يعيش العراق اليوم على وقع أزمتين داخليتين مترابطتين، مثلها الفراغ السياسي المستمر منذ فرضت احتجاجات الجماهير الغاضبة على حكومة عادل عبد المهدي الاستقالة، ليفشل عدّة مرشحين بتبوء منصب رئاسة الوزراء لأسباب متداخلة.. ثم جاءت أزمة وباء كورونا ليصل الزيت على النار في الواقع العراقي الذي يعاني من أزماته قبلًا.. خصوصًا مع ما فرضته الحائحة من حجر صحي وتوقف نشاط المجتمع اقتصاديًا المرافق لتراجع الاقتصاد العراقي بسبب تراجع النفط عالميًا بعد كورونا وحروب الأسعار لتضيف ضغطًا جديدًا أمام الحكومة حول تأمين مستلزمات واحتياجات الناس مع معالجة التردي الإقتصادي.
وبعد أن فشل الزرفي في تشكيل حكومته وتراجع عن خطوته تلك (بسبب الصراع الأمريكي الإيراني في العراق) جرى تكليف رئيس المخابرات العراقية “مصطفى الكاظمي” بمهمة تشكيل الحكومة في ظل صعوبات عديدة تواجه خطواته تلك في ظل صراع أجنحة الدولة والبيت الشيعي بمواجهة بقية المكونات.
واليوم، كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، عن كيفية توزيع الحقائب الوزارية بين المكونات (الشيعة والسنة والأكراد).
المصدر وفي تصريح لوكالة “شفق نيوز” العراقية، وبعد أن رفض ذكر اسمه لحساسية المعلومات، قال إن “الكابينة الوزارية في حكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي ستتألف من 22 وزارة”.
ليوضح أن “الوزارات ستتوزع على المكونات كالتالي: 11 وزارة للمكون الشيعي، و6 للمكون السني، و4 للمكون الكردي، ووزارة واحدة للأقليات (المسيحيون أو التركمان)”.
وأضاف المصدر، أن “بعض أسماء المرشحين لتلك الوزارات قدمتها والأحزاب السياسية والبعض الآخر مرشحين من قبل الكاظمي نفسه”.
كما نوّه إلى أن “هناك مرشحين أو ثلاثة لكل وزارة، وسيتم اختيار أحدهم لتولي الحقيبة الوزارية في الحكومة المقبلة بعد حصوله على ثقة مجلس النواب”.
بدوره، كشف النائب عن كتلة دولة القانون علي جبار الغانمي، عن قيام بعض الكتل السياسية بتسليم رئيس مجلس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي قائمة بأسماء مرشحيها للحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة.
وأكد الغانمي، أن “المحاصصة الحزبية والتقسيم الوزاري حاضرة في حكومة الكاظمي”، مبينا أن “الكتل السياسية لن تتنازل عن استحقاقها لا في حكومة الكاظمي ولا في الحكومات المقبلة”.
إلى ذلك، يعتزم تحالف القوى العراقية، برئاسة محمد الحلبوسي تقديم أسماء مرشحين لبعض وزارات حكومة الكاظمي، كاستحقاق للمكون السني، وفق ما أبلغه القيادي في التحالف صباح الكربولي للوكالة.
وقال تحالف الفتح برئاسة هادي العامري، اليوم الاربعاء، إن رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي يواجه الشروط والمطالب ذاتها التي دفعت المكلف الاسبق محمد توفيق علاوي إلى الانسحاب من تشكيل الحكومة.
يذكر أن الكاظمي صرّح الثلاثاء الماضي أن أسماء أعضاء تشكيلته الحكومية أصبحت جاهزة وأنه يتفاوض مع الكتل السياسية بشأنها من أجل تمرير تشكيلته داخل البرلمان العراقي بأسرع وقت.
وقال الكاظمي ملمحًا للصعوبات التي تواجهه، إنه رئيس حكومة أزمة “ولا يمتلك لا هو ولا غيره عصا سحرية” لحل الازمات التي يمر بها العراق.
حكومة مؤقتة وواقع متأزم
أدار رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، اجتماعا مشتركا لمناقشة الأوضاع الاقتصادية في العراق، حيث طرحا رؤيتان للواقع الاقتصادي والاجتماعي بعد وباء كورونا وانخفاض النفط.
وأصدر مكتب عبد المهدي بيانًا جاء فيه أنه “عُقد في القصر الحكومي، صباح اليوم الخميس، اجتماع مشترك برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، لمناقشة الوضع المالي والاقتصادي والإنفاق الحكومي في ظل انخفاض أسعار النفط العالمية وتراجع الطلب عليه وجائحة كورونا واستحقاقات الموازنة المالية ، وبحث الخطط والاجراءات والحلول المقترحةلمواجهة هذه الأزمة التي يتعرض لها العراق وجميع دول العالم.
وفقًا للبيان، حضر الاجتماع الذي دعا اليه عبدالمهدي “النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي ونائبا رئيس مجلس الوزراء وزيرا النفط والمالية ووزير التخطيط ورؤساء اللجان المالية والاقتصادية والطاقة في مجلس النواب ومحافظ البنك المركزي وعدد من وكلاء الوزراء والمستشارين”.
البيان أكد أن “رئيسي مجلسي النواب والوزراء عرضا رؤيتهما للواقع الاقتصادي والاجتماعي والحلول اللازمة، وفي مقدمتها ضرورة تعظيم موارد الدولة وتقليل الاعتماد على النفط وحماية الطبقات الاجتماعية الأضعف وتحقيق الأمن المجتمعي والغذائي والدوائي، وأكدا على التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية واستمرار الاجتماعات والتشاور بين اللجان المختصة للتوصل الى أفضل الحلول والاجراءات بما يلبي احتياجات المواطنين ويحقق العدالة الاجتماعية والمصلحة العليا للبلاد”.
كما وجرى الاستماع الى “شرح مفصل قدمه وزير النفط عن موقف العراق من انخفاض أسعار النفط وتحديد حصص جميع الدول المنتجة خلال اجتماع منظمة اوبك الأخير، وعرض وزير المالية الوضع المالي والايرادات والنفقات ومتطلبات الموازنة المالية ، كما قدم وزير التخطيط ورؤساء اللجان النيابية عددا من المقترحات والمعالجات الاقتصادية”.
الأمم المتحدة تتابع
استقبل رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، يوم أمس الأربعاء، في مقرِّ إقامته بمدينة الفلوجة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، حيث جرى خلال اللقاء مناقشة الأوضاع السياسية في البلاد، وملف تشكيل الحكومة القادمة، مع التأكيد على ضرورة أن يكون برنامجها واقعيا ينسجم مع تحديات المرحلة ويلبي متطلبات الشعب”.
كما بحث اللقاء وفقا لبيان أصدره مكتب الحلبوسي “أهم الخطوات التي اتخذتها مؤسسات الدولة؛ للحدِّ من انتشار وباء كورونا بشكل أوسع، والجهود والتدابير اللازمة لمواجهة الأزمة”.