات.
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا “غير بيدرسون” أعرب عن خيبة أمله بعد المحادثات التي أجريت هذا الأسبوع في جنيف حول الدستور السوري، مؤكداً أن “الأطراف المشاركة لم تتمكن من الاتفاق على منهجية للعمل”.
وأعلن المبعوث “بيدرسون” أنه “بعد الدورة الخامسة للمجموعة المصغرة عن اللجنة الدستورية لا يمكن أن نستمر هكذا كان أسبوعاً مخيباً للآمال”. موضحاً أنه “ينبغي وضع آلية تسمح للأطراف بتحديد نقاط التوافق والاختلاف بهدف العمل على مراجعة الدستور”.
مقاربة غير ناجحة..
المجموعة المصغرة في اللجنة الدستورية تتألف من 45 عضواً يمثلون بالتساوي الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني، ومكلفة بمراجعة دستور العام 2012 وقد تشكلت في سبتمبر من العام 2019 وعقدت أولى اجتماعاتها بعد شهر من ذلك في جنيف بحضور 150 شخصاً.
إلى جانب ذلك، أكد “بيدوروس”، أن “المعارضة اقترحت بداية منهجيات للعمل، لكن ممثلي الأسد رفضوا تلك المقترحات قبل أن يرفضوا أيضاً مقترحاً وضعه المبعوث الأممي”. لافتاً إلى أن “المقاربة الحالية غير ناجحة، ولا يمكن لنا أن نستمر بالاجتماع ما لم نُغيّر ذلك”.
واقترحت المعارضة بأن يُقدّم كلّ طرف مبادئ دستوريّة من أجل إيجاد قواسم مشتركة، وعرضت تسعة مبادئ دستورية بينها السيادة والحريات الأساسية.
عضو هيئة التفاوض السورية “أحمد شبيب” أكد لـ”مرصد مينا” أن “فشل الجولة الأخيرة متوقع، لان نظام الأسد يصر على الامبالاة وأوهام الحل العسكري مازالت في ذهنه وهي المحرك لسلوكه العقيم في تعطيل المسار السياسي وتطبيق القرار 2254”.
ولفت “شبيب إلى أن “نظام الأسد يتذرع دائماً في هذا التعطيل بعبارة ( بقيادة سورية ) والتي وردت في القرار 2254 ويستغلها أيضاً من أجل تقزيم وتحديد دور ووساطة الأمم المتحدة ” مؤكداً أن “تدخل ايران الهدام وتحكمه بالقرار السياسي سيكون له نتائج لاتحمد عقباها”.
مسار معطل..
من جهته، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك “ستيفان دوجاريك” إن “إحباط بيدرسون واضح من خلال تصريحه”، اذ ينوي التوجه إلى دمشق “في المستقبل القريب” لإجراء مناقشات حول “آلية” تسمح للأطراف بتحديد نقاط التوافق والاختلاف.
وأوضح عضو هيئة التفاوض “شبيب” إلى أن “الهيئة ستدرس خياراتها قريباً آخذين بعين الاعتبار سلبية وفد النظام في اللجنة، اذ تتناقش مع كل الكيانات والأحزاب والشخصيات الوطنية السورية الممثلة وغير الممثلة في هيئة التفاوض، بالاضافة إلى أنها ستجري الاتصالات الدولية والاقليمية لشرح مآلات عمل اللجنة الدستورية ومخاطر ذلك على عموم المسار السياسي المعطل”.
يشار إلى أن مجموعة “أستانة” التي تضمّ روسيا وإيران وتركيا، أعلنت عن دعمها الكامل لاجتماعات اللجنة الدستوريّة السوريّة المصغرة، مؤكدةً على “ضرورة أن يحكم أعمال هذه اللجنة خلال اجتماعاتها في جنيف، شعور بالحل الوسط والمشاركة البناءة دون تدخل أجنبي أو جدول زمني مفروض من الخارج”، بهدف التوصل إلى اتفاق بين أعضائها”.
وكان الرئيس المشارك للجنة الدستورية “هادي البحرة”، شدد على أن “إطالة عمل اللجنة الدستورية يؤدي إلى إطالة معاناة أهالي سوريا، والاستمرار على الوتيرة الزمنية الحالية من اجتماعات اللجنة الدستورية هو إجحاف بحق السوريين”.
كما أشار خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد انتهاء أعمال الدورة الخامسة في جنيف، إلى أن “وفد اللجنة الدستورية الممثل للمعارضة السورية وضع أقصى جهده لوضع منهجية للمفاوضات، لكن بكل أسف تم رفض المنهجية”. مذكراً الدول الأعضاء في مجلس الأمن أنه مضى ما يقارب العام والثلاثة أشهر من تأسيس اللجنة، ولم تعقد خلالها سوى خمس اجتماعات، دون أن تتمكن بممارسة المهام الموكلة لها، وهي صياغة الدستور الجديد لسورية، والقيام بعملية الإصلاح الدستوري الشاملة”.
وأوضحت مصادر مطلعة أن “وفد النظام السوري تركز حديثه خلال الجولة عن خطورة الاحتلال، وخروج القوى الأجنبية من سوريا، ورفع العقوبات أحادية الجانب عن سوريا، اذ طلب من الوفود استطلاع رؤى بعضها البعض حول الدستور، قبل الدخول في دراسة المقترحات الخاصة بالصياغة”.
التعطيل ووقف الدعم..
وشهدت الفترة الأخيرة، خلافات طفت على السطح مؤخرا بين مكونات الهيئة التي تخوض مفاوضات منذ أشهر مع حكومة النظام السوري حول صياغة دستور جديد للبلاد.
عضو هيئة التفاوض “شبيب” أكد لـ”مرصد مينا” أن “تعطيل هيئة التفاوض، لن يؤثر على عمل اللجنة الدستورية كون الهيئة هي المرجعية السياسية والفنية للجنة الدستورية ويجب أن تكون فعالة ونشيطة من أجل القيام بالمهمة الوطنية الملقاة على عاتقها، ولكن سلبية أداء وفد النظام هو من أوقف العمل”.
وكانت السعودية علقت عمل موظفي هيئة التفاوض السورية في الرياض بدءا من نهاية الشهر الجاري، وذلك وسط خلافات ضمن الهيئة المكونة من مجموعة قوى معارضة سورية
كما، كشف “شبيب” إلى أنه “يوجد نقاش هاديء وبناء بين مكونات هيئة التفاوض والجميع يشعر بالمسؤولية الوطنية وضرورة حل الخلافات، وهذا هو الأمل الحقيقي”، موضحاً أن “منصة القاهرة أحد أهم الحوامل السياسية للدور العربي، لأننا نؤمن بأن أي مساحة يتركها العرب سيملأها الآخرين، ودائماً مانسمع من أخواننا العرب القول الطيب، ونثمن مساعداتهم لاخوانهم السوريين في هذه المحنة على مختلف الصعد”.
وتجمع “هيئة التفاوض” مكونات مختلفة تحت مظلتها، انبثقت عن محادثات مؤتمر “الرياض 1″، في ديسمبر 2015، وتعرف بأنها المرجعية السياسية لتوحيد المعارضة السورية، لكن هذه الوحدة لم تصل إلى مبتغاها في السنوات الماضية، وهو أمر يرتبط وفق مراقبين بالأطراف الدولية المتشعبة، والتي يحسب كل طرف معارض على كل منها.